الفاتيكان
08 تشرين الثاني 2021, 11:20

البابا فرنسيس يدعو للصّلاة من أجل إثيوبيا والشّعوب الّتي تمتحن بشدّة

تيلي لوميار/ نورسات
"أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، أتابع بقلق الأخبار الّتي تصل من منطقة القرن الأفريقيّ، ولاسيّما من إثيوبيا، الّتي يهزّها صراع مستمرّ منذ أكثر من عام ويتسبّب في وقوع العديد من الضّحايا وأزمة إنسانيّة خطيرة. أدعو الجميع للصّلاة من أجل تلك الشّعوب الّتي تُمتحن بشدّة، وأجدّد ندائي لكي يسود الوئام الأخويّ والدّرب السّلميّ للحوار".

هذا النّداء وجّهه البابا فرنسيس أمس الأحد، عقب صلاة التّبشير الملائكيّ، معلنًا قربه من إثيوبيا. كما أكّد صلاته من أجل ضحايا الحريق الّذي أعقب انفجار الوقود في ضواحي فريتاون، عاصمة سيراليون.

وكان البابا فرنسيس قد ألقى كلمة قبيل الصّلاة، قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "إنَّ المشهد الّذي يصفه الإنجيل الّذي تقدّمه اللّيتورجيا اليوم يحدث داخل هيكل أورشليم. ينظر يسوع إلى ما يحدث في هذا المكان، وهو الأكثر قداسة على الإطلاق، ويرى كيف يحب الكتبة أن يمشوا لكي يراهم النّاس ويحيّوهم ويبجِّلوهم، وأن يكون لديهم مناصب شرف. ويضيف يسوع أنّهم "يأكُلونَ بُيوتَ الأَرامِل، وهم يُظهِرونَ أَنَّهُم يُطيلونَ الصَّلاة". في الوقت عينه، تلمح عيناه مشهدًا آخر: أرملة فقيرة، واحدة من تلك اللّواتي يستغلّهم الأقوياء، تُلقي في خزانة الهيكل "جَميعَ ما تَملِك، كُلَّ رِزقِها". يضعنا الإنجيل أمام هذا التّناقض المذهل: الأغنياء، الّذي ألقوا الفاضِلِ عن حاجاتِهم لكي يراهم النّاس، وامرأة فقيرة، م دون أن يراها أحد، تُلقي مِن حاجَتِها جَميعَ ما تَملِك، كُلَّ رِزقِها.

ينظر يسوع إلى المشهدين. وهذا الفعل بالتّحديد- "نظر"- هو الّذي يلخِّص تعاليمه: علينا أن نحترس من الّذين يعيشون الإيمان بازدواجيّة، مثل هؤلاء الكتبة لكي لا نصبح مثلهم؛ بينما علينا أن ننظر إلى الأرملة لكي نأخذها كمثال لنا. لنتوقّف عند هذا: الحذر من المرائين والنّظر إلى الأرملة الفقيرة. أوّلاً الحذر من المرائين، أيّ التّنبُّه من أن نؤسّس حياتنا على عبادة المظاهر، والظّواهر الخارجيّة، وعلى الاهتمام المبالغ فيه بصورتنا الشّخصيّة. ولاسيّما أن نتنبّه لكي لا نُسخِّر الإيمان لمصالحنا. لقد كان هؤلاء الكتبة يُغطّون مجدهم الباطل باسم الله، والأسوأ من ذلك، كانوا يستخدمون الدّين لكي يديروا أعمالهم، ويستغلّوا سلطتهم ويستغلّوا الفقراء. إنّه تحذير لجميع الأوقات وللجميع، الكنيسة والمجتمع: لا تستغلّوا دوركم أبدًا لكي تسحقوا الآخرين، ولا تحقّقوا أبدًا نجاحاتكم على حساب الأشخاص الأشدَّ ضعفًا! واسهروا لكي لا تقعوا في الغرور، ولكي لا نجد أنفسنا متوقّفين عند المظاهر فنفقد الجوهر ونعيش في السّطحيّة. لنسأل أنفسنا: هل نريد في ما نقوله ونفعله، أن نكون موضع تقدير ورضا أو أن نقدّم خدمة لله والقريب، ولاسيّما الأشدَّ ضعفًا؟ لنسهر على نفاق القلب والرّياء الّذي هو مرض خطير للنّفس!

ولكي نشفى من هذا المرض، يدعونا يسوع لكي ننظر إلى الأرملة الفقيرة. ويدين الرّبّ استغلال هذه المرأة الّتي، ولكي تلقي تقدمتها في خزانة الهيكل، يجب أن تعود إلى البيت محرومة حتّى من القليل الّذي تملكه لكي تحيا. كم هو مهمّ أن نحرِّر المقدّسات من الرّوابط بالمال! لكن في الوقت عينه، يمدح يسوع حقيقة أنّ هذه الأرملة قد ألقت كلّ ما تملكه في الخزانة. لم يبق لها شيء لكنّها تجد في الله كلّ ما تحتاج إليه. هي لا تخاف أن تفقد القليل الّذي تملكه، لأنّها تثق في الكثير الّذي يمنحه الله، الّذي يضاعف فرح الّذين يعطون. لذلك يقترحها يسوع علينا كمعلّمة للإيمان: فهي لا تذهب إلى الهيكل لكي تريح ضميرها، ولا تصلّي لكي يُنظر إليها، ولا تتباهى بإيمانها، بل تعطي من كلّ قلبها بسخاء ومجّانيَّة. يتميَّز فلسها بصوت أجمل من تقادم الأغنياء العظيمة، لأنّه يعبّر عن حياة مكرّسة لله بصدق، إيمان لا يعيش على المظاهر وإنّما على الثّقة غير المشروطة. لنتعلّم منها: إيمان بدون زخارف خارجيّة، ولكن صادق في الدّاخل؛ إيمان يقوم على المحبّة المتواضعة لله وللإخوة. والآن نتوجّه إلى العذراء مريم، الّتي بقلبها المتواضع والشّفّاف جعلت حياتها كلّها عطيّة لله ولشعبه."

وبعد الصّلاة، أشار الأب الأٌقدس إلى إعلان تطويب ثلاثة شهداء للإيمان السّبت في مانريسا- إسبانيا، وهم "ينتمون إلى رهبانيّة الإخوة الكبّوشيّين الأصاغر: بينيت دي سانتا كولوما دي غرامينه، وجوزيب أوريول دي برشلونة، ودومينيك دي سانت بيري دي ريوديبيتليس. لقد قُتلوا في فترة الاضطهاد الدّينيّ في إسبانيا في القرن الماضي، وأظهروا أنّهم شهودًا ودعاء وشجعان للمسيح"، سائلاً أن "يساعد مثالهم مسيحيّي اليوم لكي يبقوا أمناء لدعوتهم، حتّى عند التّجارب والمحن."