الفاتيكان
08 كانون الثاني 2019, 06:53

البابا فرنسيس: معيار الحياة المسيحيّة هي الواقعيّة لا الكلمات الجميلة

"مَهما نسأَلِ اللهَ نَنل منه لأَنَّنا نَحفَظُ وَصاياه ونَعمَلُ بِما يُرضيه"، من هذه الآية للقدّيس يوحنّا انطلق البابا فرنسيس أمس في عظته الصّباحيّة خلال القدّاس الإلهيّ الّذي ترأّسه في كابيلا القدّيسة مرتا، فقال متأمّلاً بحسب "فاتيكان نيوز":

 

"إنّ الوصول إلى الله ممكن والمفتاح لذلك هو ما يقدّمه لنا القدّيس يوحنّا الرّسول: "أَن نُؤمِنَ بِاسمِ ابنِه يَسوعَ المسيح وأَن يُحِبَّ بَعضُنا بعضًا كَما أَوصانا" وهكذا فقط يمكننا أن نطلب منه ما نريده بشجاعة وبدون خجل أو خوف.

علينا أن نؤمن أنّ ابن الله قد جاء بالجسد وصار واحدًا منّا. هذا هو الإيمان بيسوع المسيح: إله ملموس حُبل به في حشا مريم وولد في بيت لحم، نما كطفل وهرب إلى مصر ومن ثمَّ عاد إلى النّاصرة وتعلّم القراءة والعمل مع أبيه... لقد كان إنسانًا حقيقيًّا وإنّما إنسان هو إله، إله صار إنسانًا في جسد يسوع المسيح. هذه هي واقعيّة الوصيّة الأولى. كذلك الوصيّة الثّانية بأنّ نحب بعضنا بعضًا بحبّ حقيقيّ وملموس، فلا أقول للآخر "أنا أحبّك" ومن ثمَّ أُدمِّره بلساني... لا هذا ليس حبًّا. ولذلك فوصايا الله هي ملموسة ومعيار الحياة المسيحيّة هي الواقعيّة ولا الكلمات الجميلة؛ وهذا هو التّحدّي.

يحثّنا الرّسول يوحنّا، الشّغوف بالتّجسّد، لكي نمتحن الأرواح ويشرح أنّه في كلّ مرّة تراودنا أفكار حول يسوع أو حول الأشخاص أو حول فعل أيّ شيء علينا أن نمتحن ذلك الإلهام. في الواقع إنّ حياة المسيحيّ هي بشكل ملموس في الإيمان بيسوع المسيح وفي المحبّة ولكنّها أيضًا سهر روحيّ. حياة المسيحيّ هي ملموسة في الإيمان بيسوع المسيح وفي المحبّة ولكنّها كفاح أيضًا ضدّ الأفكار والأنبياء الكذبة الّذين يقدّمون مسيحًا نسبيًّا بدون تجسّد ومحبّة تجاه القريب.

وبالتّالي على المؤمنين الإيمان بيسوع الّذي جاء في الجسد والإيمان بالمحبّة الملموسة والتّمييز بحسب حقيقة تجسّد الكلمة والمحبّة الملموسة لكي يفهموا أنّ كان ما تقترحه عليهم الأرواح يأتي من الله، لأنّ هناك العديد من الأنبياء الكذبة الّذين أتوا إلى العالم والشّيطان يحاول على الدّوام أن يبعدنا عن يسوع وعن الثّبات فيه؛ لذلك من الأهمّيّة بمكان أن نتحلّى بالسّهر الرّوحيّ. وبغضّ النّظر عن الخطايا الّتي قد ارتكبناها على المسيحيّ في نهاية نهاره أن يتأمّل لبضعة دقائق ليسأل نفسه حول ما حصل في قلبه وحول الأفكار الّتي راودته والّتي أوحى بها إليه الرّوح القدس؛ ولذلك لا يجب أن نخاف أبدًا من التّمييز.

ومن يمكنه مساعدتي على التّمييز؟ شعب الله والكنيسة، الأخ أو الأخت اللّذان يملكان موهبة المساعدة لكي نرى بشكل أوضح، لذلك من الأهمّيّة بمكان أن يكون للمسيحيّ لقاءات روحيّة مع أشخاص ذوي سلطة روحيّة، ليس من الضروريّ أن نذهب إلى البابا أو إلى الأسقف لكي نرى إن كان ما نشعر به صالحًا ولكن هناك العديد من الأشخاص، كهنة ومكرّسون وعلمانيّون، يملكون هذه القدرة على مساعدتنا لنرى ما يحصل في روحنا لكي لا نخطئ. لقد قام يسوع بذلك في بداية حياته عندما جرّبه الشّيطان في البرّيّة واقترح عليه ثلاثة أمور لم تكن بحسب روح الله وهو رفضها بواسطة كلمة الله. وبالتّالي إن كان هذا الشّيء قد حصل مع يسوع فسيحصل معنا نحن أيضًا فلا يجب أن نخاف.

من جهة أخرى أكّد البابا أنّه وفي زمن يسوع كان هناك أناس ذوو إرادة صالحة ولكنّهم كانوا يعتقدون أنّ درب الله هي مختلفة، مثل الفرّيسّيين والصّدّوقيّين والغيورين، لقد كانوا جميعهم يملكون الشّريعة في أيديهم ولكنّهم لم يتّخذوا الدّروب الأفضل ولذلك أدعوكم إلى تواضع الطّاعة. وبالتّالي ينبغي على شعب الله أن يسير قدمًا في الواقعيّة واقعيّة المحبّة والإيمان والكنيسة، وهذا هو معنى القواعد في الكنيسة؛ لأنّه عندما تكون القواعد في الكنيسة واقعيّة فهي تساعدنا على النّموّ بعيدًا عن فلسفات الفرّيسيّين.

إنّ الله قد أصبح واقعًا وولد من امرأة وعاش حياة واقعيّة ومات موتًا حقيقيًّا وهو يطلب منّا أن نحبّ إخوتنا وأخواتنا بشكل ملموس حتّى إن كان من الصّعب علينا أن نحبّ البعض منهم".