البابا فرنسيس: هذا ما يحتاجه عالمنا!
وفي تعليمه الأوّل، قال البابا فرنسيس بحسب "فاتيكان نيوز": "كثيرون منكم يتواجدون هنا، في روما، كـ"حجّاج رجاء". نبدأ هذا الصّباح المقابلات العامّة الخاصّة باليوبيل ليوم السّبت، الّتي تريد بشكل مثاليّ أن تستقبل وتعانق جميع الّذين يأتون من جميع أنحاء العالم لكي يبحثوا عن بداية جديدة. إنّ اليوبيل، في الواقع، هو بداية جديدة، وفرصة للجميع لكي ينطلقوا مجدّدًا من الله. مع اليوبيل تبدأ حياة جديدة ومرحلة جديدة.
في هذه اللّقاءات الأسبوعيّة، أودّ أن أسلّط الضّوء، في كلّ مرّة، على جانب معيّن من الرّجاء. إنّه فضيلة لاهوتيّة، وفي اللّغة اللّاتينيّة كلمة "virtus" تعني "القوّة"، وبالتّالي فالرّجاء هو قوّة تأتي من الله. لذا، فالرّجاء ليس مجرّد عادة أو سمة من سمات الشّخصيّة– إما أن يمتلكها الإنسان أو لا– بل هو قوّة علينا أن نطلبها. لهذا السّبب نحن حجّاج: نأتي لكي نطلب عطيّة، لكي نبدأ من جديد في مسيرة الحياة.
نستعدُّ للاحتفال بعيد معموديّة يسوع، وهذا الأمر يجعلنا نفكّر في ذلك النّبيّ العظيم للرّجاء، يوحنّا المعمدان. الّذي قال عنه يسوع شيئًا رائعًا: إنّه الأعظم بين مواليد النّساء. عندها نفهم لماذا كان النّاس يأتون إليه بأعداد كبيرة، برغبة في بداية جديدة. لقد ظهر المعمدان بشخصيّة عظيمة وذات مصداقيّة عالية في شخصيّته. وكما نعبر اليوم عبر الباب المقدّس، كذلك كان يوحنّا يدعو النّاس لعبور نهر الأردنّ، وللدّخول إلى أرض الميعاد كما حدث مع يشوع في المرّة الأولى. إنّها دعوة للبدء مجدّدًا، لاستلام الأرض من جديد كما لو أنّها المرّة الأولى.
لكن يسوع، بعد ذلك المديح الكبير مباشرة، يضيف شيئًا يدعونا للتّأمّل: "أقول لكم: ليس في أولاد النّساء أكبر من يوحنّا، ولكن الأصغر في ملكوت الله أكبر منه". إنّ الرّجاء، أيّها الإخوة والأخوات، يكمن في هذه القفزة النّوعيّة. إنّ الأمر لا يتعلّق بنا، بل بملكوت الله. وهنا تكمن المفاجأة: إنّ قبول ملكوت الله ينقلنا إلى مستوى جديد من العظمة. وهذا ما يحتاجه عالمنا، وما نحتاجه جميعًا!
عندما نطق يسوع بهذه الكلمات، كان يوحنّا المعمدان في السّجن، مليئًا بالتّساؤلات. ونحن أيضًا نحمل معنا في حجّنا العديد من الأسئلة، لأنّ هناك الكثير من الـ"هيرودس" الّذين لا يزالون يقاومون ملكوت الله. لكن يسوع يرينا الدّرب الجديد، درب التّطويبات، الّتي تشكّل الشّريعة الرّائعة للإنجيل. لذا، لنسأل أنفسنا: هل لديّ رغبة حقيقيّة في أن أبدأ من جديد؟ هل أريد أن أتعلّم من يسوع من هو الكبير حقًّا؟ إنّ الأصغر في ملكوت الله هو الأكبر.
لنتعلّم من يوحنّا المعمدان أن نعيد النّظر في الأمور. إنّ الرّجاء لبيتنا المشترك– هذه الأرض الّتي أسيء استخدامها وتعرّضت للجراح– والرّجاء لجميع البشر يكمن في اختلاف الله. إنّ عظمته مختلفة. ونحن نبدأ مجدّدًا من هذه الميزة الإلهيّة الّتي تجلّت في يسوع، والّتي تدعونا الآن لكي نخدم، ونحبّ بشكل أخويّ، ونعترف بصغرنا. ولكي نرى الأصغر بيننا، ونصغي إليهم، ونكون صوتهم. هذه هي البداية الجديدة، يوبيلنا!".