سوريا
03 حزيران 2019, 11:57

البطريركان يوحنّا العاشر وإيريناوس يزوران البطريركين العبسيّ وأفرام الثّاني

زار بطريرك الصّرب إيريناوس، في اليوم الثّاني لزيارته الرّسميّة السّلاميّة إلى كنيسة أنطاكية في دمشق، يرافقه بطريرك الرّوم الأرثوذكس يوحنّا العاشر ولفيف من الإكليروس، بطريرك الرّوم الملكيّين الكاثوليك يوسف العبسيّ وبطريرك السّريان الأرثوذكس إغناطيوس أفرام الثّاني.

 

الملكيّة الكاثوليكيّة وراهباتها ومؤمنوها الوفد الكنسيّ، قبل أن يدخوا إلى صالون البطريركيّة وتُتلا الكلمات التّرحيبيّة، وقد استهلّها العبسيّ قائلاً:

"أحيّيكم وأرحّب بكم مع صحبكم الكرام في هذه الدّار البطريركيّة الدّمشقيّة، كرسيّ كنيسة أنطاكية للرّوم الملكيّين الكاثوليك، الّتي تكنّ لشخصكم الكريم وللكنيسة المقدّسة، الّتي أوكل الله إليكم رعايتها، التّقدير والمحبّة والاحترام.

الكنيسة، الّتي ترعونها في صربيا، هي حصن من حصون الأرثوذكسيّة والمسيحيّة، عاشت إيمانها وحافظت عليه، بالرّغم من الصّعاب والتّجارب الكثيرة والمتنوّعة، الّتي مرّت بها، خرجت ونهضت منها، معطية مثالاً قويًّا وناصعًا عن الشّهادة المسيحيّة الإنجيليّة المطلوبة من المؤمنين بالرّبّ يسوع المسيح. وما حيويّة الشّباب، بنوع خاصّ الّتي تشهدها كنيستكم، سوى دليل من دلائل أخرى على ذلك.

غبطة السّيّد البطريرك، إنّ شهادتنا الواحدة باتت اليوم أكثر إلحاحًا في عالم يبتعد عن الله وعن القيم الإنجيليّة. علينا أن نكثر من الجهود الّتي تسقط ما يفرّق وتقوّي ما يجمع. عالم اليوم يختلف عمّا كان عليه، ويتطلّب منّا أن نجدّد شهادتنا وخطابنا وعلاقاتنا وغير ذلك، متطلّعين إلى الأمام ومشدّدين على الأهداف الكبيرة بنوع خاصّ.
إنّ الكنيسة الملكيّة الكاثوليكيّة تربطها بكنيسة الرّوم الأرثوذكس في دمشق أواصر قرابة متينة ومحبّة شديدة ناصعة مجرّدة وشهادة إنجيليّة مشتركة. كما أنّنا نقيم كلّنا معًا مع إخوتنا المسلمين، شركائنا في الوطن، علاقات طيّبة ودّيّة مبنيّة على مبدأ المواطنة، على التّفاهم والانفتاح والتّعاون ومواجهة المصير الواحد وبناء المستقبل الواحد، ونعمل كلّنا معًا من أجل النّهوض ببلدنا بعد المحنة الّتي عصفت به".

وردّ إيريناوس شاكرًا العبسيّ على كلماته الطّيّبة مشيرًا إلى أنّ الوحدة "ضروريّة بالنّسبة إلينا، ونصلّي من أجل تحقيقها، كما أنتم تصلّون، وعلينا أن نتساعد مع بعضنا ونكون كنيسة واحدة، ونعيش كلمات الإنجيل أمام ربّنا، لأنّ علاقتنا الجيّدة والمتينة مع بعضنا البعض تؤثّر على شعبنا، وإذا ما تحدّثنا عن كنيستنا في صربيا فهي تعيش مع الكنيسة الكاثوليكيّة عائلة واحدة ويدًا بيد".

وفي الختام، قدّم البطريرك الصّربيّ أيقونة القدّيس سابا إلى العبسيّ الّذي أهداه صليبًا مقدّسًا علبة موزاييك من صنع دمشقيّ تحوي بروكار حرير.

المحطّة الثّانية، كانت في كنيسة القدّيس جاورجيوس للسّريان الأرثوذكس- دمشق حيث استقبل أفرام الثّاني زوّاره على رأس لفيف من المطارنة والإكليروس وحشد من المؤمنين. ورفعوا بعدها الشّكر لله داخل الكنيسة، على نيّة الشّعبين الأنطاكيّ والصّربيّ وإحلال السّلام في ربوع سوريا وصربيا، بحضور القائم بأعمال السّفارة الصّربيّة في سوريا السّفير ميلان فياتوفيتش، والأمين العامّ لمجلس كنائس الشّرق الأوسط الدّكتور ثريّا بشعلاني.

للمناسبة، ألقى أفرام الثّاني كلمة قال فيها:

"ببالغ المحبّة والفرح، نرحّب بكم، صاحب القداسة بطريرك صربيا وبصحبكم الأكارم، مصلّين أن تكون زيارتكم هذه سبب بركة لكلّ أبناء سوريا الّذين يرون في زيارتكم بوارق أمل بعودة زيارة رموز دينيّة إلى بلدنا العريق في القدم والغنيّ بالإرث الرّوحيّ لأتباع مختلف الأديان، خاصّة الإرث المسيحيّ العظيم الّذي سبغ مدينة دمشق، أقدم عاصمة مأهولة في العالم.

نرحّب بكم باسم أبناء كنيستنا الأنطاكيّة السّريانيّة الّذين حافظوا على الأمانة المسيحيّة، متمسّكين بإيمانهم بالسّيّد المسيح، مواجهين الضّيقات والاضطهادات المتتالية منذ اعتناقهم الإيمان على أيدي هامتي الرّسل مار بطرس ومار بولس والرّسل الٱخرين، حتّى يومنا هذا. هم يشهدون للسّيّد المسيح بأعمالهم وبدمائهم. فأضحت كنيستنا تدعى بحقّ أمّ الشّهداء.
نرحّب بكم، باسم أبناء هذا الوطن العزيز سوريا الّذين ما زالوا يعانون من ظلم وطغيان قوى عظمى ودول متجبّرة ساندت مجموعات تكفيريّة متطّرفة وقوى إرهابيّة، أرادت أن تدمّر بلدنا والقضاء على نمط العيش المشترك الّذي عرفت به سوريا منذ القدم، ممّا يذكرنا بما مررتم به في بلدكم العزيز في تسعينيّات القرن الماضي، وما زال الشّعب الصّربيّ العريق يعاني من ٱثار تلك الحرب المدمّرة، وما زالت الكنيسة الصّربيّة تواجه التّحدّيات الكبيرة، خاصة في كوسوفو. إنّ مسيحيّي سوريا يعيشون اليوم ٱثار هذه الحرب المدمّرة الّتي كان أحد أهدافها اقتلاع المسيحيّة من هذه الأرض الّتي تباركت بأقدام السّيّد المسيح، فدخل الخوف والقلق قلوب الكثيرين، ممّا دفعهم إلى البحث عن أماكن أكثر أمانًا. إنّ حادثة خطف مطراني حلب بولس يازجي ويوحنّا إبراهيم كانت رسالة قويّة للمسيحيّين، تحضّهم على هجر أرض الٱباء والأجداد. هذه هي السّنة السّادسة لغياب هذين الحبرين النّبيلين، والعالم لا يحرّك ساكنًا، وكأنّ الأمر لا يعني أحدًا رغم مناشدتنا. لكنّنا مع صاحب الغبطة البطريرك يوحنّا العاشر لم ولن نفقد الأمل بعودتهما إلى أبرشيّتهما."

وردّ إيريناوس شاكرًا: "نشكركم باسمي واسم أبناء كنيسة صربيا والوفد المرافق على كلماتكم الطّيّبة النّابعة من القلب، لاسيّما عندما تحدّثتم عن معاناة الشّعب الصّربيّ والحروب الّتي ألمّت به. تجمعنا يا صاحب القداسة وحدة المحبّة والإيمان بيسوع المسيح. لقد كنّا عبر التّاريخ كنيسة واحدة، لكن الظّروف السّياسيّة أبعدتنا. بالتّالي علينا أن نجتمع دائمًا ونتحاور لنحلّ كلّ مشاكلنا وأمورنا العالقة لأنّ قوّتنا هي في وحدتنا. نرفع صلاتنا من أجل سورية الّذي عانى شعبها، ويعاني كما الشّعب الصّربيّ. نعم، خسرنا الكثير من الشّهداء، ودمّرت الكنائس، لكنّنا بقوّة صبرنا وإيمانا انتصر صوت الحقّ. لكن يبقى الأهمّ ألّا ننسى تلك الأيّام الصّعبة؛ ألّا ننسى كيف تعذّبنا، بل أن نتّعظ من التّاريخ كي لا نخسر بعضنا".

بعدها تبادل البطريركان الهدايا، فتسلّم أفرام الثّاني أيقونة القدّيس سابا الصّربيّ من إيريناوس الّذي تسلّم بدوره أيقونة السّيّدة العذراء؛ ثمّ وضع البطاركة الثّلاثة إكليلاً من الورد على النّصب التّذكاريّ لشهداء "سيفو السّريان"، والتمس في الختام الشّعب بركة البطريرك الصّربيّ في صالون البطريركيّة.