الفاتيكان
03 تشرين الثاني 2025, 15:00

البابا: لقد غلب المسيح الموت وفتح لنا نحن أيضًا الطّريق نحو الحياة الأبديّة

تيلي لوميار/ نورسات
لمناسبة تذكار جميع الموتى المؤمنين، ترأّس البابا لاوُن الرّابع عشر بعد ظهر الأحد قدّاسًا إلهيًّا في مقبرة فيرانو في روما، وألقى عظة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"أنّنا في هذا التّذكار نحمل في ذاكرة القلب مَن تركنا من أحبّائنا في يوم موته، وهذه الذّكرى هي حيّة كلّ يوم في كلّ ما نعيش وغالبًا ما يكون هناك ما يُذكّرنا بهم، صور تعود بنا إلى ما عشنا معهم. الكثير ممّا في بيوتنا من أماكن بل وحتّى من روائح تُحَدثنا عمن أحببنا ولم يصبحوا بيننا وتُبقي ذكراهم متقدة.

إلّا أنّنا لسنا هنا اليوم فقط لتذكُّر من ترك هذا العالم. الإيمان المسيحيّ القائم على فصح المسيح يساعدنا على عيش التّذكّر لا فقط كذكرى من الماضي بل وأيضا وفي المقام الأوّل كرجاء للمستقبل. هذا التّذكّر ليس توجيه الأنظار إلى الوراء بل بالأحرى النّظر إلى الأمام، نحو غاية مسيرتنا، نحو المرفأ الآمن الذي وعدنا به الله، نحو العيد اللّامتناهي الذي ينتظرنا. فهناك، بالقرب من الرّبّ القائم ومن أحبّائنا، سنتذوق فرح المأدبة الأبديّة. في ذلك اليوم، وحسبما استمعنا إلى القراءة من سفر أشعيا "سيضع ربّ القوّات لجميع الشّعوب مأدبة مسمَّنات.. ويزيل الموت على الدّوام" (راجع اش ١٥، ٦-٨).

رجاء المستقبل هذا يحفّز تذكّرنا وصلاتنا في هذا اليوم، هذا ليس وهمًا لتخفيف الألم جرّاء الانفصال عن أحبابنا أو مجرّد تفاؤل بشريّ بسيط، إنّه الرّجاء القائم على قيامة يسوع الذي هزم الموت وفتح لنا نحن أيضا الطّريق نحو ملء الحياة. فيسوع هو نقطة وصول سيرنا، وبدون محبّته تصبح رحلة الحياة تجوالا بلا وجهة، خطأً مأساويًّا يفتقد إلى الهدف. القائم من بين الأموات يضمن الوصول، يقودنا إلى البيت الذي نحن فيه منتظرون ومحبوبون ومُخَلَّصون.

ستكون نقطة الوصول الأخيرة هذه، المأدبة التي سيجمعنا حولها الرّبّ، لقاء محبّة،.إنطلاقًا من المحبّة قد خلقَنا الله، وبمحبّة ابنه يُخلِّصنا من الموت، وفي فرح المحبّة معه ومع أحبّائنا يريد أن يجعلنا نعيش إلى الأبد. ولهذا، فإنّنا نسير نحو الهدف ونستبقه في رباط لا ينكسر مع من سبقنا فقط حين نعيش في المحبّة ونمارس المحبّة أحدنا إزاء الآخر، وخاصّة إزاء الأكثر ضعفًا وفقرًا. يسوع يدعونا إلى هذا بكلماته: "أَنِّي جُعتُ فأَطعَمتُموني، وعَطِشتُ فسَقَيتُموني، وكُنتُ غَريبًا فآويتُموني، وعُريانًا فَكسَوتُموني، ومَريضًا فعُدتُموني، وسَجينًا فجِئتُم إِلَيَّ" (راجع متى ٢٥، ٣٥-٣٦).

المحبّة تهزم الموت، وفي المحبّة سيجمعنا الله مع أحبّائنا، وإن سرنا في المحبّة فستصبح حياتنا صلاة ترتفع وتوحّدنا مع من ماتوا، تُقرّبنا منهم بانتظار لقائهم مجدّدًا في فرح الأبديّة."

ودعا البابا بعد ذلك، وبينما يظلّ محفورًا في قلوبنا الألم لغياب مَن لم يَعُد بيننا، "إلى الاتّكال على الرّجاء الذي لا يُخيِّب، فلننظر إلى يسوع القائم ولنفكّر في أحبّائنا الموتى وكأنّ نوره يكسوهم، ولندع تتردّد فينا أصداء وعد الحياة الأبديّة الذي يقدمه لنا الرّبّ، فهو سيزيل الموت على الدّوام. الرّبّ قد هزم الموت إلى الأبد فاتحًا ممرّ حياة أبديّة في نفق الموت كي نتمكّن نحن أيضًا، بالاتّحاد معه، من دخول هذا الممرّ وعبوره.  

الرّبّ ينتظرنا، وحين سنلقاه في نهاية هذه الحياة الأرضيّة سنفرح معه ومع أحبّائنا الذين سبقونا. فليعضدنا هذا الوعد ويجفّف دموعنا ويوجّه أنظارنا إلى الأمام، نحو ذلك الرّجاء المستقبليّ الذي لا يخبو".

هذا وتجدر الإشارة إلى أنّ قداسة البابا لاوُن الرّابع عشر وخلال عودته إلى الفاتيكان عقب القدّاس الإلهيّ قد توقّف في مغارة بازيليك القدّيس بطرس للحظة صلاة من أجل راحة نفس البابوات الذين توفوا.