لبنان
10 تموز 2020, 05:00

البطريرك الرّاعي استقبل الرّئيس الحريريّ، ماذا في التّفاصيل؟

تيلي لوميار/ نورسات
إستقبل البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي ظهر الخميس، في الصّرح البطريركيّ في بكركي، رئيس الوزراء السّابق سعد الدّين الحريري يرافقه الوزير السّابق غطّاس خوري والمستشاران هاني حمّود وداود الصّايغ، بحضور النّائب البطريركيّ العامّ المطران حنّا علوان ومدير الإعلام في الصّرح البطريركيّ وليد غيّاض، وكان عرض لآخر التّطوّرات على السّاحتين المحلّيّة والإقليميّة.

تحدّث الحريري بعد اللّقاء، وقال: "إلتقيت اليوم غبطة البطريرك، وكان لي الشّرف أن أكون هنا، حيث تحدّثنا في العديد من الأمور، ولاسيّما الأوضاع الرّاهنة. ونحن نعتبر هذا الصّرح صرحًا للحوار والاعتدال في لبنان، والعلاقة بين بيتنا وبكركي كانت دائمًا وطيدة وأنا متمسّك بها دائمًا، لأنّ لبنان بحاجة لأن يكون فيه حوار بناء لمصلحة اللّبنانيّين".

وأضاف: "يمرّ لبنان اليوم في أسوأ وضع اقتصاديّ يمكن أن نشهده تاريخيًّا، وهناك تفكير في هذه الحكومة وهذا العهد بتغيير النّظام الاقتصاديّ اللّبنانيّ الحرّ إلى نظام آخر. البعض يقول: كلّا نحن لا نريد أن نغيّر النّظام، ولكن كلّ الأفعال والتّنظيرات الّتي نراها اليوم في الإعلام في ما يتعلّق بالاقتصاد، هي لتغيير النّظام الاقتصاديّ الحرّ، وهم يتّهموننا بانتهاج الاقتصاد الرّيعيّ وغيره. السّياحة في لبنان كانت في أوجّها في العام 2005، قبل استشهاد رفيق الحريري وحتّى العام 2010، وحين تكون السّياحة بخير تكون الزّراعة والصّناعة والمطار بخير. كذلك سمعت أنّه يجب علينا أن نتّجه نحو الزّراعة والصّناعة، وهذا أمر جيّد جدًّا وضروريّ، لكنّي أتساءل: كيف يمكننا أن نقيم صناعة من دون كهرباء؟ وكيف يمكننا أن نقيم زراعة من كهرباء؟ كيف يمكننا أن ننقل صناعتنا وزراعتنا من دون طرقات؟ كيف سنصدرها من دون مرافئ أو مطار؟ كيف سيأتي السّيّاح إلى البلد من دون أن نفكّر في التّطوير؟ سبق أن وصلنا في السّابق إلى 10 ملايين شخص يستخدمون المطار، وكان هناك من انتقد رفيق الحريري لأنّه أنشأ مطارًا يتّسع لستّة ملايين مسافر، في حين أنّنا في المستقبل، حين يعود الاستقرار، سنحتاج إلى مطار يتّسع لـ15 أو 20 مليون مسافر. لكن المهمّ يبقى الاستقرار وأن يشهد البلد استقرارًا سياسيًّا وأمنيًّا وإقليميًّا. لبنان اليوم يدفع أثمانًا إقليميّة لا يجب أن يدفعها، وهذا هو المشكل الأساسيّ. شبابنا يغادر البلد، البطالة تتزايد، وكلّ هذا بسبب ماذا؟ بسبب عدم الاستقرار".

وتابع: "نرى اليوم أيضًا التّعيينات الّتي شهدها الجميع من دون آليّة، وهذه الآليّة عادت إلى مجلس النّوّاب بسبب عدم موافقة العهد عليها، علمًا أنّها تأتي بالكفاءات. ما نقوله اليوم هو أنّنا نريد أن نأتي بالكفاءات. التّشكيلات القضائيّة لم تحصل، والتّعديل على قانون الهيئة النّاظمة للكهرباء وكلّ هذه الأمور لا تخدم مصلحة لبنان في الإصلاح. إذا أردنا أن نضبط اللّيرة اللّبنانيّة لا بدّ من خطوات إصلاحيّة حقيقيّة لكي يرى المجتمع الدّوليّ أنّ لبنان يقوم بخطوات حقيقيّة. كلّما نتأخّر، كلّما يتأخّر العهد والدّولة عن ذلك كلّما كان الأمر مضرًّا بالنّسبة إلى لبنان، وهذا ما يؤثّر على سعر صرف اللّيرة".

وقال: "أريد أن أتحدّث عن موضوع التّحقيق الماليّ، وهنا أتساءل عن أمر أحسّه غريبًا: يريدون وضع التّهمة كلّها على المصرف المركزيّ وعلى المصارف، في حين أنّ الدّولة هي الّتي استدانت 90 مليار. فما الأفضل أن نحقّق فيه: من صرف الـ90 مليار أو من أعطى الـ90 مليار؟ من أعطى هذا المبلغ كان مجبرًا على إعطائه لأنّ الدّولة طلبته لصرفه. وسبق أن قدّمنا في كتلة المستقبل قانونين في العامين 2006 و2008 بأن يكون هناك تدقيق ماليّ على الدّولة منذ إقرار اتّفاق الطّائف، ولنقم بهذا التّدقيق على كلّ الوزارات والحكومات الّتي مرّت لأنّها هي المسؤولة عن الصّرف. كما أنّنا يجب أن نجري هذا التّدقيق في الكهرباء. ألا تحتاج 46 مليار صرفت على الكهرباء أن يتمّ التّدقيق بها وكيف حصل الهدر في هذا الموضوع؟".

وإختتم قائلاً: "أنا أتشرّف دائمًا بأن أكون عند غبطة البطريرك وأعتبر دائمًا أنّ البطريركيّة هي الأساس في جبل لبنان وكلّ لبنان وهذه العلاقة أساسيّة بالنّسبة لنا".

سئل: سبق للبطريرك الرّاعي أن تحدّث عن الشّرعيّة وأنت تتحدّث بالأمر نفسه من هذا المنبر، فهل أنتم بصدد تشكيل جبهة معارضة تحت جناح غبطته؟

أجاب: كلام البطريرك هو بطريرك الكلام. لقد تحدّث غبطته عن وجع اللّبنانيّين وليس بالسّياسة. هو قال إنّ لبنان لا يتحمّل، والدّليل انظروا أين أصبحنا في الوضع اللّبنانيّ والاقتصاديّ وفي الحلول. الحلول موجودة، وعلى الحكومة أن تنظر إليها بشكل مختلف عمّا تفعله اليوم.

سئل: ماذا طرحت مع البطريرك ضمن إطار بناء الدّولة من جديد؟

أجاب: بناء الدّولة من جديد هو ألّا نعمل كما كنّا نعمل في السّابق. المشكلة أنّ ما يحصل في الدّولة اليوم أنّهم لا زالوا يعملون بنفس الطّريقة السّابقة. عند الثّورة، قام اللّبنانيّون وقالوا: لم يعد بمقدوركم أن تستمرّوا على هذا النّحو، ولكنّهم حتّى الآن ما زالوا مستمرّين كالسّابق. أنا أقول للّبنانيّين: لا تقولوا إنّه ليس هناك أمل. الأمل يجب أن يكون دائمًا موجودًا، والحلول موجودة، وجمعينا يعلم ما الّذي يوقف الحلول اليوم، وما هي الطّريقة الّتي تمكّننا من تحقيق هذه الحلول. هناك تحدّ سياسيّ في البلد بين تغيير النّظام اللّبنانيّ وبين إصلاح هذا النّظام الحرّ لكي يسير في الطّريق الصّحيح. هناك من يريد تغيير النّظام باتّجاه ما سمعناه في الخطابات. بالمختصر، هناك مشروع لتأميم البلد ودمج المصارف في مصرفين أو ثلاثة، حتّى يصبح البلد شبيهًا باقتصادات إقليميّة يحبّذها البعض كالاقتصاد الإيرانيّ، والبعض تساءل: ممّا يشكو الاقتصاد الإيرانيّ؟

سئل: هل لا زالت بعيدة زيارتك لحليفك الّذي قلت عنه يومًا إنّه لا يفرّقكما إلّا الاستشهاد؟

أجاب: صحيح، لا يفرّقني عنه في الأمور الاستراتيجيّة سوى الاستشهاد، ولكنّي أريد أن أقول أمرًا: سعد الحريري قدّم التّضحيات الكافية في البلد، وربّما يكون الانتقاد الّذي أتلقّاه من قبل فريقي الخاصّ أو من تيّار المستقبل أنّي أقوم دائمًا بالتسويات. لكن لمصلحة من قمت بكلّ هذه التّسويات؟ هل لمصلحتي الخاصّة؟ بالتّأكيد كلّا، لمصلحة البلد. غيري اليوم لا يريد أن يقوم بأيّ تنازلات لمصلحة اللّبنانيّين. ليس هناك خلاف جذريّ مع القوّات اللّبنانيّة بل خلاف على بعض الأمور الّتي يجب أن تكون واضحة عند بعض الأطراف السّياسيّة.

سئل: كابن الشّهيد رفيق الحريري وكمعنيّ بأمور البلد حتّى وإن كنت خارج السّلطة، هل هناك من إمكانيّة لديك لمساعدة لبنان الجائع اليوم؟

أجاب: علينا أن نساعد أنفسنا، علينا أن نعرف حجمنا كدولة في المنطقة، وعلينا ألّا نسمح للعالم أن يتلاعب بنا. إذا تركنا العالم يتلاعب بنا فسيبقى وضعنا كذلك. اليوم هناك صراع إقليميّ كبير جدًّا ونحن من يدفع الثّمن. لماذا؟ الكلّ يعرف لماذا ندفع الثّمن. لكن هذا لا يعني أنّنا اليوم غير قادرين على أن نتحدّث مع بعضنا البعض ونخرج من هذه الأزمة. على كلّ طرف أن يضحّي، وهناك أطراف يجب أن تضحّي أكثر من غيرها.

سئل: ماذا عنك أنت؟

أجاب: أنا ضحّيت، بماذا يمكنني أن أضحّي أكثر؟

سئل: هل من مبادرة فرنسيّة سيحملها وزير خارجيّة فرنسا في زيارته للبنان؟

أجاب: آمل ذلك، فلقد كانت فرنسا دائمًا صديقة للبنان، وما زالت كذلك، وهي تنظر إلى هذه الأزمة اللّبنانيّة من منطلق ما قاله وزير خارجيّتها الّذي قال إنّه على اللّبنانيّين أن يساعدوا أنفسهم ويحاولوا أن يقوموا بالإصلاح.

سئل: في الوقت الّذي تحاول فيه أن تفرض شروطك، تأتي التّعيينات لمصلحة طرف واحد. فلماذا لا تقبل التّكليف وبعد ذلك تفرض شروطك؟

أجاب: كلّ النّاس ترى هذه التّعيينات، ولكنّي خبِرت الأمر في السّابق. لبنان اليوم لم يعد يتحمّل 3 أو 6 أشهر من أجل تشكيل حكومة. لبنان يحتاج اليوم حكومة تتّخذ قرارات بشكل سريع في أوّل شهرين أو ثلاثة من عمرها، وهذه القرارات سيكون بعضها صعبًا، ولكن يجب علينا أن نتّخذها وأن نقوم بالإصلاح. وهذا الإصلاح سيغضب كلّ الأفرقاء السّياسيّين، بما فيهم تيّار المستقبل. لا يظننّ أحد أنّ طرفًا سيكون راضيًا بهذا الإصلاح. الإصلاح أساسه ألّا يكون أحد راضيًا، لكي نخرج السّياسة من عمل الدّولة. الحزبيّون يجب ألّا يكونوا في الدّولة بل يجب أن يكون هناك أشخاص يعملون من أجل مصلحة المواطن اللّبنانيّ.

بعد ذلك، استبقى البطريرك الرّاعي الرّئيس الحريريّ إلى مائدة غداء أقامها على شرفه، استكملت خلالها مواضيع البحث.