لبنان
08 تموز 2018, 05:00

البابا فرنسيس: ما من بديل عن السّلام في الشّرق الأوسط

ختم البابا فرنسيس يوم الصّلاة من أجل السّلام في الشّرق الأوسط في مدينة باري، حسب إذاعة الفاتيكان، بكلمة أعرب فيها:


 


 

" يسودنا فرحٌ عظيمٌ للمشاركة التي عشناها اليوم بنعمة من الله. أننا تبادلنا المساعدة لإعادة اكتشاف وجوّدنا المسيحيّ في الشّرق الأوسط، أنّ هذا الوّجود سيكون أكثّر نبويّة كلما شهد ليسوع رئيس السّلام ، وهناك  خطر تتعرض له الكنائس وهناك أيضًا العمل على تجربة منطق العالم، منطق القوّة والرّبح، وأيضًا إلى خطيئة عدم تماشي الحياة مع الإيمان التي تعتّم الشّهادة. علينا الارتداد مرّة أخرى إلى الإنجيل، وهو أمرٌّ ضروريٌّ اليوم في ليل الشّرق الأوسط. وكمّا في ليل جتسمانيّة لن يكون الهروب أو السّيف ما يستبق فجر الفصح المشعّ، بل هبّة الذّات في محاكاة للرّبّ. إنّ بشرى يسوع السّارة، يسوع المصلوب والقائم انطلاقًا من المحبّة، قد كسبت قلوب البشر عبّر القرون منطلقةً من الشّرق الأوسط، لا لارتباطها بقوّى العالم بل بقوّة الصّليب العزلاء. إنّ الإنجيل يُلزمنا بإرتدادٍ يوميٍّ إلى تصميم الله وبأن نجد فيه الأمن والعزاء، وبأن نعلنه للجميع رغم كلّ شيء. وتوقف هنا عند إيمان الأشخاص البسطاء المتّجذر في الشّرق الأوسط كينبوع نستقي منه لسدّ عطشنا ولنتطهر، مثل ما يحدث عندما نعود إلى الأصول متوّجهين كحجاج إلى القدّس، الأرض المقدّسة، أو إلى المزارات في مصر والأردن، لبنان وسوريا وتركيا والأماكن المقدّسة الأخرى في المنطقة".

 

ثم تحدّث البابا فرنسيس عن الحوار الأخويّ الّذي جمعه مع قادّة الكنائس في الشّرق الأوسط فقال: "كان علامة على ضرورة التّطلع المتّواصل إلى اللّقاء والوحدة بلا خوف من الاختلافات. أنّ هذا ينطبق على السّلام أيضًا، الذي يجب إنماؤه حتّى على أرض يبّستها المواجهات، لأنه ما من بديل عن السّلام والذي لا يتمّ بلوغه بهدنة تضمنها الجدران أو إظهار القوّة، بل بالرّغبة الفعليّة في الإصغاء والحوار. إننا ملتزمون بالسّيّر والصّلاة والعمل، ونتضرع كي يسود فنّ اللّقاء على استراتيجيّات الصّدام، وأنّ تحلّ محل علامات التّهديد والسّلطة علامات الرّجاء، أيّ الأشخاص ذوو الإرادة الطّيبة من الدّيانات المختلفة الذين لا يخشون تبادل الحديث وقبول منطق الآخر والاهتمام المتبادَل. أنّه فقط من خلال الاهتمام بألّا ينقص أحد الخبز والعمل والكرامة والرّجاء ستتحوّل صرخات الحرب إلى أناشيد سلام. إلّا أن هذا يتطلّب من أصحاب السّلطة أن يضعوا أنفسهم في خدمة السّلام، لا مصالحهم الخاصّة. كفى إذن لمكاسب قليلين على حساب الكثيرين، ولاحتلال الأراضي الذي يمزّق الشّعوب، كفى لسيادة حقيقة البعض على آمال الأشخاص، كفى لاستغلال الشّرق الأوسط من أجل مكاسب غريبة عن الشّرق الأوسط. فالحرب هي آفة التي تصيب بشكل مأساويّ منطقة الشّرق الأوسط الحبيبة، والفقراء في المقام الأوّل هم ضحاياها".

 

 

وأعرب البابا عن قلق كبير تجاه مدينة القدس ولكن بدون التّخلي أبدًا عن الرّجاء، فوصفها "بمدينة لجميع الشّعوب، مدينة فريدة، مقدّسة للمسيحيّين واليهود والمسلمين في العالم بأسره. يجب الحفاظ على هويّة هذه المدينة ودعوتها، بعيدًا عن أي خلاف وتوتر، ويجب احترام الوضع القائم للمدينة المقدّسة الذي حدّده المجتمع الدّوليّ وتطالب به بشكل متّكرر الجماعة المسيحيّة في الأرض المقدّسة. إنّ حلاً تفاوضيًا بين الإسرائيليّين والفلسطينيّين، بدعم من المجتمع الدّوليّ، هو القادر على بلوغ سلام ثابت ودائم وضمان وجود دولتين لشعبين".

 

وخصّص قداسة البابا الجزء الأخير من كلمته للأطفال، وجه الرجاء، فذكّر "بالأرقام المخيفة حسب ما ذكر لأطفال الشّرق الأوسط الذين يبكون مَن فقدوا في عائلاتهم جراء العنف، ويتمّ الاعتداء على أراضيهم ما يقود غالبًا إلى الاضطرار إلى الهروب. أطفال رأوا في الجزء الأكبر من حياتهم الحطام بدلاً من المدارس، ويسمعون دويّ القنابل بدلاً من صخب اللّعب المرِح". ودعا البابا بالتالي البشريّة إلى "الإصغاء إلى صرخة الأطفال الذين تُعظم أفواههم جلال الرّبّ"، وأضاف: "العالم بتجفيف دموع هؤلاء الأطفال سيستعيد كرامته".  

 

ثم ختم البابا فرنسيس قائلًا "في ختام يوم الصّلاة من أجل السّلام في الشّرق الأوسط راجيًا أن تظل قلوبنا متّحدة ومتوجّهة إلى السّماء بانتظار أن تعود، ومثل ما حدث في زمن الطّوفان، ورقة الزّيتون الخضراء، وألاّ يظل الشّرق الأوسط قوس حرب بل أن يكون سفينة سلام تستقبل الشّعوب والأديان. أن تزول عن الشّرق الأوسط الحبيب ظلمات الحرب والسّلطة والعنف، التّعصب والرّبح الجائر، الاستغلال والفقر واللّامساواة وعدم الاعتراف بالحقوق. لأدعون لك بالسّلام (مز 122، 8)، متضرّعًا من أجل العدالة وطالبًا بركة الرّبّ."