البطريرك آوا الثّالث يعايد أبناء كنيسته في رسالة الفصح
"إنّ التّدبير الإلهيّ، الّذي تحتفل به كنيسة الله المقدّسة في طقوسها البهيّة والجميلة، يدعونا مجدّدًا هذا العام للاحتفال بالعيد المقدّس، فخر ورأس جميع الأعياد: عيد القيامة المجيد لربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح من بين الأموات. يشهد رسل ربّنا أنّه، بعد ما اقتبل يسوع الألم من أجل خلاصنا، صُلب وذاق الموت، وقُبر في قبر جديد لم يوضع فيه أحد (يوحنّا 19: 41). لكنّه قام بعد ثلاثة أيّام بمجد عظيم (متّى 28: 6، مرقس 16: 6، لوقا 24: 6، أعمال الرّسل 2: 24، 3: 15، 1 كورنثوس 15: 4)، وهكذا نال جسد القيامة الممجّد، والّذي يدعوه مار بولس الرّسول: "الجسد الرّوحيّ".
هذا التّدبير العجيب لمخلّصنا هو حقيقة موجودة، لا فقط في طقس وصلوات الكنيسة المقدّسة، لكن في بُعد وجوديّ وخاصّ في حياة كلّ ابن وابنة للكنيسة. ففي رسالة الرّسول الطّوباويّ مار بولس إلى أهل رومة (الأصحاح السّادس)، يكتب كيف يقدر كلّ مؤمن بيسوع المسيح أن يكون شريكًا حقيقيًّا في قيامة الرّبّ المجيدة. إنّنا نشترك بالحقيقة معه، أوّلًا باتّحانا به في ألمه، أيّ تلك الأمور المؤلمة الّتي اقتبلها بجسد ناسوته. هكذا، يعلّمنا الرّسول أنّ هذا الاتّحاد يتحقّق من خلال سرّ المعموديّة: "أوتجهلون أنّنا، وقد اعتمدنا جميعًا في يسوع المسيح، إنّما اعتمدنا في موته فدفنّا معه في موته بالمعموديّة..." (رومة 6: 3- 4).
لكنّنا لا نشترك معه في موته فحسب، بل أيضًا نرتبط بوعده لنا بأنّه سيشركنا في قيامته المجيدة: "كما أقيم المسيح من بين الأموات بمجد الآب" (رومة 6: 4). وهذا كلّه من أجل تجديد إنساننا العتيق، الّذي كان قد فسد في كيان آدم القديم. لكن عندما نُميت فينا أعمال الخطيئة، نتحرّر حينئذ من هذا الكيان، ونعمل بحسب كيان آدم الرّوحيّ، أيّ يسوع المسيح الّذي هو الرّبّ من السّماء (1 كور 15: 47). ولذا، في اشتراكنا بموت المسيح، نُميت الميل إلى الخطيئة وأعمالها الكامنة في الإنسان.
بقيامة المسيح، نقوم معه شركاء سرًّا وعربونًا. من بعد ذلك، لا نعود نعيش من أجل أعمال الخطيئة، بل نكون حاملين في جسدنا، عربون القيامة ومجدها. فلنحيَ إذًا كأبناء القيامة، ويجب علينا أن نسلك كما يأمر الرّسول، أيّ أن تكون لنا أخلاق وسلوك حياة تتوافق مع الحياة الجديدة، المحدّدة بالأفعال والأعمال والتّوجّهات الرّوحيّة.
هذا التّجدّد الّذي نحصل عليه بنعمة المسيح وبقوّة قيامته الجيّدة، تبشّر به الكنيسة المقدّسة من أجل أبنائها وسائر الأجيال البشريّة، إذ تقول في طقوسها: "جميع البرايا قد تجدّدت في المسيح، الّذي هو رأس الحياة الجديدة، لأنّه به سلطان الموت حُلّ، وللأموات بصوته أقام، والشّيطان ها هو يئنّ بمرارة ويقول: الويل لي، فقد صرت محلّ سخرية لآدم وأبنائه...". فلنحفظ هذا التّجدّد الرّوحيّ لأنفسنا في إيماننا، وفي نقاوة أخلاقنا، اللّائقة بكرامة ربّنا يسوع المسيح الممجّد والقائم من بين الأموات.
أحبّاؤنا، بينما يتمّ الاحتفال بعيد قيامة ربّنا هذا العام لدى جميع المسيحيّين في يوم واحد، نقول إلى جميع الكنائس الشّقيقة، وإلى جميع المسيحيّين إخوتنا في الرّبّ: عيد قيامة مبارك عليكم. ولكم، أبناء وبنات كنيسة المشرق الأحبّة، وأمّتنا الآشوريّة في كلّ أنحاء العالم: ليكن عيدكم مباركًا، ومملوءًا بفيض نعمات وبركات الرّبّ الإله عليكم، وعلى عائلاتكم أينما كنتم في أرجاء المعمورة. كذلك ونسأل أن يحلّ أمن الرّبّ وسلامه في العالم أجمع.
قيامة ربّنا، قيامة وحياة وتجدّد عليكم مجتمعين. لتكن نعمة ربّنا يسوع المسيح، ومحبّة الله الآب، والشّركة الرّوح القدس مع جميعنا، دائمًا. آمين."