البطريرك الرّاعي استقبل مخزومي وفرنجية في الدّيمان
وفي تصريح له بعد اللّقاء، قال مخزومي: "لقائي مع صاحب الغبطة كان للبحث في التّطوّرات الصّعبة الّتي يمرّ بها البلد، وخاصّة مع اقتراب الذّكرى المشؤومة لتفجير مرفأ بيروت في الرّابع من آب، حيث من المحزن أنّ الطّبقة الحاكمة أو الفاسدة كما يسمّيها الشّعب والّتي أوصلتنا إلى الخراب على مختلف الصّعد، وعدت بالكشف عن مرتكبي هذه الجريمة، ولليوم لا جديد في هذا الملفّ، وعندما طُرح موضوع رفع الحصانات عن المتهمّين في تفجير 4 آب من القاضي بيطار الّذي نعزّ ونحترم ونعتقد أنّه قادر على السّير بتحقيق شفّاف وإحداث تغيير، قرّرت الطّبقة الفاسدة سحب التّحقيق مع الوزراء والنّوّاب من المجلس العدليّ وتحويله إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرّؤساء والوزراء، علمًا بأنّ هذه المحكمة تهيمن عليها الطّبقة الحاكمة عينها والّتي حتّى لو اتّخذت القرار، سيكون على ثلثي مجلس النّوّاب إعطاء الموافقة، وهذه الخطوة هي بمثابة القضاء على ملفّ التّحقيق ورفع الحصانات الّذي كنت أوّل من طالب به".
أضاف مخزومي: "الملفّ الآخر الّذي تطرّقت إليه مع غبطته هو الاستشارات الّتي ستنطلق الاثنين المقبل، فالمجتمع الدّوليّ ينتظر حكومة مستقلّين تنفّذ إصلاحات لنتمكّن من بناء البلد وإعادة الثّقة بلبنان أمام العالم، لم يعد هناك 8 و14 آذار بل هناك طبقة فاسدة من لون واحد تحمي بعضها البعض في الحكومة وفي مجلس النّوّاب وفي مختلف أجهزة الدّولة وفي القضاء. والشّخص الوحيد الّذي يمكن أن يخلّص البلد ممّا هو فيه هو شخص مكروه وممقوت من الطّبقة الحاكمة والّتي تتلطّى خلف مفهوم الشّرعيّة، فهذه الطّبقة لن ترضى بالإصلاح".
وتحدّث مخزومي عن "المسرحيّة الأخيرة المتمثّلة في استدانة 860 مليون دولار لشراء الأصوات الانتخابية تحت مسمّى البطاقة التّمويليّة، وقال: "نحن اليوم نريد حكومة مستقلّين بالفعل من خارج المنظومة الحاكمة".
وتمنّى على المغتربين "مساعدة البلد، فهم الوحيدون الّذين وقفوا الى جانب لبنان بشكل فعليّ منذ الحرب الأهليّة عبر تحويل بين 5 و7 مليار دولار سنويًّا أيّ أكثر من أيّ مبلغ يمكن أن يقدمّه صندوق النّقد أو البنك الدّوليّ". ورأى أنّ "المنظومة الحاكمة لا يمكنها اللّعب على المستوى الإقليميّ ولا أن تكون طرفًا في الصّراعات القائمة، لأنّ ذلك من شأنه التّأثير على أكثر من 450 ألف لبنانيّ في دول الخليج".
وردًّا على سؤال عن الشّخصيّة الّتي يجب تكليفها تشكيل الحكومة، ختم قائلاً: "المسألة ليست مسألة شخص يتولّى موقع رئاسة الوزراء بل هي البرنامج والخطط المناسبة للإصلاح، وبرأيي المنظومة القائمة لن تسمح بأن يتولّى هذه المهمّة شخص من شأنه أن يكشف فسادها ويفتح جميع الملفّات الّتي تدينها. وأنا مستعدّ لتولّي هذه المهمّة في حال كانت هناك نيّة جدّيّة للإصلاح."
ثمّ استقبل البطريرك الرّاعي رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية يرافقه النّائب طوني فرنجيّة والمونسينيور إسطفان فرنجية. وبعد اللّقاء، قال فرنجية في حديث أمام الإعلاميّين: "جئنا كما كلّ سنة لزيارة صاحب الغبطة، وماذا يمكن أن نقول أمام الظّروف الرّاهنة الّتي يعاني منها جميع النّاس، فلم يعد هناك طبقة وسطى في البلد وازداد الفقر والوضع ليس بخير، والكنيسة لها واجب اجتماعيّ وغبطته يسعى ويحاول حلّ مشكلة النّاس، كما على كلّ منّا واجب اجتماعيّ وهذا أهم من السّياسة، إلّا أنّه لا يمكن لأحد أن يحلّ مكان الدّولة الّتي من المهمّ أن تكون موجودة ليطمئن المواطن".
وأضاف فرنجية: "صاحب الغبطة يصلّي من أجل وقف الانهيار على الأقلّ، وأملنا بتأليف الحكومة كبير وأملنا أيضًا بتكليف رئيس حكومة يريح الشّعب اللّبنانيّ والمجمتع الدّوليّ، لا يمكننا القول أنّنا متفائلون أو متشائمون بل يمكننا القول إنّنا نصلّي، ونأمل بتشكيل حكومة لنحسم أمر المشاركة فيها بناءً على شكلها، لكنّي سأدعم أيّ حكومة تحلّ مشكلة البلد".
وردًّا على سؤال عن من سيسمّي "التّكتّل الوطنيّ" في الاستشارات قال فرنجية: "سأسمّي إمّا فيصل كرامي أو نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة، اللّذين تربطنا بهما علاقة شخصيّة".
وعن المشاركة بالحكومة، قال: "سأرى شكل الحكومة لأحسم مشاركتي، فإذا كانت من طرف واحد لن أشارك وكذلك إذا كان لدى فريق العهد أكثر من الثّلث لن أشارك أيضًا. أدعم أيّ حكومة تعمل على حلّ مشكلة البلد سواء كنّا داخلها أو خارجها".
وتابع ردًّا على سؤال عن أنّ الوزير يوسف فنيانوس سيمثل أمام القضاء: "هناك من اتّهمنا بتغطية سركيس حليس ولكن حليس لم يمثل أمام القاضية عون إنّما مثل أمام بقيّة القضاة وحضر المحكمة وعاد إلى بيته، والوزير فنيانوس سيمثل أمام القضاء ونحن في التّكتّل الوطنيّ لم نوقّع على العريضة الّتي طرحت في مجلس النّوّاب، والحصانة سترفع إنّما الوزراء سيحاكمون وفقها أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرّؤساء والوزراء، وهناك ضغط كبير على القاضي بيطار والقضاة".
وشدّد فرنجية على أنّ "هناك فرقًا بين الظّلم والحقّ ونحن اليوم ضدّ الظّلم ولكنّنا لسنا ضدّ الحقّ"، موضحًا أنّ "باخرة النّيترات بقيت موجودة في المرفأ مدّة سنتين في عهد العماد جان قهوجي وثلاث سنوات في عهد العماد جوزيف عون، فلماذا يتمّ استدعاء قهوجي ولا يستدعى عون؟ وفي مرحلة المحكمة الدّوليّة الّتي أعجبكم مسارها ولم تعجبكم نتيجتها، أتوا ليقولوا إنّ الملفّات سرّيّة ليظهر أنّ ليس هناك شيء على الضّبّاط الأربعة، ونؤكّد أنّنا مع المسار القضائيّ إنّما ضمن المسار القانونيّ".
وقال فرنجية: "هناك اليوم ضغط كبير على القاضي بيطار وعلى كلّ القضاة، كما أنّ الظّروف الإقليميّة والدّوليّة تحاول الضّغط على محور معيّن في هذه المنطقة، والمحكمة قد تستعمل للضّغط على محور معيّن، ونحن نسأل أسئلة قضائيّة، والقاضي بيطار يجب أن يقول ما لديه والإنسان يبقى بريئًا حتّى تثبت إدانته".
أضاف فرنجية: "أتحدّى القاضي بيطار أن يقول من أتى بالنّيترات ومن سحب منهم ولكن ليس لديه أيّ شيء، وفي لبنان لا يوجد سرّ، وأنا مع المحاكمة لدى القاضي بيطار لأنّ لا أحد من الوزراء مذنب، فالمحكمة سياسيّة والجواب سياسيّ والوزير مش شغلتو يعرف إذا النّيترات بينفجر. القضاء عندما يضع إشارة على شيء ما، لا يمكن لأحد عندئذ أن يضع يده عليه، نحن مع المحاكمة العادلة وإن لم يكونوا أبرياء فعليهم أن يدفعوا الثّمن. الجيش احتفل بثلاثة أعياد استقلال بعيدًا عن مكان وجود النّيترات بحوالى مئة متر، فإمّا أنّه لا يعرف ويجب أن يدفع الثّمن أو يعلم وأخطأ".
وإختتم فرنجية: "أتحدّى القاضي بيطار أن يقول ما لديه وأنا اتكلم ليس من منطلق علاقتي بأحد، هذا لبنان وإن كان لديهم أيّ شيء كانوا أظهروا على الفور العنتريات، إنّما ركّبوا صورًا بشعة لبعض الأشخاص أمام الشّعب وأرادوا أن يضحّوا بهم ليفرحوا الشّعب، نحن ضدّ أن يُضحّى بالوزراء أو بأيّ أحد ونطالب بمحكمة عادلة، فهم من حقّهم الدّفاع عن أنفسهم، ونحن ما زلنا في بلد حرّ وديمقراطيّ، فالإنسان بريء حتّى تثبت إدانته وفنيانوس سيمثل أمام القضاء، وهكذا نحن نفهم في القانون، لكن إذا كان المطلوب القيام بضغط إعلاميّ وشعبيّ يناسبهم ورمي القانون الّذي لا يناسبهم، فليغيّروا عندئذ القانون أو فليُحدثوا انقلابًا ويضعوا الجميع في السّجون، السّياسيّون ليسوا كلّهم حراميّة وليس كلّ الإعلام نظيفًا وليست كلّ المؤسّسات الاجتماعيّة جيّدة، نحن ليس لدينا ما نخفيه، ولكن ما نقوله هو أنّ كلّ شيء يجب أن يتمّ وفقًا للقوانين".
كما استقبل البطريرك الرّاعي وفدًا من مؤسّسة فرديسو برئاسة حبيب الشّدياق، ونقل الوفد تحيّات طارق الشّدياق من خلال رسالة مكتوبة، تمّ التّشديد خلالها على الدّور الإنسانيّ الّذي ستسعى مؤسّسة فرديسو للحفاظ عليه تجاه أهل قضاء بشرّي وبشكل خاصّ في ظلّ هذه الضّائقة المادّيّة والأزمات المتفاقمة، طالبين بركة البطريرك الرّاعي.