الفاتيكان
09 كانون الأول 2021, 12:15

البابا فرنسيس: مريم هي نجمة البشارة الجديدة

تيلي لوميار/ نورسات
هذا ما أكّده البابا فرنسيس في رسالته إلى أبناء أبرشيّة برشلونة لمناسبة تدشين برج العذراء في الـ"Sagrada Familia"، مشيرًا إلى أنّه "في كلّ مرّة ننظر فيها إلى مريم نعود إلى الإيمان مجدّدًا بالقوّة الثّوريّة للحنان والمحبّة".

وفي هذا السّياق، كتب البابا في رسالته نقلاً عن "فاتيكان نيوز": "أُحيّيكم وأتّحد معكم جميعًا من روما في هذه اللّحظة وأرغب أيضًا في أن أوجّه تحيّاتي بشكل خاصّ إلى أفقر سكّان هذه المدينة العظيمة، والمرضى، والأشخاص المتضرّرين بسبب وباء فيروس الكورونا، والمسنّين، والشّباب الّذين ولأسباب عديدة يرون مستقبلهم معرّضًا للخطر، الأشخاص الّذين يعيشون في محن. أيّها الأصدقاء الأعزّاء، ليسطع لكم اليوم نجم برج العذراء مريم.

مع إخوتي- الكاردينال رئيس الأساقفة خوان خوسيه أوميلا وأساقفته الثّلاثة المعاونين- أنتم "تسيرون معًا"، أيّ بأسلوب سينودسيّ، كمؤمنين علمانيّين- أطفال ومراهقون، شباب وبالغون- وكأعضاء في الحياة المكرّسة، وإكليريكيّين، وشمامسة وكهنة. وفي هذا المسيرة السّينودسيّة منذ اليوم ينيركم النّجم الّذي حلم المهندس المعماريّ الكبير أنطونيو غاودي بأن يتوِّج برج العذراء مريم. وفي الحقيقة مريم هي نجمة البشارة الجديدة. لذلك، وإذ نرفع أعيننا إلى النّجم الّذي يتوّج البرج، أدعوكم إلى التّأمّل في أمّنا، لأنّنا في كلّ مرّة ننظر فيها إلى مريم نعود إلى الإيمان مجدّدًا بالقوّة الثّوريّة للحنان والمحبّة.

نحتفل اليوم بعيد مريم البريئة من الدّنس، إنّها بالفعل تحفة فنّيّة! وفي الانسجام التّامّ مع مخطَّط الله لها، أصبحت العذراء مريم الأكثر قداسة وتواضعًا وطاعة وشفافيّة أمام الله. لقد أراد غاودي أن يتوّج هذا السّرّ بوّابة الإيمان- أوّل ما بناه- لكي، وفي تلاوة الصّلاة إلى الثّالوث الأقدس، الّتي أعاد كتابتها في جميع أنحاء البازيليك، نتعلّم أن نكون، مثل مريم، هيكل هذا السّرّ، وأن نعبد الله بالرّوح والحقّ. في الواقع، يشير إليها إنجيل القدّيس لوقا كالـ"ممتلئة نعمة". ونحن أيضًا نتوجّه إليها بهذه الطّريقة في كلّ مرّة نتلو السّلام عليك يا مريم، ونشعر دائمًا بحضورها الوالديّ والمُحبّ. إنّها ممتلئة من حضور الله الّذي صار جسدًا في حشاها. لذلك يضعها غاودي أيضًا في مركز بوّابة المحبّة، وهي تُقدِّم لنا الطّفل يسوع تحت نظر القدّيس يوسف المتنبِّه، لكي ندخل إلى كنيسته مُتّقدين بالمحبّة نحو الله والبشر.

أشجّعكم أيضًا على أن تتبعوا أنتم أيضًا مثال العذراء مريم من خلال تصرّفات محبّة وخدمة يوميّة. إنَّ جمال أمّنا الطّاهر لا يضاهى. وفي الوقت عينه يجذبنا. لتنيركم هذه النّجمة الّتي تتألّق منذ اليوم لكي وفيما تتلوّن صلاة مسبحة الورديّة تقولون بدوركم "نعم" مرّة واحدة وإلى الأبد لنعمة الرّبّ، وتقولون "لا" حاسمة للخطيئة. من خلال الصّلاة مع مريم، نحن نتأمّل في أسرار حياة يسوع، ولكنّنا نميّز أيضًا الطّريق الّذي يرشدنا إليه وننال القوّة لكي ننبذ تجارب العنف أو المنفعة الفوريّة.

أتَّحد أنا أيضًا في صلواتكم الّتي، وكورود لا تحصى ولا تعدّ، قد صُوِّرت عند أقدام مريم في هذه البازيليك الجميلة. أُصلّي لكي يعمل كلّ فرد منكم لكي يجعل برشلونة أكثر ملاءمة للعيش واستقبالاً للجميع. وأصلّي بشكل خاصّ إلى الأشخاص الّذين يشغلون أدوارًا ذات مسؤوليّة أكبر، لكي تنال لهم العذراء مريم الحكمة والجهوزيّة في الخدمة واتّساع وجهات النّظر. ولتسهر العذراء مريم القدّيسة بنجمته المضيئة على العائلات، هي الّتي وإذ كوَّنت عائلة النّاصرة المقدّسة مع الطّفل يسوع والقدّيس يوسف عاشت أيضًا أوضاعًا مشابهة لعائلات كثيرة مثل عائلاتكم. وقد مثَّلها غاودي في بوابة الرّجاء، معبّرًا بوجوه العمّال عن الآلام والصّعوبات الّتي تشركهم بالآلام والصّعوبات الّتي مرَّت بها العائلة المقدّسة، الهرب إلى مصر للعديد من الفقراء الّذين يبحثون عن مستقبل أفضل ويهربون من الشّرّ؛ وموت العديد من الأبرياء الّذين انضمّوا إلى أبرياء بيت لحم. ولتسهر العذراء مريم على بيوتكم ومدارسكم وجامعاتكم ومكاتبكم ومتاجركم ومستشفياتكم وسجونكم. وبتلاوتكم لصلاة مسبحة أحزان مريم، لا تكفّوا أبدًا عن الصّلاة من أجل الفقراء والمُهمَّشين، لأنّهم في قلب الله، وفي مُعظم الأحيان نحن مسؤولون عن فقرهم وتهميشهم. لننتهز هذه الفرصة لكي نفحص أنفسنا ونرى مقدار المسؤوليّة الّتي نتحمّلها في هذا كلّه.

لينيرنا نحن أيضًا هذا النّجم المضيء لبرج مريم العذراء لكي نستمرّ في تجسيد الخطّة الرّعويّة الأبرشيّة في الواقع ونُشعَّ بفرح الإنجيل في كلّ مكان. فتنمون، انطلاقًا من اللّقاء بالمسيح، في الأخوَّة، وفي إعلان بشرى الإنجيل السّارّة للشّباب، وفي استقبال الفقراء والمهمّشين، بدءًا من تمييز الّذين يُصغون إلى الرّوح القدس ولديهم قلب مستعدّ لأن يفعل كلّ ما يطلبه منّا. لا تنسوا الشّجرة ولا تنسوا المسنّين. لأنَّ الشّجرة بدون جذور لا تنمو ولا تُزهر. لا نُهمِّشنَّ المسنّين لأنّهم ذاكرة حيّة ومنهم يأتي النّسغ الّذي يجعل كلّ شيء ينمو. لنساعد الحوار بين الشّباب والمسنّين لكي تُنقَل إليهم هذه الحكمة الّتي تجعلهم ينمون ويزهرون. ليبارككم الله ولتعتني بكم العذراء مريم القدّيسة أمّنا البريئة من الدّنس؛ ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي."