أوروبا
26 آب 2018, 14:00

البابا فرنسيس من دبلن: العائلات في المجتمع قادرة على صنع السّلام، لأنها تعلّم المحبّة، والضّيافة والمغفرة

في إطار اللّقاء العالميّ التّاسع للعائلات، التقى البابا فرنسيس آلاف العائلات المجتمعة في الملعب الرياضيّ في دبلن، السَّبْت مساءً، وشجّعها على أن تكون رجاء الكنيسة والعالم، وعلى أن تشعّ محبّة الله وتحمل السّلام، وتكون ترياقًا للحقد وتعيش المغفرة، لأنّه بدون مغفرة تنهار العائلة تدريجيًّا. تمّ هذا اللّقاء بحضور عائلات قدمت من أكثر من مائة وأربعة عشر بلدًا حول العالم، وبلغ عدد المشاركين حوالي خمسة وسبعين ألف شخص بحسب المنظّمين، وقد استقبل هؤلاء البابا فرنسيس بفرح كبير. وقبل أن يلقي فرنسيس خطابه تخلّلت اللّقاء شهادات لبعض العائلات المشاركة في هذا الحدث. وتمحورت كلمة البابا حول رسالة الأسر في عالم اليوم، انطلاقًا من الموضوع الذي تمّ اختياره للّقاء العالميّ للعائلات لهذا العام، ألا وهو "إنجيل العائلة فرح للعالم"؛ وقال فرنسيس بحسب الفاتيكان نيوز:

"من خلال الشّهادة التي تقدّمها العائلات يمكنها أن تساعد الله على تحقيق حلمه، لأنّها قادرة على الإسهام في تحقيق تقارب بين أبناء الله كي ينموا بالوحدة ويتعلّموا معنى العيش بسلام في كنف عائلة كبيرة. إنّ العائلة أشبه بالمنارة التي ينبغي أن تشعّ للعالم نور الفرح النّاتج عن محبّة الله، أي التّعبير عن هذه المحبّة من خلال أفعال صغيرة من الطّيبـة في الحياة اليوميّة. ومن الضّروري أن يكون أفراد العائلة قدّيسين، وهذا الأمر لا يعاش بصمت وسط الأسر التي تقدّم المحبّة والمغفرة والرّحمة. وَإِنَّ الزّواج المسيحيّ والحياة العائليّة يمكن فهمهما بكلّ رونقهما، إذا ما ترسّخا في محبّة الله."

لم يخلُ خطاب البابا من التّعليق على بعض الشّهادات التي قدّمتها العائلات المشاركة، وتوقّف عند شهادة عائلة من بوركينا فاسو التي تحدّثت عن خبرة المغفرة وعيش المصالحة، وجاء تعليق فرنسيس كالآتي:

"إنّ هذه الأفعال الصّغيرة التي تتّسم بالمغفرة هي الأساس الذي تُبنى عليها الحياة العائليّة المسيحيّة الصّلبة.  كما إنّه في الكثير من المرّات نريد أن نتصالح مع بعضنا لكن لا نعرف كيف نفعل ذلك، لكن أحيانًا تكون لمسة من الحنان كافية.

ومن الضّروري أن يتصالح النّاس قبل الخلود إلى النّوم كي لا يتحوّل الخلاف إلى "حرب باردة" في اليوم التّالي. وَإِنَّ المغفرة تعني أن نقدّم شيئًا من ذاتنا للآخرين. وإنّ البنين يتعلّمون كيف يغفرون عندما يرون والديهم يفعلون ذلك."

بعدها، علّق البابا على شهادة قدّمتها أسرة جاءت من الهند، وتطرّق إلى العلاقة بين الأسرة ووسائل التّواصل الاجتماعيّ، وقال:

"إنّ هذه العلاقة يمكن أن تكون نافعة إذا ما استُخدمت هذه الوسائل باعتدال وحذر، لكن ينبغي ألا تشكّل تهديدًا لشبكة العلاقات الحقيقيّة، مع الأشخاص الحقيقيّين، ويجب ألا تعزل الإنسان ضمن "واقع فرضي" عندما يواصل الأشخاص النّظر إلى هاتفهم المحمول حول مائدة الطّعام عوضًا عن التّحدث مع بعضهم البعض".

ثمّ توقّف فرنسيس عند شهادة قدّمتها عائلة عراقيّة لجأت إلى أستراليا؛ وأردف فرنسيس مؤكّدًا:

"إنّ العائلات في المجتمع قادرة على صنع السّلام، لأنها تعلّم المحبّة، والضّيافة والمغفرة، وهي بالتّالي تشكّل أكبر ترياق في وجه الانتقام. وَإِنَّ هذه الأسرة العراقيّة اختبرت كيف يمكن التّغلّب على الشّرّ من خلال الخير وعلى الحقد بواسطة المغفرة."

 بعدها، توجّه البابا بالشّكر إلى عائلة إيرلنديّة لديها عشرة أبناء، وأشاد بإيمانها وقال "كم هو جميل أن تضمّ عائلة عشرة أبناء".

كما توقّف فرنسيس عند شهادة جدّين قدما من كندا، وهما متزوّجان منذ أكثر من خمسين عامًا، وقد شاركا في اللّقاء العالميّ للعائلات مع أحفادهما؛ فقال:

"إنّ المجتمع الذي لا يثمّن الأجداد هو مجتمع بدون مستقبل، وَإِنَّ المجتمع الذي لا يحرص على الرّباط بين الأجيال يفتقر في نهاية المطاف إلى ما هو أساسي أيّ المحبّة. لذا لا بدّ من الحفاظ على الحوار مع المسنّين."

 وفي سياق تعليقه على شهادة قدّمتها عائلة من الغجر في إيرلندا، أكّد البابا فرنسيس أنّ لكلّ شخص مكانه على مائدة الله، وينبغي أن لا يُستثنى أيّ شخص.

وفي نهاية كلمته وقبل تلاوة الصّلاة الختاميّة، عاد البابا ليؤكّد للعائلات أنّها رجاء الكنيسة والعالم، معلّلاً أنّه كتب الإرشاد الرّسوليّ "فرح الحبّ"، كي يساعد الأسر على عيش فرح الإنجيل.