الفاتيكان
01 شباط 2022, 06:00

البابا فرنسيس مستقبلاً وفدًا من كاريتاس لبنان: سأزور لبنان لأنّي وعدت بذلك وسأنفّذ

تيلي لوميار/ نورسات
قام وفد من مجلس إدارة كاريتاس لبنان، أمس الإثنين، بزيارة البابا فرنسيس في الفاتيكان برئاسة المشرف العامّ على أعمال الرّابطة المطران ميشال عون ورئيسها الأب ميشال عبّود الكرمليّ.

وفي تفاصيل الزّيارة، نشر مكتب الإعلام والتّواصل في كاريتاس لبنان ما يلي:

"بعد مصافحة شخصيّة من قبل قداسة البابا لكلّ أعضاء الوفد، كانت كلمة للمطران عون قال فيها:

""ماذا سأردّ إلى الرّبّ عن كلّ ما أعطانيه؟" (مزمور 116/ 12)

بهذه الكلمات من المزمور، كأسقف مشرف، جنبًا إلى جنب مع رئيس وأعضاء مجلس كاريتاس لبنان، أودّ أن أرفع الشّكر إلى الرّبّ لحمايته لنا في رحلتنا ولقداستكم على المودّة الّتي خصّيتمونا بها من خلال استقبالنا في هذا الكرسيّ البطرسيّ.

إنّ فرحتنا لكبيرة، لأن قداسة البابا، خليفة بطرس، يرحّب بنا بمودّة ويُظهر لنا، باهتمامه، مدى حبّه للبنان العزيز ومدى تقديره لبلدنا، الّذي تتمثل دعوتُه في أن يكون رسالة تعايش وحوار بين الثّقافات والأديان المختلفة.

بإسم حضرة الأب ميشال عبّود، رئيس كاريتاس لبنان وجميع أعضاء مجلس الإدارة، أشكر قداستكم على قبولكم الكريم رغبتنا في لقاء قداستكم والحصول على بركتكم الأبويّة لكاريتاس لبنان ولجميع أفراد عائلة كاريتاس والمتطوّعين والموظّفين، على المهمّة الّتي تقوم بها بين الفقراء.

في هذا العام 2022 تحتفل كاريتاس لبنان بالذّكرى الخمسين لتأسيسها. فقد أُسِّست في عام 1972 لتكون في خدمة الأكثر فقرًا، دون أيّ تمييز، ومع احترام كرامة الأضعف بين النّاس، وهي تضطلع بمهمّتها الاجتماعيّة والخيريّة في جميع أنحاء الأراضي اللّبنانيّة، دون هوّادة، إلى جانب الكثيرين من النّاس الّذين يُعانون في هذه الفترة من الأزمة القويّة في لبنان. مع وجودها الفاعل، من خلال العاملين في الأقاليم الخمسة والثّلاثين الّتي تغطّي الأراضي اللّبنانيّة بأكملها، ومع التزام أكثر من ألف وأربعمائة متطوّع من الشّباب والشّابّات، تبقى كاريتاس نورًا حقيقيًّا في قلب الظّلام وبصيص أمل لبلد يواجه- كما ذكرنا قداستكم مرارًا- خطرًا وجوديًّا خطيرًا.

في هذا اليوبيل، وكعلامة لتعلّقنا بكرسيّ بطرس ولطاعتنا البنويّة لقداستكم، جئنا نحن، رئيس كاريتاس لبنان، مع أعضاء مجلس الإدارة الّذين يكرّسون أنفسهم بمحبّة سخيّة ومجّانيّة تامّة لدعم رسالة كاريتاس، مع الأسقف المشرف الّذي يمثّل مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، نلتمس من قداستكم البركة الرّسوليّة لجميع أفراد عائلة كاريتاس لبنان.

وكما تعلمون يا صاحب القداسة، إنّ بلدنا يعاني كثيرًا وجروحُه عميقة جدًّا ويصعب التئامها. ومع ذلك، فإنّ كاريتاس لبنان موجودة، حاضرة دائمًا لدعم الأسر الأكثر فقرًا. وهي تسعى جاهدة للاستجابة لحاجات النّاس، وتخفيف معاناتهم وبلسمة جراحاتهم. وبفضل تضامن شبكة من المتبرّعين من لبنان والانتشار، وشركائها ومؤسّسات كاريتاس في مختلف الدّول، والسّلطات الوطنيّة والدّوليّة والأصدقاء من جميع أنحاء العالم، تستمرّ كاريتاس لبنان في رسالتها بفعاليّة. وقد سمح لنا التّعاون الودّيّ مع الشّركاء والالتزام الحقيقيّ لفريقنا الإداريّ بأكمله والمتطوّعين بتطوير جميع برامجنا ومشاريعنا وتنفيذها في المجالات التّالية: الاجتماعيّة والصّحّيّة والتّعليميّة، وفي تعزيز التّنمية البشريّة المتكاملة، ولاسيّما مع المهاجرين واللّاجئين.

وفي ما يتعلّق باللّاجئين، عزّزت الإدارة قدرتها على الاستجابة للاحتياجات من خلال أحد عشر مشروعًا كبيرًا بميزانيّة بلغت نحو اثني عشر مليون دولار؛ وقد استفاد منها أكثر من مائة وستّة وستّين ألف شخص خلال عام 2021. أمّا المجالات الرّئيسيّة للمساعدة فكانت الحماية والرّعاية الأساسيّة والاستقرار الاجتماعيّ والتّعليم وسبل العيش. منذ بداية الأزمة السّوريّة، غطّت البرامج أكثر من 855 ألف لاجئ.

لمواجهة التّحدّيات الكبيرة العديدة، الّتي تفاقمت بسبب الانهيار الاقتصاديّ والنّقديّ، وأمام الارتفاع الهائل لعدد المحتاجين والفقراء الّذين يطرقون أبواب كاريتاس لطلب الدّعم والمساعدة للبقاء على قيد الحياة أو للحصول على الأدوية وتأمين العلاج الاستشفائيّ، نطلب من قداستكم توجيه نداء إلى المجتمع الدّوليّ وكنائس العالم بأسره لمساعدتنا في هذه الحالة الحرجة.

إنّنا نعهد برسالة كاريتاس هذه إلى صلاتكم أيّها الأب الأقدس، كما نضع بين يديكم الطّاهرتين لبنان الّذي يعاني، والّذي يعتمد كثيرًا على صلواتكم وعلى تدخّلاتكم مع الأمم المتّحدة ومع البلدان القادرة على التّأثير في معالجة القضيّة اللّبنانيّة.

لأجل كلّ هذه المعاناة، ولنموّ الرّجاء والإيمان فينا، ألتمس من قداستكم البركة الرّسوليّة."

وبعدها توجّه البابا للوفد قائلاً: "بداية اشكركم من كلّ قلبي لهذه الزّيارة الكريمة، وأقدّر مجيئكم إليَ هنا. لقد أوفدت مندوبًا خاصًّا إلى لبنان اليوم وزير خارجيّة الفاتيكان المونسنيور ريشارد غلاغير، وأشدّد أنّي سأزور لبنان، لأنّي وعدت بذلك وسأنفّذ. لبنان يتألّم كثيرًا، ولا يقدر أن ينهض من دون همّة شعبه الّذي يجب أن ينتفض كيلا تقع أرزات لبنان". وتوجّه إلى المطران عون بقوله، "أدعوك وأنت أخي في الأسقفيّة كما أدعو الإكليروس في لبنان والكنيسة جمعاء إلى أن تتحلّى بالفقر لكي تقدر أن تخدم شعبها، فلا تقدر أن تكون الكنيسة غنّيّة والشّعب فقير. وأهنّئ كاريتاس لبنان بكلّ ما تقوم به من أعمال كبيرة في هذا الوضع العصيب للبنان."

بعدها توجّه الأب ميشال عبّود إلى الحبر الأعظم قائلاً: "قداسة البابا الحمل أصبح ثقيلاً علينا في هذه الأيّام، لا نقدر أن نترك شعبنا يتألّم ويموت، نسعى بكلّ قوانا، ونحن هنا لكي ترفع الصّوت معنا عاليًا إلى المجتمع الدّوليّ والجهات المانحة والكنائس في كلّ العالم، لكي تقف معنا أكثر وأكثر."

وبعدها قدّم الوفد للبابا هدايا رمزية وهي من صنع كاريتاس من قسم الشّبيبة، وقسم مراكز الحالات الخاصّة، وقسم اللّاجئين للعاملات الأجنبيّات، مع شرح عن كلّ هدية.

- الهدية الأولى: مجسّم من صنع شبيبة كاريتاس عليه زيت مقدّس من القدّيس شربل، تراب مقدّس من القدّيسة رفقا، بخّور مقدّس من القدّيس نعمة الله، أغصان من شجر أرز لبنان، أوراق زيتون ترمز إلى السّلام، الّذي نرجو أن يعمّ لبنان، صورة مريم العذراء والبابا رمزًا إلى أنّ هذا البلد هو تحت عناية مريم العذراء، وموجود في قلب البابا فرنسيس وصلواته، علامة كاريتاس الّتي تخدم هذا البلد بكلّ قواها.

- الهديّة الثّانية: مربّع خشبيّ وزجاجيّ، يحوي قميصًا لشبيبة كاريتاس، يحمل اسم قداسة البابا الّذي يعني الكثير للشّبيبة من خلال شخصه، وتعليمه، كما يحوي أسماء الشّبيبة الـ1400 من مختلف مناطق لبنان لكي يكونوا تحت نظر البابا، يحملهم في صلواته ويضعهم أمام الرّبّ. إنّهم حاضر الكنيسة ومستقبلها

- الهدية الثّالثة: سيراميك من صنع تلاميذ مراكز كاريتاس المتخصّصة للصّعوبات التّعلّميّة والحاجات الخاصّة. هؤلاء التّلاميذ رغم ما يحملون من إعاقة تمنعهم من الانخراط في الحياة العمليّة في المجتمع، تستخرج كاريتاس منهم الطّاقات والمهارات المختلفة، الّتي تجعلهم أشخاصًا منتجين في الحياة. إنّها هديّة مصنوعة من قلوب مليئة بالحبّ.

- الهدية الرّابعة: أشغال يدويّة مصنوعة بأيادي العاملات الأجنبيّات المتواجدات في مراكز الإيواء في كاريتاس.

هؤلاء العاملات الّتي قست عليهنّ الحياة، وهنّ في غربة عن أوطانهن، لم يعد عندهنّ إلّا الله. احتضنتهنّ كاريتاس لبنان، وأمّنت لهنّ الأمان، ووفّرت لهنّ فرص عمل حيث يقمن ببعض الأعمال الحرفيّة والأشغال اليدويّة. وقد أردن أن يقدّمن من أعمالهنّ إلى البابا شاكرات الكنيسة على احتضانهنّ.

وكان الوفد قد قدّم لقداسته تقريرًا عن مفصّلاً عن أعمال رابطة كاريتاس خدماتها، إنجازاتها والمساعدات الّتي تقدّمها وخاصّة نداء الاستجابة بعد انفجار مرفأ بيروت 2020 . وطلب الأب بإسم الوفد من قداسته أن تتكاتف الجهود بين كاريتاس لبنان وحاضرة الفاتيكان، والعمل سويًّا في المرحلة المقبلة لتلبية الحاجات الّتي تخطّت قدرة الرّابطة" نحن بالمرصاد وليس باستطاعتنا أن نكمل هذه المسيرة من دون نعمة ربّنا وتكاتفنا مع بعضنا البعض وانتمائنا للكنيسة".