البابا يترأس قدّاساً احتفاليّاً في أحد الرّحمة الإلهيّة ويتحدّث عن أهميّة الانفتاح على مغفرة الله
"انّ يسوع القائم من الموت أظهر يديه وجنبه للتلاميذ، ويبدو أنّ هؤلاء تعرفوا على الرب من خلال جراحاته، وهذا ما أراده توما الرسول الذي آمن بعد أن رأى علامتي المسمارين. ونحن أيضاً، على غرار القديس توما نريد أن نشاهد الله، ونلمس الرب الذي قام من الموت من أجلنا. وباستطاعتنا أن نرى الرّب من خلال جراحاته، لأنّه بواسطة هذه العلامات فهم التلاميذ أن يسوع يحبهم حقاً، ويغفر لهم على الرغم من أنهم نكروه وتركوه. ومن الضّروري أن يرى المؤمن المسيحي الرّب ويلامس محبّته، وبهذه الطريقة فقط يمكن الدخول في صلب الإيمان، من أجل اختبار السّلام والفرح اللّذين هما أقوى من كل شك.
انّ القديس توما الرسول، ولدى رؤيته جراحات الرب قال له"ربّي وإلهي". ويمكن أن يستخدم توما هذه العبارة وينسب الرّب إليه هو وكأنّه ملْكه، وبهذه الطريقة نكرّم رحمة الله عندما ننسبه إلينا، لأنّه هو من أراد أن يكون "خاصاً لنا". وكأنّنا نقول له: لقد تأنّست من أجلي، متّ وقمتَ من الموت من أجلي، وأنت بالتّالي لست فقط الله، إنّما أنت إلهي وحياتي، فيك وجدتُ المحبة التي كنتُ أبحث عنها، بشكل يفوق كل الخيال. والله في بداية الوصايا العشر، قال: "أنا هو الرب إلهك"، "أنا الرب إلهك إله غيور". انّنا اليوم، وإذ ندخل في سرّ الله، من خلال جراحاته، ندرك جيّداً أنّ رحمة الله ليست فقط صفة من صفات الله، إنّما هي نبض قلبه.
في ظهور الرّب على التّلاميذ بعد القيامة، منحهم الرّوح القدس من أجل مغفرة الخطايا. ويجب الانتباه من مغبة الانغلاق على ذواتنا نحنوراء الأبواب الموصدة، كما فعل التلاميذ الذين قاموا بذلك بدافع الخوف، وهذا ما نفعله نحن بدافع الفزع والخجل من الإقرار بالخطايا، مع أنّ الشعور بالخجل أمر جيّد لأنّه يعني أنّنا نرفض الشر، لكن لا بدّ من الانتقال من الخجل إلى المغفرة. ويوجد باب آخر يمكن أن يُغلق في وجه المغفرة ألا وهو الاستسلام، هذا الشّعور الذي اختبره التلاميذ بعد موت الرّب. وهذا الاستسلام قد يحمل المسيحي على الإقرار بأنّه سيرتكب دوماً الخطايا نفسها، فيتخلّى عن رحمة الله. لكن من الأهمية بمكان أن يشعر المؤمنون بأنّ الرب يغفر لهم ويحبهم، والقوّة المتأتيّة عن نيل مغفرة الله تدفعنا إلى الأمام. وثمّة باب آخر يُمكن أن يُغلق أمام رحمة الله وهو الخطية، لكن هذا الباب يُغلق من طرف الإنسان، لا من جانب الله، وعلى المؤمن أن يدرك أنّه عندما يعترف بالخطيئة تصبح هذه المساحة التي كانت تبعده عن الرّب فسحة للتّلاقي معه. فانّ الله رحمة، وهو يصنع المعجزات وسط مآسينا، وأطلب من الله نعمة أن نجد في مغفرته فرحنا، وفي رحمته رجاءنا."