البابا يختتم زيارته إلى إستونيا ويدعو إلى تعزيز العلاقة مع الله
"إنّ هذا يدفعنا إلى التّفكير في الإستونيّين كشعب والتّفكير في الأمّة الإستونيّة ودول البلطيق كافّة، وإلى تذكّر كفاح هذا الشّعب من أجل الحرّيّة. إنّ الإصغاء إلى ما يقول لله لموسى مفيد كي نفهم ما يقول لنا كشعب.
إنّ الشّعب الّذي يصل إلى سيناء هو شعب رأى محبّة إلهه في معجزات وعجائب، شعب يقرّر إقامة عهد محبّة لأنّ الله أحبّه أوّلاً وأظهر هذه المحبّة. إنّ الشّعب لم يكن مجبرًا لأنّ الله يريده حرًّا. ونحن كمسيحيّين حين نختار أسلوب حياة بعينه لا نفعل هذا متأثّرين بضغط ولا يكون هذا الاختيار مبادلة، أيّ فقط حين يفعل الله لنا شيئًا. إنّنا ندرك قبل كلّ شيء أنّ اقتراح الرّبّ لا يسلبنا أيّ شيء، بل على العكس، يقودنا إلى الكمال ويقوّي تطلّعات الإنسان كافّة. البعض يعتبرون أنفسهم أحرارًا إن عاشوا بدون الله أو منفصلين عنه، وهؤلاء لا يدركون أنّهم يسيرون هكذا في هذه الحياة كيتامى بدون بيت يعودون إليه. إنّنا مدعوّون إلى الإصغاء والبحث مثل الشّعب الّذي خرج من مصر".
وتابع مشيرًا إلى "مقاييس البعض لقوّة شعبٍ ما، مثل التّحدث بقوّة أو حتّى التّهديد باستخدام السّلاح. وليس هذا البحث عن إرادة الله، بل يخفي هذا التّصرّف رفضًا للأخلاقيّات وبالتّالي رفضًا لله الّذي ينتظر منّا ردًّا حرًّا وملتزمًا إزاء الآخرين وإزاء بيئتنا خارج تصنيفات السّوق. إنّهم لم يكسبوا حرّيّتهم ليصبحوا عبيدًا للاستهلاك والفرديّة أو التّطلّع إلى السّلطة والهيمنة".
وتحدّث الأب الأقدس بعدها عن معرفة يسوع لاحتياجاتنا الّتي نخفيها خلف الرّغبة في التّملّك، "وهي رغبة يشجعّنا يسوع على التّغلّب عليها من خلال لقائه، فالإيمان يعني أيضًا الانتباه إلى أنّ المسيح حيّ ويحبّنا ولا يتركنا.
إنّ شعب إسرائيل في سيناء سقط في تجربة البحث عن إله آخر وعبادة عجل الذّهب، إلّا أنّ الله يجذب هذا الشّعب مجدّدًا بشكل دائم، ويتذكّر الشّعب ما سمع ورأى على الجبل. إنّنا نعي نحن أيضًا أنّنا مختارون، مملكة من كهنة وأمّة مقدّسة (راجع خر 19، 6 و1بط 2، 9)، الرّوح القدس هو يذكِّرنا بجميع هذه الأشياء (راجع يو 14، 26)".
ثمّ لفت البابا النّظر إلى هذه الهوّيّة إذ أكّد أن نكون مختارين لا يعني التّمييز، "بل أنّنا جزء صغير عليه أن يكون كالخميرة للجمع بأسره، لا يختبئ ولا ينفصل ولا يعتبر نفسه أفضل أو أكثر طهارة. وعن كوننا كهنة، وذلك بالمعموديّة، إنّ الله يريد شعبه المختار في خروج وشجاعًا. علينا الانتصار على الخوف والخروج من مساحاتنا المحصَّنة".
وشجّع بذلك البابا الإستونيّين، وبخاصّة أنّ الجزء الأكبر منهم لا يعتبر نفسه مؤمنًا، على الخروج لتعزيز العلاقة مع الله وتسهيل لقاء مَن قال "تعالوا إليّ جميعًا"، وحذّر من تجربة اعتبار القداسة أمرًا يعني البعض فقط، "بل جميعنا مدعوّون إلى أن نكون قدّيسين وذلك بأن نعيش بمحبّة مقدّمين كلٌّ منّا شهادته في المكان الّذي يوجد فيه، بأن نصحّح أوضاع هوامش وضواحي مجتمعاتنا، من هنا ضرورة أن نمدّ اليد لإنهاض الأخ لأنّ فيه صورة الله".
وفي الختام، حثّ الباب الشّعب أن يطلب من الله إيقاظ قلوبهم ومنحهم عطيّة التّمييز في كلّ لحظة من التّاريخ ليكونوا أحرارًا "يعانقون الخير ويشعرون بأنفسهم مختارين".