أوروبا
07 تموز 2018, 12:40

البابا فرنسيس من باري : إنَّ المسيحيين في الواقع هم نور العالم

توجّه قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم السّبت إلى مدينة باري الإيطاليّة للاحتفال بيوم صلاة وتأمل بمشاركة بطاركة الكنائس الشّرقيّة ورؤساء الجماعات المسيحيّة في المنطقة حول الوضع المأساويّ الّذي يتعرض له في الشّرق الأوسط الكثير من الأخوة والأخوات في الإيمان.

 

وبحسب إذاعة الفاتيكان، وصل الأبّ الأقدس إلى باري وكان في إستقباله رئيس أساقفة باري- بيتونتو المطران فرانشيسكو كاكوتشي مع عدّد من فعاليّات المنطقة وتوجّهوا معًا مباشرةً إلى بازيليك القديس نيكولا حيث توقّف البابا للصلاة أمام ذخائر القدّيس. بعدها، توجّه الأب الأقدس مع بطاركة الكنائس الشّرقيّة ورؤساء الجماعات المسيحيّة إلى الجبهة البحريّة حيث أُقيمت صلاة مسكونيّة من أجل السّلام. وقبل الصّلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها:

 "لقد وصلنا كحجاج إلى باري، النّافذة المُشرَّعة على الشّرق، حاملين في قلوبنا وكنائسنا الشّعوب والعديد من الأشخاص الذين يعيشون أوضاع ألم كبير. وبالتّالي نقول لهم "نحن قريبون منكم".

في مسيرتنا المشتركة تعضدنا أمّ الله التي تُكرَّم هنا كتلك التي تدلُّنا على الطّريق. هنا نجد ذخائر القدّيس نيكولا، أسقف الشّرق الذي يخترق إكرامه البحار ويعبر الحدود بين الكنائس. ليشفع بنا هذا القدّيس العجائبيّ من أجل شفاء الجراح التي يحملها العديد من الأشخاص في داخلهم. هنا نتأمّل الأفق والبحر ونشعر بأنّنا مدفوعين لعيش هذا اليوم وأذهاننا وقلوبنا موجّهة نحو الشّرق الأوسط.

هناك افتقدنا الرّبّ "الشّمس المشرق من العلى"، ومن هناك انتشر في العالم أجمع نور الإيمان. هناك انبثقت ينابيع الحياة الرّوحيّة والحياة الرّهبانيّة. هناك تُحفظ الطّقوس القديمة الفريدة وغنى الفنّ المقدّس واللّاهوت الذي لا يُقدّر بثمن. هذا التّقليد هو كنز ينبغي علينا الحفاظ عليه بكامل قوّانا لأن جذور نفوسنا هي في الشّرق الأوسط. ولكن تكاثفت على هذه المنطقة ولاسيّما خلال السّنوات الأخيرة غيوم الظّلام: حرب وعنف ودمار، احتلال وأشكال من التّطرُّف، هجرات قسريّة وترك، وهذا كلّه في صمت العديد وتواطئ الكثيرين، فأصبح الشّرق الأوسط أرض أشخاص يتركون أرضهم.

يبدأ هذا اليوم بالصّلاة لكي يبدّد النّور الإلهيّ ظلام العالم. لقد أضأنا أمام القدّيس نيكولا مصباحًا ذات شعلة واحدة كعلامة للكنيسة الواحدة؛ ومعًا نرغب في أن نضيء اليوم شعلة رجاء. إنَّ المسيحيّين في الواقع هم نور العالم ليس فقط عندما يكون كل ما يحيط بنا مُشعّ وإنّما أيضًا في لحظات التّاريخ المظلمة، فهم لا يستسلمون إزاء الظّلام الذي يخيّم على كلّ شيء ويغذّون فتيل الرّجاء بزيت الصّلاة والمحبّة.

ونصلّي متّحدين لنطلب من ربّ السّماء ذلك السّلام الذي لم يتمكّن بعد مقتدرو الأرض من إيجاده. من أجل الإخوة الذين يتألَّمون ومن أجل الأصدقاء من جميع الشّعوب والمعتقدات نكرّر: "سلام بك!" ومع صاحب المزمور نطلب السّلام بشكل خاصّ للقدس المدينة المقدّسة المحبوبة من الله والمجروحة من البشر والتي لا زال الرّبّ يبكي عليها: سلام بكِ!

ليحلَّ السّلام! إنها صرخة العديدين، هابيل اليوم، التي تصعد إلى عرش الله. ومن أجل هؤلاء لا يمكننا أن نسمح بأن يُقال بعد الآن في الشّرق الأوسط كما في أي مكان آخر: "أحارس أنا لأخي؟". إنَّ اللّامبالاة تقتل ونريد أن نكون الصّوت الذي يتعارض مع جريمة اللّامبالاة. نريد أن نعطي صوتًا لمن لا صوت له، وللباكين لأن الشّرق الأوسط اليوم يبكي ويتألّم ويصمت، فيما يدوسه آخرون بحثًا عن السّلطة والمال. من أجل الصّغار والبسطاء والمجروحين، من أجلهم هم الذين يقف الله إلى جانبهم نتوسّل السّلام! ليصغِ إلى صلاتنا، "إله كلِّ تعزية"، الذي يشفي القلوب الكسيرة ويضمِّد الجراح".