البابا يتلو صلاة التّبشير الملائكي ويطلق نداءً من أجل السّلام في جمهوريّة الكونغو الديمقراطيّة
توقّف البابا في كلمته عند إنجيل هذا الأحد المأخوذ من بشارة القديس متى الفصل الخامس، والذي يعبر عن الثورة المسيحيّة، وقال إنّ يسوع يُظهر طريق العدالة الحقيقية من خلال ناموس المحبة الذي يتخطّى شريعة العين بالعين والسّن بالسّن. ولفت البابا إلى أنّ هذه الشريعة القديمة كانت تفرض على المعتدين عقوبة توازي الضّرر الذي سبّبه هؤلاء، أي الموت للقاتل، وبتر الأعضاء للجاني وما شابه ذلك. وأكّد البابا أنّ يسوع لم يطلب إلى تلاميذه أن يستسلموا للشّر، بل أن يتصرّفوا ليس من خلال ارتكاب شرّ آخر، لكن عن طريق مواجهة الشرّ بالخير. وبهذه الطريقة فقط تُكسر سلسلة الشّر وتتبدّل الأمور حقّاً، لأنّ الرّد بالمثل لا يؤدّي أبداً إلى حلّ الصراعات، وهذا ليس تصرّفاً مسيحيّاً.
وأشار البابا إلى أنّ الرّب يسوع طلب من تلاميذه أن يديروا الخدّ الآخر ويتركوا الرّداء لمن يأخذه منهم. لكن هذا التّصرف لا يعني التّغاضي عن متطلّبات العدالة بل على العكس، إنّ المحبة المسيحيّة تتجلّى بطريقة خاصة من خلال الرّحمة، وتمثّل تحقيقاً سامياً للعدالة. وشدّد البابا على أنّ الرّب يسوع يريد أن يعلّمنا التمييز بين العدالة والانتقام. الانتقام ليس عادلاً أبداً. لذا، فمن واجبنا المطالبة بإحلال العدالة، لكن الانتقام ممنوع، وكذلك التّحريض على الأخذ بالثأر،بأي شكل من الأشكال، لأنّ هذا الأمر ليس إلا تعبيراً عن الحقد والعنف.
مضى البابا إلى القول إنّ الرّب يسوع يترك لنا وصيّة محبّة القريب، وهذا يشمل أيضاً المحبّة حيال الأعداء والصّلاة من أجل المضطهِدين (متى 5، 44). وهذا الأمر ليس سهلاً، ولا يحمل في طيّاته موافقة ضمنيّة على الشّر الذي يقوم به هؤلاء، بل يرمي إلى التّمثّل بالآب السماوي الذي يُشرق شمسه على الخيّرين والأشرار، ويرسل المطر إلى الأبرار والفجّار، كما يقول يسوع. ولفت البابا في هذا السّياق إلى أنّ العدو ليس فقط الشّخص البعيد منّا والمختلف عنا، إذ قد يكون شخصا قريباً ندخل في صراع معه، وقد يكون فرداً من عائلتنا! الأعداء هم الأشخاص الذين يسيئون الكلام عنّا ويخطئون إلينا. ليس من السهل أن نقبل بهذا الأمر، لكنّنا مدعوّون لمعاملة هؤلاء بالخير الذي له استراتيجيّته المستمدّة من المحبّة.
بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكي، أطلق البابا فرنسيس نداءً من أجل السّلام في جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث ما تزال ترد أنباء عن صراعات عنيفة ووحشيّة في ولاية كاساي بوسط البلاد. وقال البابا إنّه يتقاسم آلام الضحايا، لاسيما العديد من الأطفال الذين سُلخوا عن عائلاتهم والمدرسة ليُستخدموا كجنود، وهذه هي مأساة! وعبّر فرنسيس عن قربه وصلاته على نيّة رجال الدين والعاملين الإنسانيين الذين يعملون في المنطقة وسط صعوبات كبيرة. وجدّد نداءه النّابع من القلب إلى مسؤوليّة وضمير السّلطات المدنيّة والجماعة الدوليّة، كي تُتّخذ قرارات ملائمة وسريعة لنجدة هؤلاء الأخوة والأخوات.
وتابع البابا يقول:لنصلّ من أجل هؤلاء، ومن أجل الشّعوب المتألّمة في القارة الأفريقيّة، وباقي أنحاء العالم بسبب العنف والحرب. إنّي أفكر بنوع خاص بالشّعبين الباكستاني والعراقي العزيزين اللّذين ضربتهما أعمال إرهابيّة وحشيّة خلال الأيام الماضية. وختم البابا داعياً المؤمنين إلى الصّلاة على نيّة القلوب التي قسّاها الحقد كي ترتدّ إلى السّلام بحسب مشيئة الله. هذا، ثمّ وجّه البابا تحيّاته إلى وفود الحجّاج والمؤمنين القادمين من إيطاليا ومناطق أخرى من العالم، وسأل الجميع أن يصلّوا من أجله، متمنّياً لهم غداءً شهيّاً!