البابا فرنسيس: لنقدّم خلال أسبوع الصّلاة جهودنا وآلامنا من أجل وحدة المسيحيّين
هذا ما قاله البابا فرنسيس في ختام صلاة التّبشير الملائكيّ بالأمس، داعيًا إلى الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين عشيّة انطلاق أسبوع الصّلاة هذا.
كما عبّر الأب الأقدس في تحيّاته عن قربه من الأشخاص المتضرّرين من الأمطار الغزيرة والفيضانات في مناطق مختلفة من البرازيل خلال الأسابيع الأخيرة، مصلّيًا "بشكل خاصّ من أجل الضّحايا وعائلاتهم، ومن أجل الّذين فقدوا منازلهم. ليعضُد الله التزام الّذين يحملون لهم العون والمساعدة."
وكان البابا قبيل الصّلاة قد تلا كلمة روحيّة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "يروي الإنجيل الّذي تقدّمه لنا اللّيتورجيا اليوم حدث عرس قانا، حيث حوّل يسوع الماء إلى خمر لفرح الزّوجين. ويُختتم بهذه الكلمات: "هذِه أُولى آياتِ يسوع أَتى بها في قانا الجَليل، فأَظهَرَ مَجدَه فَآمَنَ بِه تَلاميذُه". نلاحظ أنّ الإنجيليّ يوحنّا لا يتحدّث عن معجزة، أيّ عن حقيقة قويّة وخارقة تولد الدّهشة. وإنّما يكتب أنّ آية حدثت في قانا، ولّدت إيمان التّلاميذ. وبالتّالي يمكننا أن نسأل أنفسنا: ما هي "الآية" بحسب الإنجيل؟
إنّها دليل يُظهر محبّة الله الّتي لا تلفت الانتباه إلى قوّة التّصرّف، وإنّما إلى الحبّ الّذي ولّده. ويعلّمنا شيئًا عن محبّة الله، الّذي هو على الدّوام قريب وحنون ورحيم. تحدّث الآية الأولى بينما كان يواجه زوجان مشكلة في أهمّ يوم في حياتهما. في خضمّ الاحتفال، غاب عنصر أساسيّ، الخمرة، وواجه الفرح خطر أن ينطفئ وسط انتقادات واستياء الضّيوف.
تنبّهت العذراء مريم للمشكلة وأخبرت يسوع بتحفُّظ، فتدخّل بهدوء، وتقريبًا بدون أن يراه أحد. تمَّ كلّ شيء في الخفاء، "وراء الكواليس": قال يسوع للخدّام أن يملأوا الأَجرانَ بالماء الّذي أصبح خمرًا. هكذا يتصرّف الله بقرب وتحفُّظ. أدرك تلاميذ يسوع هذا: ورأوا أنّه بفضله أصبحت حفلة العرس أجمل. ورأوا أيضًا طريقة يسوع في التّصرّف، وخدمته في الخفاء، لدرجة أنّ المجاملات للخَمرَةَ الجَيِّدَةَ قد وجِّهت للعريس. وهكذا بدأت بذرة الإيمان تنمو فيهم، أيّ آمنوا أنّ في يسوع يحضُرُ الله ومحبّته.
من الجميل أن نفكّر أنّ الآية الأولى الّتي قام بها يسوع لم تكُن شفاءً غير عاديًّا أو معجزة في هيكل أورشليم، وإنّما لفتة تجيب على حاجة بسيطة وملموسة للنّاس العاديّين. هكذا يحبّ الله أن يتصرّف. وإذا سألناه، مثل مريم في قانا، يكون مستعدًّا لكي يساعدنا ويرفعنا. وعندها، إذا كنّا مُتنبِّهين لهذه "الآيات"، فستأخذ محبّته بمجامح قلوبنا وسنصبح تلاميذه.
ولكن هناك سمة مميّزة أخرى لآية قانا. عادة، كان الخمرُ الّذي يتمّ تقديمه في نهاية الحفلة هو الخمرُ الأقلّ جودة، ذلك المُخفَّف بالماء. أمّا يسوع فقد عمل لكي يُختتم الاحتفال بأفضل أنواع الخمر. يقول لنا هذا الأمر رمزيًّا إنّ الله يريد الأفضل لنا، ويريدنا أن نكون سعداء. فهو لا يضع لنا حدودًا ولا يطلب منّا المكاسب والفوائد. في آية يسوع لا توجد دوافع الخفيّة أو ومطالب من الزّوجين. لا، لأنَّ الفرح الّذي يتركه يسوع في القلب كامل ومُتجرِّد.
لذلك أقترح عليكم تمرينًا يمكنه أن يفيدنا كثيرًا. لنحاول اليوم أن نفتّش في ذكرياتنا بحثًا عن الآيات الّتي قام بها الرّبّ في حياتنا، ليُظهر لنا أنّه يحبّنا؛ تلك اللّحظة الصّعبة الّتي جعلني فيها الله أختبر حبّه... ولنسأل أنفسنا: بأيّ علامات، خفيّة ومُحبّة جعلني أشعر بحنانه؟ كيف اكتشفت قربه وترك في قلبي فرحًا عظيمًا؟ لنُعِد إحياء اللّحظات الّتي اختبرنا فيها حضوره وشفاعة العذراء مريم. ولتُساعدنا هي الأمّ، المُتنبّهة على الدّوام كما في قانا، لكي نقبل ونحافظ على آيات الله في حياتنا."