البترون تحتفل بكاهنها الجديد
وألقى خيرالله عظة بعنوان "لأجل كلمتك ألقي شبكتي" قال فيها: "بفرح كبير نحتفل اليوم برسامة كاهن جديد، هو الشّماس مرسلينو عسال، إبن رعيّة البترون الحبيبة، إبن البحر وجار الكنيسة".
ثمّ توّجه إلى عسال بالقول: "تقدِّمك البترون اليوم إلى الكهنوت لخدمة شعب الله وقد اختارك الرّبّ يسوع المسيح، الكاهن الأوحد والأبديّ، ودعاك ليشركك بكهنوته الخدميّ ويقيمك وكيلاً على أهل بيته لتعطيهم الطّعام في حينه. ومع رعيّة البترون نرفع جميعنا التّسبيح والمجد والشّكران إلى الله الآب والإبن والرّوح القدس على نعمة الكهنوت الّتي تعطى لها بابنها مرسلينو.
"لأجل كلمتك ألقي شبكتي"، أيها العزيز مرسلينو، هذا هو الشّعار الّذي أخترته للخدمة الكهنوتيّة الّتي أنت مُقبل عليها. وقد استوحيته من الحوار الذي دار بين يسوع وسمعان بطرس الّذي كان عائدًا من الصّيد مع رفاقه. قال له يسوع: إبتعد إلى العمق وأرسل شباكك للصّيد. فأجاب سمعان: يا معلم، لقد تعبنا طوال اللّيل ولم نصب شيئًا. ولكن لأجل كلمتك ألقي الشّباك". لا عجب في اختيارك لهذا الشّعار، لأنّك أبن عائلة صيّادي سمك، من جدك جرجي إلى والدك لوران وأعمامك، صيّادين ماهرين يجيدون المغامرة ولا يخافون المخاطرة. يدعوك يسوع اليوم من هذه العائلة ويقول لك: إبتعد إلى العمق وألق شبكتك للصّيد. وبثقتك الكاملة بالمعلّم، ستبتعد إلى العمق لتلقي الشّبكة، ولكنّ أيضًا لتّغوص بكل جرأةٍ في عمق البحر وعمق الإنسانيّة، على مثال عمّك ألبير، وهو يشاركنا من السّماء مع جدك جرجي، وسيسمعان يسوع يقول لك: سأجعل منك صيّادًا للبشر.
كلّ ذلك بفضل عائلة مسيحيّة تربّيت فيها مع أخويك على الإيمان الملتزم والثّقة الكاملة بالله، تربية ترضي الله وتحترم النّاس. وأنا لم أعجب من اختيارك لأني أعرفك جيدًا وقد رافقتك منذ ولادتك سنة 1992 في 14 أيلول، وهي ذكرى رسامتي وقدّاسي الأوّل، وفي قبولك سرّ العماد بعد سنة في 14 أيلول في هذه الكاتدرائيّة. ورافقتك وأنت تكبر وتنمو بالقامة والحكمة والنّعمة. وكلّما كان والداك لوران وميرنا يفقدانك، كانا يعرفان أنّهما يجدانك مع الخوري منير في الكنيسة أو في بيت الرّعيّة. كنت تأتي باكرًا لتتحضّر لخدمة القدّاس مع خدّام المذبح. ومنذ عمر العشر سنوات رحت ترافقني في الرّعيّة حتّى إلى زيارة المرضى، وبعد ذلك في زياراتي إلى المدرسة الإكليريكيّة. وإلتزمت منذ صغرك في الرّعيّة مع فرسان العذراء لتّسلم ذاتك إلى الله بشفاعة العذراء مريم وتكون للخدمة دومًا مستعدًا. ثمّ مع الطّلائع ومع الحركة الرّسوليّة المريميّة ومع جوقة الرّعيّة وجوقة ثانويّة القلبيّن الأقدّسيّن بالقرب من مار اسطفان حيث تعلّمت وتهذّبت. في أيلول 2010، بعد الشّهادة النّهائيّة، دخلت المدرسة الإكليريكيّة في كفرا بيروت لتّدرس الفلسفة في جامعة الحكمة. ثم انتقلت بعد سنتين إلى الإكليريكيّة البطريركيّة في غزير لتدرس اللّاهوت في جامعة الرّوح القدس الكسليك. وبعد الإنتهاء من دراستك، اتّخذت القرار بأنّ تكون كاهنًا عازبًا لتتكرس للمسيح ولخدمة شعب الله.
بعد مرافقتي لك طوال هذه السّنوات أشهد أني اكتشفت فيك أوّلاً أهميّة العائلة في حياتك. فالعائلة الّتي تربيت فيها هي، مثل كلّ عائلاتنا، عائلة مسيحيّة ملتزمة ومتماسكة. أكتشفت فيك ثانيًا انفتاحك على النّاس وسهولة التّعاطي معهم بفرح المسيح وابتسامتك الدّائمة. أكتشفت فيك ثالثًا حبّك للخدمة واندفاعك المميّز والمجانيّ. إكتشفت فيك رابعًا حبّك للكنيسة، ولكنيستك البترونيّة. إكتشفت فيك خامسًا موهبة الموسيقى واتّقان اللّيتورجيا. عليك أن تثمر كلّ هذه المواهب فتعطي ستّين وثمانين ومئة. إني سأمنحك بعد لحظات، وبفعل موهبة الرّوح القدس الّتي ستنالها مني أنا خليفة الرّسل وبوضع يدي الحقيرتين، سرَّ الكهنوت وأسلِّمك الخدمة الكهنوتيّة التي ستخدم فيها أبرشيّتك. وإنّك بذلك ستشترك في كهنوت المسيح الذي ستتحد به ومن خلاله تدخل في شركة خاصّة مع الثّالوث الأقدس الآب والإبن والرّوح القدس. وستشترك من ناحية ثانية بمهمتي الأسقفيّة في خدمة التّعليم والتّقديس والرّعاية لشعب الله. فالكهنوت هو أوّلاً وآخرًا خدمة. وكي تنجح في تأدية خدمتك، لا بدّ أن تعي أنّ كهنوتك ينبع من كهنوت المسيح ويكون فيك وثاقًا جوهريًّا مميّزًا يربطك بالمسيح من خلال الأسقف ويجعل منك صورة حقيقيّة له وممثّلاً له في رعاية شعبه.
يسوع الرّبّ والمعلم يقول لك ولنا جميعًا: "بدوني لا تستطيعون أن تعملوا شيئًا، ستعانون الشّدّة والاضّطهاد في العالم، ولكن ثقوا، لا تخافوا، أنا غلبت العالم"، أستودعك محبّة الله وأصلّي من أجلك ومن أجل عائلتك الحاضرة هنا وشقيقك جورج في الولايات المتّحدة الأميركيّة، ومن أجل رعيّتك البترون والرّعايا التي خدمت فيها شماسيّتك - كفيفان وبجدرفل وتولا، طالبًا من ربّ الحصّاد أنّ يرسل فعلة إلى حصاده آمين".