الفاتيكان
16 نيسان 2020, 10:20

البابا فرنسيس يصلّي على نيّة الصّيادلة

تيلي لوميار/ نورسات
"لقد وبّخني البعض خلال هذه الأيّام لأنّني نسيتُ أن أشكر مجموعة من الأشخاص الّذين يعملون أيضًا... لقد شكرت الأطبّاء والممرّضين والمتطوّعين... ولكنّني نسيت الصّيادلة الّذين يعملون هم أيضًا لمساعدة المرضى على الشّفاء من المرض. لنصلِّ من أجلهم أيضًا". بهذه الكلمات رفع البابا فرنسيس صباحًا صلاته إلى الله على نيّة الصّيادلة، خلال الذّبيحة الإلهيّة الّتي ترأّسها في كابيلا القدّيسة مرتا.

ثمّ تأمّل الأب الأٌقدس في إنجيل لوقا البشير حول ظهور يسوع لتلاميذه، فقال بحسب "فاتيكان نيوز": "إنَّ الفرح هو خبرة التّعزية الأكبر؛ إنّه ملء حضور الرّبّ وثمرة الرّوح القدس، إنّه نعمة... إنّ القوّة العظيمة الّتي نملكها لكي نعلن الإنجيل والمضيّ قدمًا كشهود حياة هو فرح الرّبّ الّذي هو ثمرة الرّوح القدس.

مشاعر كثيرة كانت تخالج قلوب النّاس في أورشليم خلال هذه الأيّام: الخوف والدّهشة والشّكّ. "بَينَما كانَ المُقعَد المَشفِيُّ يَلزَمُ بُطرُسَ ويوحَنَّا، أَخَذَ الشَّعبُ كُلُّه، وقَدِ استَولى علَيهِ الدَّهَش..." الجوّ ليس هادئًا لأنّ أمورًا كثيرة كانت تحصل ولم يكن أحد يفهمها. ظهر يسوع لرسله الّذين كانوا يعرفون أنّه قام من الموت، بطرس أيضًا كان يعرف ذلك لأنّه كان قد التقى به في ذلك الصّباح، كذلك التّلميذان اللّذان عادا من عمّاوس كانا يعرفان ذلك ولكن عندما ظهر الرّبّ لهم "أَخَذَهُمُ الفَزَعُ والخَوفُ، وَتَوَهَّموا أَنَّهم يَرَونَ رُوحًا"؛ هذه الخبرة عينها عاشها الرّسل عندما جاء يسوع إليهم ماشيًا على المياه، ولكن بطرس في ذلك اليوم قد تشجّع وراهن على الرّبّ قائلًا: "يَا سَيِّدُ، إِن كُنتَ أَنتَ هُوَ، فَمُرْنِي أَن آتِيَ إِلَيكَ عَلَى المَاءِ". لكن اليوم بقي بطرس صامتًا، كان قد تكلّم مع الرّبّ أمّا الحديث الّذي دار بينهما فلا أحد يعرفه ولذلك بقي صامتًا. لقد أَخَذَهُمُ الفَزَعُ والخَوفُ، وَتَوَهَّموا أَنَّهم يَرَونَ رُوحًا، فقال لهم يسوع: "ما بالُكم مُضطَرِبين، ولِمَ ثارَتِ الشُّكوكُ في قُلوبِكم؟ أُنظُروا إِلى يَدَيَّ ورِجلَيَّ..." قالَ هذا وأَراهُم يَدَيهِ وَرِجلَيهِ. ذلك الكنز الّذي حمله يسوع إلى السّماء ليريه إلى الآب ويتشفّع لأجلنا.

"إِلمِسوني وانظُروا، فإِنَّ الرُّوحَ ليسَ له لَحمٌ ولا عَظْمٌ كما تَرَونَ لي"، من ثمَّ تأتي جملة تعطيني تعزية كبيرة وهي: "غَيرَ أَنَّهم لم يُصَدِّقوا مِنَ الفَرَحِ، وظَلُّوا يَتَعَجَّبون"، لقد كان فرحهم يمنعهم من التّصديق؛ لقد كان فرحهم كبيرًا لدرجة أنّ ذلك لم يكن يبدو لهم حقيقيًّا. لقد كان فرحهم كبيرًا وهذا الأمر منعهم من التّصديق: لقد شلّهم الفرح. إنَّ الفرح هو أحد الأمنيات الّتي يتمنّاها بولس إلى أهل روما: "لِيَغمُرْكُم إِلهُ الرَّجاءِ بِالفَرَحِ والسَّلامِ في الإِيمان لِتَفيضَ نُفوسُكم رجاءً بِقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُس!". أن يكون المرء ممتلئًا بالفرح هي التّعزية الأكبر الّتي يمكن أن يعيشها، ولذلك يتمنّى بولس لأهل روما أن يغمرهم إله الرّجاء بالفرح.

إنّ عبارة "امتلأ بالفرح" أو "غمره الفرح" هي عبارة تتردّد مرارًا في الكتاب المقدّس، فعلى سبيل المثال عندما أنقذ بطرس حياة سجّانه الّذي كان يريد أن يقتل نفسه لأنَّ زلزالًا فتح أبواب السّجن ومن ثمَّ أعلن له الإنجيل وعمّده، يخبرنا الكتاب المقدّس أنّ ذلك الرّجل امتلأ فرحًا. وهذا ما حصل أيضًا مع وكيل ملكة الحبشة بعدما عمّده فيليبُّس واختفى، تابع مسيرته ممتلئًا فرحًا. وهذا ما حصل أيضًا مع الرّسل بعد صعود الرّبّ إلى السّماء إذ عادوا إلى أورشليم ممتلئين فرحًا. إنّه ملء التّعزية وملء حضور الرّبّ، لأنّه وكما يقول القدّيس بولس إلى أهل غلاطية: "الفرح هو ثمرة الرّوح القدس" وليس نتيجة لمشاعر تتفجّر من أجل شيء جميل وحسب... لا الفرح هو أكثر من ذلك. إنّ الفرح الّذي يملؤنا هو ثمرة الرّوح القدس، وبدون الرّوح القدس لا يمكننا أن نتحلّى بهذا الفرح. ونوال فرح الرّوح القدس هو نعمة من الله.

تأتي إلى ذهني المقاطع الأخيرة من الإرشاد الرّسوليّ للبابا بولس السّادس "إعلان الإنجيل" عندما يتحدّث عن مسيحيّين فرحين ومبشّرين فرحين لا أولئك الّذين يعيشون في حزن وكآبة دائمَين. واليوم هو يوم جميل لنقرأ هذه المقاطع. إذ يقول لنا الإنجيل اليوم: "غَيرَ أَنَّهم لم يُصَدِّقوا مِنَ الفَرَحِ، وظَلُّوا يَتَعَجَّبون..." هناك أيضًا مقطع من سفر نحميا قد يساعدنا اليوم في هذا التّأمّل حول الفرح. عندما وبعد أن عاد الشّعب إلى أورشليم ووجد مجدّدًا كتاب شريعة الرّبّ، فاجتَمَعَ الشَّعبُ كُلُّهُ كَرَجُلٍ واحِدٍ في السّاحَةِ الَّتي أَمامَ بابِ المِياه، وَقامَ عَزرا الكاتِبُ عَلى مِنبَرٍ مِن خَشَبٍ مَصنوعٍ لِذَلِك. وَفَتَحَ عَزرا السِّفرَ عَلى عُيونِ كُلِّ الشَّعب (لِأَنَّهُ كانَ فَوقَ الشَّعبِ كُلِّهِم)، وقرأ لهم كلمة الرّبّ، فكانَ الشَّعبُ كُلُّهُم يَبكون، عِندَ سَماعِهِم كَلِماتِ التَّوراة. لقد كانوا يبكون تأثرًا وفرحًا. ولذلك قالَ نحميا للشّعب بعدها: "أُمضوا، كُلوا المُسَمَّنات، وَاشرَبوا الحُلوَ، وَوَزِّعوا حِصَصًا عَلى الَّذينَ لَم يُهَيَّأ لَهُم. لِأَنَّهُ يَومٌ مُقَدَّسٌ لِرَبِّنا. فَلا تَحزَنوا: لِأَنَّ فَرَحَ الرَّبِّ قُوَّتُكُم".

إنّ كلمة سفر نحميا هذه ستساعدنا اليوم. إنّ القوّة الكبرى الّتي نملكها لكي نحوّل الحياة ونعلن الإنجيل ونسير قدمًا كشهود حياة هي فرح الرّبّ الّذي هو ثمرة الرّوح القدس وعلينا اليوم أن نطلب من الرّبّ أن يمنحنا هذه الثّمرة".

وفي الختام، بارك البابا المؤمنين بالقربان المقدّس ودعاهم إلى المناولة الرّوحيّة.