الفاتيكان
09 نيسان 2025, 13:20

البابا فرنسيس: ما يهمّ حقًّا لنكون سعداء هو ما نحمله في قلوبنا

تيلي لوميار/ نورسات
تابع البابا فرنسيس تعليمه حول لقاءات الرّبّ يسوع، وتوقّف في تعليم اليوم عند لقائه مع السّابّ الغنيّ بحسب إنجيل مرقس، ونشرت دار الصّحافة التّابعة للكرسيّ الرّسوليّ نصّ التّعليم من دون أن يجري البابا المقابلة العامّة بسبب مواصلته فترة النّقاهة، وكتب:

"إنّ الشّابّ الّذي التقى به يسوع، ولم يعطنا الإنجيل اسمه، كان رجلًا حفظ الوصايا منذ صباه لكنّه لم يجد بعد معنى لحياته، وقد يكون شخصًا لم يتّخذ قراره النّهائيّ بعد على الرّغم من أنّه يبدو شخصًا ملتزمًا. ما يهمّ حقًّا لنكون سعداء ليس مجرّد ما نفعله أو التّضحيات الّتي نقدّمها أو النّجاحات الّتي نحقّقها، بل ما نحمله في قلوبنا.

بينما كان يسوع يسير في الطّريق، أسرع إليه هذا الرّجل، جثا له وسأله: "أَيُّها المُعَلِّمُ الصَّالح، ماذا أَعمَلُ لأَرِثَ الحَياةَ الأَبَدِيَّة؟". إنّ المحافظة على النّاموس لم تمنحه السّعادة ولا اليقين بالخلاص لذلك لجأ إلى المعلّم يسوع. لأنّ هذا الرّجل لا يعرف لغة المجّانيّة فبدا له أنّ كلّ شيء يُكتسب ويصير حقًّا له، وكلّ شيء واجب.

إنّ يسوع يتجاوز المظاهر وقد نظر إلى داخله. الفعل الّذي استخدمه مرقس له دلالة عميقة: "حَدَّقَ إِليهِ". لأنّ يسوع ينظر إلى أعماق كلّ واحد منّا، وهو يرى ضعفنا ويرى أيضًا رغبتنا في أن يحبّنا الجميع كما نحن. وقد أحبّ يسوع هذا الرّجل قبل أن يدعوه إلى اتّباعه. إنّ محبّة يسوع مجّانيّة، وهي عكس منطق الاستحقاق الّذي كان يُقلق هذا الرّجل. إنّنا نصبح سعداء عندما ندرك أنّ الله يحبّنا مجّانًا نعمة منه. وهذا ينطبق أيضًا على علاقاتنا مع الآخرين.

إنّ الاقتراح الّذي قدّمه يسوع لهذا الرّجل الغنيّ هو أن يغيّر طريقته في العيش وأن يكون على علاقة مع الله. وقد أدرك يسوع أنّ شيئًا ما في داخله ناقص، كما هو الحال فينا جميعًا. إنّها الرّغبة الّتي نريد بها أن نكون محبوبين. وبغية سدّ هذا النّقص، يجب ألّا "نشتري" اعتراف الآخرين بنا، أو مودّتهم لنا، أو احترامهم لنا، بل من الضّروريّ أن "نبيع" كلّ ما هو ثقل في حياتنا، حتّى يزداد قلبنا حرّيّة. لا يفيد الاستمرار في الأخذ لأنفسنا، بل في العطاء للفقراء، وفي الاستعداد للخدمة، ومشاركة ما لنا مع الآخرين.

إنّ الرّبّ يسوع طلب من هذا الرّجل ألّا يبقى وحيدًا. لقد دعاه إلى أن يتبعه، فيكون ضمن رباط، ويعيش في علاقة. فإن بقينا وحدنا، لن نسمع أبدًا من ينادينا باسمنا وسنظلّ أشخاصًا مجهولين، لا اسم لنا. ربّما اليوم، ولأنّنا نعيش في ثقافة الاكتفاء الذّاتيّ والفردانيّة، نجد أنفسنا بائسين، لأنّنا لم نعد نسمع أحدًا ينادينا باسمنا ويحبّنا بمجّانيّة.

إنّ هذا الشّابّ الغنيّ لم يقبل دعوة يسوع، وبقي وحيدًا، والحزن الّذي شعر به هو العلامة على أنّه لم يستطع الانطلاق. ونحن نفكّر أحيانًا في أنّ ما نملكه هو غنى، لكنّه في الواقع مجرّد ثقل يُعيقنا. الرّجاء هو أن يتمكّن هذا الشّخص، على غرار كلّ واحد منّا، في يوم من الأيّام، من أن يتغيّر وأن يقرّر أن يبحر بعيدًا."

في نهاية نصّ التّعليم المسيحيّ، شجّع الحبر الأعظم المؤمنين على أن يوكلوا إلى قلب يسوع كلّ الأشخاص الحزانى والمتردّدين، "لكي يتمكّنوا من أن يشعروا بنظرة الحبّ في يسوع، الّذي يتأثّر عندما ينظر إلى داخلنا بحنان."