البابا فرنسيس يطلق نداءً من أجل لييبا
وفي ندائه حثّ الأب الأقدس "جميع المنظّمات الدّوليّة وجميع الّذين يشغلون مسؤوليّات سياسيّة وعسكريّة لكي يطلقوا مجدّدًا بقناعة وحزم البحث عن طريق نحو وقف العنف يحمل إلى سلام واستقرار ووحدة البلاد"، مشدّدًا على أنّ هذه مسؤوليّة الجميع إذ "لا يمكن لأحد أن يشعر بأنّه مُستثنى منها"، داعيًا في الختام إلى الصّلاة "بصمت" من أجل ليبيا.
وكان البابا قبل تلاوة الصّلاة قد توجّه بكلمة إلى المؤمنين والحجّاج المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، قال فيها نقلاً عن "فاتيكان نيوز": "يحتفل اليوم في إيطاليا وفي بلدان أخرى، بعيد جسد المسيح ودمه. في القراءة الثّانية الّتي تقدّمها لنا اللّيتورجية اليوم يصف القدّيس بولس الاحتفال الإفخارستيّ ويسلّط الضّوء على نتيجتين للكأس المشترك والخبز المكسور: النّتيجة السّرّيّة والنّتيجة الجماعيّة.
يؤكّد الرّسول أوّلاً: "أَلَيسَت كَأسُ البَرَكةِ الَّتي نُبارِكُها مُشارَكَةً في دَمِ المسيح؟ أَلَيسَ الخُبْزُ الَّذي نَكسِرُه مُشارَكَةً في جَسَدِ المسيح؟" تعبّر هذه الكلمات عن النّتيجة السّرّيّة أو يمكننا القول أيضًا الرّوحيّة للإفخارستيّا: يتعلّق هذا الأمر بالاتّحاد بالمسيح الّذي في الخبز والخمر يقدّم الخلاص للجميع. يسوع حاضر في سرِّ الإفخارستيّا ليكون غذاءنا ولكي نأخذه ويصبح فينا تلك القوّة المجدّدة الّتي تعطينا الطّاقة والرّغبة في الانطلاق مجدّدًا في المسيرة بعد كلّ وقفة أو سقطة. لكنّ هذا الأمر يتطلّب موافقتنا واستعدادنا بأن نسمح بتغيير أنفسنا وأسلوبنا في التّفكير والتّصرّف، وإلّا فستتحوّل الاحتفالات اللّيتورجيّة الّتي نشارك فيها إلى مجرّد طقوس فارغة ورسميّة.
النّتيجة الثّانية هي النّتيجة الجماعيّة ويعبّر عنها القدّيس بولس بهذه الكلمات: "فَلَمّا كانَ هُناكَ خُبزٌ واحِد، فَنَحنُ عَلى كَثرَتِنا جَسَدٌ واحِد". إنّها الشّركة المتبادلة للّذين يشاركون في الإفخارستيّا لدرجة أن يصبحوا فيما بينهم جسدًا واحدًا، تمامًا كما هو واحد الخبز الّذي يُكسر ويوزّع. إنّ الشّركة في جسد المسيح هي علامة فعّالة للوحدة والشّركة والمقاسمة. لا يمكننا أن نشارك في الإفخارستيّا بدون أن نلتزم في أخوّة صادقة متبادلة. لكن الرّبّ يعرف جيّدًا أنَّ قوانا البشريّة وحدها لا تكفي لذلك. لا بل هو يعرف أيضًا أنّ بين تلاميذه ستكون هناك على الدّوام تجربة المنافسة والحسد والأحكام المسبقة والانقسام... ولذلك أيضًا ترك الرّبّ لنا سرّ حضوره الحقيقيّ الملموس والدّائم، لكي وإذ نبقى متّحدين به يمكننا أن ننال على الدّوام عطيّة المحبّة الأخويّة. قال يسوع لأصدقائه: "أُثبُتوا في مَحَبَّتي"؛ وهذا الأمر ممكن بفضل الإفخارستيّا.
إنّ ثمرة الإفخارستيّا المزدوجة: الأولى الاتّحاد مع المسيح والثّانية الشّركة بين الّذين يغتذون منه، تولّد وتجدّد الجماعة المسيحيّة باستمرار. فالكنيسة هي الّتي تصنع الإفخارستيّا ولكن الأساسيّ هو أنّ الإفخارستيّا تصنع الكنيسة، وتسمح لها بأن تكون رسالتها قبل أن تقوم بها. هذا هو سرّ الشّركة وسرّ الإفخارستيّا: ننال يسوع لكي يحوّلنا من الدّاخل، ننال يسوع لكي يصنع منّا الوحدة لا الانقسام.
لتساعدنا العذراء مريم لكي نقبل على الدّوام بدهشة وامتنان العطيّة العظمى الّتي منحنا يسوع إيّاها تاركًا لنا سرّ جسده ودمه".
وفي ختام التّبشير، دعا البابا فرنسيس المجتمع ليكون "أكثر تضامنًا وحسّاسًا مع المعوزين"، محيّيًا المتطوّعين في اليوم العالميّ للمتبرّعين بالدّمّ الحاضرين في ساحة الفاتيكان، معبّرًا عن تقديره لهم ولعملهم "البسيط وإنّما الفائق الأهمّيّة لمساعدة القريب".