البابا يستقبل مسؤولي وطلّاب المعهد الإنجليزي في روما
"إنّ هذا اللّقاء يوفّر لي فرصة التّحدّث إلى الطّلاب بشكل مباشر كأب، وبخاصّة أنّه يتيح لي أن أتقاسم معكم كلمات تشجيع بينما تسيرون على درب الاستجابة لدعوة الرّب.
إنّني أصلّي من أجل نموّكم من خلال التّعمق في علاقتكم مع الرّب واهتمامكم بالآخرين، وخاصّةً أكثر الأشخاص عوزاً. من هنا تأتي أهميّة محبة الله ومحبّة القريب، فكم من الجميل رؤية شباب يستعدّون للالتزام المستمر مع الله، التزام مدى الحياة، لأنّ هذا أمر أصعب بالنّسبة لشبّان اليوم مقارنةً بما كان عليه بالنّسبة له، وذلك بسبب "ثقافة المؤقت" التي تميّز عالم اليوم. لذا، ومن أجل الفوز في هذا التّحدي، ومن أجل تقديم وعد حقيقي لله، يجب عليهم خلال سنوات الدّراسة تغذية حياتهم الداخليّة وأن يتعلّموا إغلاق باب صومعتهم الداخليّة من الدّاخل، وهكذا ستتعزّز خدمتهم لله وللكنيسة، وسيجدون ذلك السّلام وذلك الفرح اللّذين يمكن ليسوع فقط أن يعطيهما (راجع يو 14، 27).
امّا في ما يتعلّق بمحبّة القريب، فنحن شهود للمسيح لا لأنفسنا بل من أجل الآخرين؛ وذلك عبر الخدمة المتواصلة، ويجب أن نسعى إلى تقديم هذه الخدمة لا انطلاقاً من مشاعر بسيطة، بل طاعةً للرّب الذي انحنى ليغسل أرجل التلاميذ (راجع يو 13، 34). وفي هذا الاطار أُذكّر بأهميّة التّعاون مع الآخرين من كهنة ورهبان وراهبات وعلمانيين، رجال ونساء،بخاصّة أنّه في بعض الأحيان قد نجد صعوبة في محبّة القريب، وسبق أن كتبت عن ذلك في الإرشاد الرسولي الجديد "اِفرحوا وابتهجوا"وقلت أنّه وكي تكون خدمتنا فعّالة فنحن نحتاج بشكل متواصل إلى "البقاء مركّزين وثابتين بالله الذي يحبّ ويدعم. وانطلاقًا من هذا الثبات الداخلي، يصبح من الممكن احتمال .... {اعتداءات الآخرين أيضًا على أساس}...الصّبر والثّبات في الصّلاح" (افرحوا وابتهجوا 112). وهذا الثّبات الدّاخلي والأمانة للمحبّة قد ميّزا شهداء المعهد.
وانّ أحد أشكال تنمية محبتنا لله وللقريب، ألا وهو الحياة المشتركة، وأرجو أن تستلهموا أنتم الطلاب من شهداء المعهد الانجليزي، البالغ عددكم 44، "أخوّة صوفية، تأملية، تعرف أن ترى عظمة القريب القدسية، وتكتشف الله في كل كائن بشري، تعرف أن تتحمل متاعب العيش معاً" ("فرح الإنجيل" 192)؛ كي تكونوا قادرين على إنماء"فرح الإنجيل". أمّا الخوف وهو عقبة هامّة أمام كل منّا في الحياة المسيحيّة، ولكن يمكننا تجاوزها بالمحبّة والصّلاة وروح الدعابة (راجع "افرحوا وابتهجوا" 126). ولا يجب أن تخافوا من أنفسكم، بل أن تحتذوا بمثَل شفيعكم القديس توماس بيكيت الذي لم يسمح لخطاياه الماضية وللمحدوديّة البشريّة بأن تمنعه من خدمة الله حتى النّهاية. وهكذا ستتمكّنون من التّغلب على مخاوفكم وستساعدون الآخرين على تجاوز مخاوفهم.
وفي الختام، أتوجّه الى إلى مسؤولي وطلاب المعهد الانجليزي في روما، الذين استقبلتهم قبل ظهر اليوم في القصر الرّسولي، وأُشدّد على أهمية الصّداقات والعلاقات السّليمة التي ستساعد الطّلاب في خدمتهم المستقبليّة، وأوكل الجميع إلى شفاعة العذراء مريم سيدة وولسينغهام الأموميّة، وأنا أُصلّي لكم ولعائلاتكم ولجميع مَن يدعمون رسالة المعهد، ولكن لا تنسوا أنتم أيضاً أن تصلّوا من أجلي."