الفاتيكان
03 تشرين الأول 2023, 10:20

البحث عن الله والشّهادة للإنجيل ومحبّة الحياة المختبئة محور تأمّل البابا فرنسيس

تيلي لوميار/ نورسات
عند الخطوط الموجّهة الثّلاثة لراهبات أخوات يسوع الصّغيرات الّتي تعود إلى الخبرة الكاريزميّة للقدّيس شارل دي فوكو والّتي واصلتها بعد حوالي ٢٠ سنة على وفاته مادلين أوتان وأن كادوري: البحث عن الله والشّهادة للإنجيل ومحبّة الحياة المختبئة، توقّف البابا فرنسيس متأمّلاً مع الرّاهبات اللّواتي استقبلهنّ أمس الإثنين في الفاتيكان، لمناسبة الجمعيّة العامّة لهذه الجماعة، وذلك على ضوء لقاء يسوع المرأة السّامريّة والّذي اختارته الرّاهبات ليقود مسيرة جمعيّتهنّ.

وفي حديثه عن النّقطة الأولى، البحث عن الله، قال الأب الأقدس، وبحسب "فاتيكان نيوز"، "إنّها الأهمّ. وتحدّث، وانطلاقًا من لقاء يسوع المرأة السّامريّة، عن المعلّم الّذي ينتظر عند ينبوع كلمته وعن الماء الحيّ. وشدّد البابا على جمال إنماء الإصغاء لله مثلما فعل القدّيس شارل دي فوكو، فهكذا تنفتح القلوب على دروب الله الّذي يلهم بأفكار ومشاعر التحام واستعداد وخدمة. وقال البابا للرّاهبات إنّ يسوع يقدّم لهنّ، وكما قدّم للمرأة السّامريّة، محبّته، وتابع أنّ الأمر يعود إليهنّ في قبول تحدّي الابتعاد عن المرجعيّة الذّاتيّة والرّوتين والتّشاؤم. وأضاف أنّ بإمكانهنّ بنور الكلمة تمييز ما يريد يسوع لينطلقن مجدّدًا إلى حيثما سيرسَلن أكثر حرّيّة وخفّة، فارغات من ذواتهنّ وممتلئات بالله.

ثمّ انتقل البابا فرنسيس إلى الحديث عن الخطّ التّوجيهيّ الثّاني أيّ الشّهادة للإنجيل وتقديمه للآخرين بالكلمات وأعمال المحبّة والحضور الأخويّ والمصلّي لهذه الجماعة الصّغيرة. وعاد الأب الأقدس مجدّدًا إلى القدّيس شارل دي فوكو مذكّرًا بحديثه عن ضرورة أن تصرخ حياتنا بانتمائنا إلى يسوع وأن نقدّم صورة الحياة الإنجيليّة. وهنا أيضًا، قال قداسته، ثمينة هي صورة المرأة السّامريّة الّتي أرادت أن تتقاسم مع الآخرين فرح لقاء يسوع قائلة لهم: هلمّوا فانظروا. وذكَّر البابا هنا بدعوة القدّيس شارل دو فوكو إلى التّفكير في الآخرين والصّلاة من أجلهم والاهتمام بخلاص القريب من خلال ما لدينا من أدوات، أيّ الصّلاة والخير والمثال، وبتأكيد القدّيس على أنّه لا يكفي أن نعطي مَن يطلب بل يجب أن نعطي مَن يحتاج. وأكّد البابا فرنسيس أنّ هذا القرب له أهمّيّة كبيرة في مجتمع مثل ذلك الّذي نعيش فيه حيث ورغم وفرة الأدوات يبدو أنّ أعمال الخير تقلّ بدلاً من أن تتكاثر وأنّ القلوب تنغلق. وقال قداسته للرّاهبات: فليكن قربكنّ برفق تحدّيًا وديعًا للّامبالاة، وشهادة للأخوّة، وصرخة عذبة تُذكّر العالم بأنّ الجميع هم أبناء الله.

وفي حديثه عن الخطّ التّوجيهيّ الثّالث، أيّ محبّة الحياة المختبئة، قال البابا فرنسيس إنّها حياة التّجسّد، حياة النّاصرة الّتي يدلّنا عليها الله بتجرّده وجعْل نفسه صغيرًا كي يقاسم الصّغار حياتهم. وذكَّر البابا هنا مجدّدًا بكلمات القدّيس شارل دي فوكو حين أعرب عن الرّغبة في أن يمرّ مجهولاً على الأرض كمسافر في اللّيل بفقر وتواضع، محاكيًا يسوع في حياته في النّاصرة، وعندما تحين السّاعة في درب آلامه وفي موته. وتابع البابا أنّ عيش الاختفاء هذا هو طريق الله، ودعا الرّاهبات إلى إنماء هذا الاختيار كنبوّة قويّة لزمننا الّذي تلوثّه الرّغبة في الظّهور حتّى أنّه يبدو أنّنا نعيش ثقافة تجميل.

وفي ختام كلمته إلى أخوات يسوع الصغيرات أشار البابا فرنسيس إلى أنّ هناك لحظات صعبة ومشاكل مثل تراجع الدّعوات، إلّا أنّهنّ من جهة أخرى وفي أمانتهنّ لحدس القدّيس شارل دي فوكو أدوات ثمينة لله من أجل زرع لآلئ حنان الإنجيل في العالم. ودعاهنّ إلى الحفاظ على البساطة والسّخاء وعلى محبّتهنّ للمسيح وللفقراء، وحثّهنّ من جهة أخرى على عدم الشّكّ في أنّ هذا سيحمل الثّمار. شكر الأب الأقدس بعد ذلك أخوات يسوع الصّغيرات وباركهنّ وسألهنّ مواصلة الصّلاة من أجله".