الفاتيكان
26 حزيران 2020, 08:48

البابا فرنسيس يوافق على الدّليل الجديد للتّعليم المسيحيّ

تيلي لوميار/ نورسات
تمّت صياغة الدّليل الجديد للتّعليم المسيحيّ من قبل المجلس البابويّ لتعزيز البشارة الجديدة كوريث لدليل التّعليم المسيحيّ العام لعام ١۹٧١ وللدّليل العام للتّعليم المسيحيّ لعام ١۹۹٧، ووافق عليه البابا فرنسيس في الثّالث والعشرين من آذار/ مارس الماضي في الذّكرى اللّيتورجيّة للقدّيس "Turibio di Mogrovejo" الذي في القرن السّادس عشر أعطى دفعًا قويًّا للبشارة والتّعليم المسيحيّ.

إنّ العلاقة الوثيقة بين البشارة والتّعليم المسيحيّ هي ميزة الدّليل الجديد الذي يسلّط الضّوء على الوحدة بين الإعلان الأوّل ونضوج الإيمان في ضوء ثقافة اللّقاء. وهذه الميزة هي ضروريّة أكثر من أيّ وقت مضى إزاء تحدّيين للكنيسة في هذا الزّمن المعاصر: الثّقافة الرّقميّة وعولمة الثّقافة.

ويشرح دليل التّعليم المسيحيّ في أكثر من ٣٠٠ صفحة، مقسّمة إلى ٣ أجزاء و١٢ فصلًا بحسب ما أورد "فاتيكان نيوز"، "أنّ كلّ شخص معمّد هو تلميذ مرسل وأنّ هناك حاجة ماسّة إلى الجهود والمسؤوليّات للعثور على أساليب جديدة يتمّ من خلالها نقل الإيمان. ثلاثة مبادئ أساسيّة يمكننا العمل من خلالها: الشّهادة، لأنّ الكنيسة لا تنمو بالاقتناص، بل بالجذب؛ الرّحمة، التّعليم المسيحيّ الحقيقيّ الذي يجعل إعلان الإيمان أكثر مصداقيّة؛ والحوار الحرّ والمجّاني الذي لا يفرض أو يجبر وإنّما وانطلاقًا من المحبّة يساهم في السّلام. وبهذا الأسلوب يساعد التّعليم المسيحيّ المسيحيّين لكي يعطوا معنى كاملًا لحياتهم."

يحمل الجزء الأوّل عنوان "التّعليم المسيحيّ في رسالة الكنيسة التّبشيرية"، ويركّز على تنشئة أساتذة التّعليم المسيحيّ "لكي يكونوا شهودًا للإيمان ذوي مصداقيّة، أيّ أنّه يجب عليهم أن يكونوا أساتذة تعليم مسيحيّ قبل أن يعلّموا التّعليم المسيحيّ. وبالتّالي، يجب عليهم أن يعملوا بمجّانيّة وتفاني وصدق بحسب الرّوحانيّة الإرساليّة التي تبقيهم بعيدًا عن "الجهد الرّعويّ العقيم" وعن الفردانيّة". 

أمّا الجزء الثّاني فيحمل عنوان "عمليّة التّعليم المسيحيّ"، وهو يظهر بوضوح أهمّيّة الأسرة "الفاعل النّشيط للبشارة والمكان الطّبيعيّ لعيش الإيمان بطريقة بسيطة وعفويّة، فهي تقدّم في الواقع تربية مسيحيّة تعاش في الشّهادة من خلال أسلوب متواضع وشفوق". وفي ما يتعلّق بالمواقف غير النّظاميّة والسّيناريوهات العائليّة الجديدة الحاضرة في المجتمع المعاصر، "تدعو الكنيسة إلى المرافقة في الإيمان بالقرب والإصغاء والتّفهُّم من أجل إعادة الثّقة والرّجاء للجميع."

والجزء الثّالث، الخاصّ بالـ "التّعليم المسيحيّ في الكنائس الخاصّة"، يسلّط الضّوء على "دور الرّعايا، التي يتمُّ تحديدها كمثال للعمل الرّسوليّ الجماعيّ، قادر على تقديم تعليم مسيحيّ خلّاق و"في إنطلاق" نحو خبرات الأشخاص. أمّا بالنسبة للمدارس الكاثوليكيّة فهي مدعوّة للانتقال من مدارس - مؤسّسات إلى مدارس – جماعات إيمان، من خلال مشروع تربويّ يقوم على قيم الإنجيل. في هذا السّياق، تُخصّص فقرة للتّعليم الدّينيّ الذي يختلف عن التّعليم المسيحيّ ولكنّه مكّمل له". 

ويؤكِّد الدّليل "إنَّ العامل الدّينيّ هو أحد أبعاد الحياة ولا يجب إهماله، لذلك، من حقّ الوالدين والطّلاب الحصول على تنشئة متكاملة تأخذ التّعليم الدّينيّ أيضًا بعين الاعتبار."

ويشدّد الدّليل أيضًا على قطاع العمل المسكونيّ والحوار بين الأديان مع اليهوديّة والإسلام. فيما يتعلّق بالنّقطة الأولى، يشدّد الدّليل "على كيف يجب على التّعليم المسيحيّ أن يثير الرّغبة في الوحدة بين المسيحيّين ليكونوا أداة تبشير صادقة." أمّا بالنّسبة لليهوديّة، "فإنّ الحوار مدعوّ لمحاربة معاداة السّاميّة وتعزيز السّلام والعدالة. أمّا إزاء الأصوليّة العنيفة التي يمكن مواجهتها أحيانًا في الإسلام، فتحثّ الكنيسة على تجنّب التّعميمات السّطحيّة، وتعزيز المعرفة واللّقاء مع المسلمين." 

ويجب على التّعليم المسيحيّ "أن يعمّق ويقوّي هويّة المؤمنين، وأن يعزز دفعهم الرّسوليّ من خلال الشّهادة والحوار اللّطيف والودّيّ."

ويتحدّث الدّليل عن الثّقافة الرّقميّة "التي يُنظر إليها اليوم على أنّها طبيعيّة، لدرجة أنّها غيّرت الأسلوب والتّسلسل الهرميّ للقيم على نطاق عالميّ. فبالإضافة إلى الجوانب الإيجابيّة، "يملك العالم الرّقميّ في الوقت عينه جانبًا مظلمًا: يمكنه أن يحمل إلى الوحدة، والتّلاعب، والعنف، والتّنمّر عبر الإنترنت، والأحكام المسبقة، والكراهية. بدون نسيان موقف "الإيمان الأعمى" الذي يمكن التّحلّي به إزاء محرّك البحث، على سبيل المثال." 

أمّا فيما يتعلّق بتسمية "الجندر"، يُذكّر الدّليل "أنّ الكنيسة ترافق دائمًا وفي جميع الأوضاع، بدون أن تدين، الأشخاص الذين يعيشون حالات معقدة وأحيانًا متضاربة. ومع ذلك، ومن منظور الإيمان، ليس الجنس ليس عنصرًا جسديًّا فحسب، بل هو قيمة يعهد بها إلى مسؤوليّة الشّخص البشريّ، وجواب على دعوة الله الأصليّة. لذلك، وفي مجال الأخلاقيّات الحيويّة، سيحتاج أساتذة التّعليم المسيحيّ إلى تنشئة محدّدة تنطلق من مبدأ قدسيّة الحياة البشريّة وحرمتها ويتناقض مع ثقافة الموت. وفي هذا الصّدد، يدين الدّليل عقوبة الإعدام، التي واصفًا إياها على أنّها إجراء لاإنسانيّ يهين كرامة الشّخص البشريّ."

ومن بين القضايا الأخرى التي تتناولها الوثيقة العلم والتّكنولوجيا، والارتداد الإيكولوجيّ وعالم العمل. ويركّز الفصلان الأخيران من دليل التّعليم المسيحيّ على "التّعليم المسيحيّ المحلّيّ، مع التّعليمات للحصول على موافقة من الكرسيّ الرّسوليّ، والهيئات العاملة في خدمة التّعليم المسيحيّ، بما في ذلك سينودس الأساقفة والمجالس الأسقفيّة."