الفاتيكان
14 شباط 2022, 09:45

البابا فرنسيس يطلق نداء من أجل السّلام في أوكرانيا

تيلي لوميار/ نورسات
أطلق البابا فرنسيس، بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ أمس الأحد، نداء للصّلاة من أجل السّلام في أوكرانيا، إذ أنّ "الأنباء الواردة من أوكرانيا تحمل على القلق الشّديد"، موكلاً كلّ جهد من أجل السّلام إلى "شفاعة العذراء مريم وإلى ضمائر المسؤولين السّياسيّين، قائلاً: "لنصّل بصمت!".

وكان البابا قبيل الصّلاة قد ألقى كلمة على مسامع المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، شدّد فيها على أهمّيّة أن يعيش تلميذ الرّبّ التّطويبات الواردة في الإنجيل، على الرّغم من أنّها تتعارض مع منطق هذا العالم.

وقال الأب الأقدس بحسب "فاتيكان نيوز": "إنّ إنجيل الأحد يحدّثنا عن التّطويبات، لافتًا إلى أنّ جمعًا كبيرًا كان يحيط بالرّبّ يسوع، لكنّه توجّه إلى تلاميذه ليعلن التّطويبات. وأكّد فرنسيس أنّ التّطويبات تحدّد هويّة تلميذ يسوع، وقد تبدو غريبة، أو حتّى مبهمة بالنّسبة لغير تلامذة المسيح، أمّا إذا تساءلنا كيف يكون الشّخص تلميذًا للرّبّ، فالإجابة توجد في التّطويبات. وأكّد البابا أنّ التّطويبة الأولى تشكّل ركيزة لباقي التّطويبات إذ قال الرّبّ: "طوبى لكم أنتم أيّها الفقراء، فإنّ لكم ملكوت الله". فقد قال يسوع لتلاميذه إنّهم طوباويّون وإنّهم فقراء، أو بالأحرى إنّهم طوباويّون لأنّهم فقراء.

تابع البابا كلمته موضحًا أنّ تلميذ الرّبّ لا يجد فرحه بالمال، أو السّلطة، أو بالممتلكات المادّيّة الأخرى، بل في الهبات الّتي ينالها كلّ يوم من الله، ألا وهي: الحياة، الخليقة، الأخوة والأخوات. إنّها هبات الحياة! وهو يكون أيضًا مستعدًّا لتقاسم الممتلكات المتوفّرة لديه مع الآخرين، لأنّه يعيش في منطق المجّانيّة الّذي هو منطق الله. التّلميذ يعرف كيف يعيش المجّانيّة! كما أنّ هذا الفقر، مضى فرنسيس إلى القول، هو موقف تجاه معنى الحياة الحقيقيّ. فتلميذ يسوع لا يدّعي أنّه يعرف كلّ شيء، بل يُدرك أنّه عليه أن يتعلّم أمورًا جديدة كلّ يوم. لذا فهو شخص متواضع، منفتح وبعيد عن الأحكام المسبقة والتّصلّب.

بعدها ذكّر الحبر الأعظم المؤمنين بإنجيل الأحد الفائت، الّذي يُخبرنا كيف أنّ سمعان بطرس، الصّيّاد المتمرّس، قبل دعوة يسوع وألقى شباكه في وقت غير ملائم. وأخذته الدّهشة بسبب الصّيد الوافر، فترك السّفينة وممتلكاته كلّها وتبع الرّبّ يسوع. لقد كان بطرس متواضعًا، تخلّى عن كلّ شيء وصار تلميذًا للرّبّ. أمّا الأشخاص المتمسّكون بأفكارهم ومواقفهم الخاصّة، فمن الصّعب أن يتبعوا يسوع حقًّا. يتبعونه في الأمور الّتي تناسبهم. وهكذا يقعون ضحيّة الحزن، إذ يرى هذا الشّخص الواقع مغايرًا لأنماط تفكيره ولا يجد الرّضا. أمّا التّلميذ فهو يعرف كيف يبحث عن الله بتواضع كلّ يوم، وهذا الأمر يسمح له بالدّخول إلى الواقع وإدراك غناه وتعقيداته.

هذا ثمّ قال البابا فرنسيس إنّ تلميذ الرّبّ، يقبل مفارقة التّطويبات، الّتي تقول إنّ الشّخص الفقير هو شخص طوباويّ، أيّ فرح، مع أنّه يحتاج إلى أمور كثيرة. لكنّنا نميل إلى التّفكير بطريقة مختلفة من وجهة النّظر الإنسانيّة. نميل إلى الاعتقاد بأنّ الشّخص الفرح هو الشّخص الغنيّ، الّذي ينال التّصفيق ويحسده كثيرون. هذا هو الفكر الدّنيويّ! بيد أنّ يسوع يعلن فشل هذا النّجاح الدّنيويّ، لأنّه يرتكز إلى أنانيّة تعظّم الإنسان لكنّها تترك فراغًا في القلب.

وإزاء مفارقة التّطويبات، مضى البابا إلى القول، يدرك تلميذ الرّبّ أنّنا مدعوّون للانصياع إلى منطق الله لا العكس. وهذا الأمر يتطلّب مسيرة، قد تكون متعبة أحيانًا، لكنّها مرفقة دومًا بالفرح. لأنّ تلميذ يسوع فرح بسبب الفرح المتأتي من عند الرّبّ. وقال البابا: لنتذكّر أوّل كلمة قال الرّبّ، وهي كلمة "طوبى"، لأنّ هذا هو معنى أن يكون الإنسان تلميذًا ليسوع. ولفت فرنسيس إلى أنّ الرّبّ، يحرّرنا من عبوديّة الأنانيّة، ويُخرجنا من انغلاقنا، يليّن قساوتنا ويمنحنا السّعادة الّتي توجد غالبًا في أماكن غير متوقّعة. إنّ الرّبّ هو من يجب أن يقود حياتنا."

وفي الختام دعا البابا المؤمنين إلى التّساؤل ما إذا كانوا فعلاً مستعدّين ليصبحوا تلامذة حقيقيّين للرّبّ، أم أنّهم متصلّبون في مواقفهم. ما إذا كانوا يتقبّلون مفارقة التّطويبات، أم أنّهم يتمسّكون بأفكارهم. وما إذا كانوا يشعرون بفرح اتّباع المسيح على الرّغم من كلّ المتاعب والصّعوبات. ولفت إلى أنّ ميزة تلميذ الرّبّ الكبرى هي الفرح داخل القلب. وهكذا يُعرف تلميذ الرّبّ، من يحمل الفرح في قلبه. وسأل العذراء مريم، الّتي كانت أوّل تلميذة لابنها، أن تساعدنا على العيش كتلامذة منفتحين وفرحين!".