الفاتيكان
23 كانون الثاني 2024, 06:55

البابا فرنسيس للشّباب: المسيح حيّ، هو رجاؤنا والشّباب الأجمل لهذا العالم

تيلي لوميار/ نورسات
بمناسبة تقديم النّسخة الجديدة للتّعليم المسيحيّ الكاثوليكيّ للشّباب، وجّه البابا فرنسيس رسالة إلى شباب العالم كتب فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"أيّها الشّباب الأعزّاء، إنَّ الحبّ هو السّبب الأساسيّ لوجود الكنيسة. أتكلّم أوّلاً عن محبّة الحنان والرّحمة الّتي يشعر بها الله الآب تجاه كلّ إنسان والّتي كشفها لنا يسوع الابن بحياته وموته وقيامته. وبسبب هذا الحبّ نحن نصبح مسيحيّين، وهذا الحبّ بالتّحديد هو الّذي نختبره دائمًا من خلال مشاركتنا في حياة الجماعة، ولاسيّما أيّام الآحاد، بفضل عمل الرّوح القدس. ولكنّني أريد أيضًا أن أحدّثكم عن المحبّة الّتي نكنّها، كمؤمنين، تجاه يسوع. إنّه في محور قلوبنا. فكيف لا نشعر في الواقع، بمشاعر المودّة الحقيقيّة تجاه ذلك الّذي جعلنا نشترك في محبّة الآب الّتي ليس من الممكن أن نتصوّر محبّة أعظم منها؟ لذلك فالمؤمن هو على الدّوام شخص يحبّ يسوع، وهكذا نفهم السّبب الّذي يجعل اللّقاء الشّكل المميّز لكي يصبح المرء مسيحيًّا.

لقد عبّر عن ذلك البابا بندكتس السّادس عشر بشكل جيّد عندما كتب في بداية رسالته العامّة الأولى "الله محبّة": "في بداية كونك مسيحيًّا، لا يوجد قرار أخلاقيّ أو فكرة عظيمة، بل بالأحرى لقاء مع حدث ما، مع شخص يعطي للحياة أفقًا جديدًا ومعه الاتّجاه الحاسم". وهكذا فإنّ كوننا مسيحيّين هو في الوقت عينه لقاء مع يسوع ووقوع في حبّه. ولكن أيّها الشّباب الأعزّاء، أيّ نوع من الحبّ سيكون "ذلك الّذي لا يشعر بالحاجة لأن يتحدّث عن المحبوب، ويقدّمه للآخرين ويجعلهم يتعرّفون عليه؟". وهكذا، نحن، البالغين في الإيمان، لا يمكننا إلّا أن نتحدّث عن يسوع، ولا يمكننا إلّا أن نقدّمه للآخرين ونلتزم لكي نعرّف عليه الأشخاص الّذين لم يتعرّفوا عليه بعد أو تلقوا فقط خبرًا أوّليًّا عنه. "هذا هو، في الحقيقة، فرح البشارة اللّطيف: فرح أن نحمل محبّتنا ليسوع إلى العالم أجمع. وهذا الكتاب الجميل الموجود الآن بين أيديكم قد وُلد بالتّحديد من هذا الحبّ: محبّة يسوع الّتي نحملها نحن المؤمنين في داخلنا.

إنَّ الـ "Youcat"، في الواقع، هو التّعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة المصمّم للشّباب مثلكم. وهو يقوم على التّعليم المسيحيّ العظيم للكنيسة الكاثوليكيّة، لكنّه يقدّم نفسه بأسلوب وإيقاع أنا متأكّد من أنّهما سيجعلانكم تستمتعون بخبرة الحياة المسيحيّة تمامًا كمغامرة ورائعة ومدهشة للقاء بيسوع ومعرفته ومعرفة الأشياء الّتي قالها، والتّصرّفات الّتي قام بها، ورسالته على الأرض، وأخيرًا عظمة محبّته لنا، نحن البشر، الّتي قادته حتّى الموت على الصّليب، وحدث قيامته المجيد. لذلك أدعوك لقراءة هذا الكتاب بثقة. لا بل، أجرؤ على القول أيضًا: أحبّوا هذا الكتاب، لأنّه ثمرة حبّ. وسوف تكتشفون أنّه ليس لديه أيّ غرض آخر سوى أن يوقظ فيكم محبّة عظيمة ليسوع. هذا هو هدفه الوحيد. في مقدّمة النّسخة الأولى، استخدم البابا بندكتس السّادس عشر، في تقديمه لكتاب التّعليم المسيحيّ هذا، كلمات قويّة تستحقّ أن نذكرها: "هذا الكتاب مشوِّق، لأنّه يتكلّم عن مصيرنا، ويخصُّ كلّاً منّا في الصّميم. لذلك أدعوكم: أدرسوا التّعليم المسيحيّ! هذه هي أمنية قلبي. هذا التّعليم المسيحيّ لا يسعى لتقديم حلول سهلة مراعاة لأحد؛ بل يتطلّب منكم حياة جديدة؛ ويقدّم لكم رسالة الإنجيل كـ"اللّؤلؤة الثّمينة" الّتي علينا أن نتخلّى عن كلِّ شيء في سبيلها. لهذا السّبب أتوسّل إليكم: ادرسوا التّعليم المسيحيّ بشغف ومثابرة! ضحّوا بوقتكم من أجل ذلك! ادرسوه في صمت غرفتكم، واقرؤوه معًا، إذا كنتم أصدقاء، كوِّنوا مجموعات وشبكات دراسيّة، وتبادلوا الأفكار على الإنترنت. وابقَوا في حوار حول إيمانكم!

نعم، لندرس هذا التّعليم المسيحيّ. لنمنحه الفرصة لكي يقرِّبنا أكثر من يسوع، ومن مشروعه لحياتنا، ومن رسالة المحبّة الّتي يحملها، ومن الكشف الّذي قام به عن وجه الله ووجه الإنسان. وكما أتيحت لي الفرصة لكي أؤكِّد في الإرشاد الرّسوليّ ما بعد السّينودس "Christus vivit"، بالنّسبة للشّباب مثلكم، لا يوجد شيء يتلاءم مع الحياة الّتي تعيشونها أكثر من القرب من سرِّ يسوع: "لأنّ يسوع لا ينيركم أيّها الشّباب، من بعيد أو من الخارج، بل انطلاقًا من شبابه الّذي يشارككم فيه". وفي الحقيقة، أيّها الأصدقاء الأعزّاء، نحن جميعًا بحاجة إلى يسوع، نحن بحاجة لأن نعرف جيّدًا ما كشفه لنا، ولأن ندخل في تواصل معه، وألّا نفقد أبدًا الاتّصال بيسوع، لكي نتجنّب أن نفقد الاتّصال بتاريخنا الشّخصيّ وتاريخ البشريّة جمعاء.

وما هو السّرّ لكي لا نفقد الاتّصال بيسوع أبدًا؟ هذا السّرُّ، كما ذكّرت شباب تشيلي منذ فترة، كشفه القدّيس ألبرتو هورتادو، قدّيس ذلك البلد. وقلت في تلك المناسبة: "كان لدى هورتادو قاعدة ذهبيّة لكي يشعل قلبه بالنّار القادرة على أن تُبقي الفرح حيًّا. ويسوع هو تلك النّار الّتي تلهب من يقترب منها. وكانت كلمة السّرّ للقدّيس ألبرتو هورتادو لكي يعاود الاتّصال ويحافظ على الإرسال بسيطة جدًّا... بالتّأكيد لم يحضر أيّ منكم هاتفه المحمول معه... لنرى... أودّ منكم أن تكتبوها على هواتفكم المحمولة. وسأُمليها عليكم إذا أردتم. لقد سأل هورتادو نفسه، وهذه هي كلمة السّرّ: "ماذا سيفعل المسيح مكاني؟". ماذا سيفعل المسيح مكاني في المدرسة، في الجامعة، في الشّارع، في البيت، مع الأصدقاء، في العمل، أمام الّذين يتنمرون: "ماذا سيفعل المسيح في مكاني؟". عندما تذهب للرّقص أو ممارسة الرّياضة أو الذّهاب إلى الملعب: "ماذا سيفعل المسيح في مكاني؟". هذه هي كلمة السّرّ. هذه هي الشّحنة لكي نُشعل قلوبنا، ونُشعل الإيمان والبريق في عيوننا. هذا هو أن نكون رّواد التّاريخ. عيون تتلألأ لأنّنا اكتشفنا أنّ يسوع هو مصدر الحياة والفرح." "ماذا سيفعل المسيح مكاني؟". هذه هي كلمة السّرِّ لحياة "حيّة" وفرِحة حقًّا.

ولهذا الغرض، ليس هناك ما هو أكثر فائدة من دراسة هذا التّعليم المسيحيّ، مع القراءة المواظبة لصفحات الإنجيل وممارسة يوميّة للصّلاة. إنّ قراءة الإنجيل والصّلاة المتواصلة ودراسة هذا التّعليم المسيحيّ بحماس ستساعدنا لكي "ننقل" في قلوبنا وأذهاننا عيون يسوع، ومشاعر يسوع، ومواقف يسوع، لنصبح قادرين لا أن نجيب فقط على السّؤال "ماذا سيفعل المسيح مكاني؟"، وإنّما أن نقرّر ونتصرّف بحسب هذا الجواب. يحدث الشّيء نفسه تقريبًا عندما نقوم "بتنزيل" برنامج ما على جهاز الكمبيوتر أو الهاتف المحمول الخاصّ بنا. بمجرّد اكتمال العمليّة، سيكفينا أن نفعّل الرّمز الصّحيح وسيكون جاهزًا لما نريد أن نقوم به. لذلك أوصيكم بهذا التّعليم المسيحيّ. إنّها أداة فعّالة لكي نبلغ، في نهاية المطاف، إلى قلب خبرة إيماننا ونسمح لها بأن تنيرنا. أتحدّث عن الخبر المدهش للمسيح القائم من بين الأموات الّذي يبلغنا في كلِّ مرّة، خارج الزّمان والمكان، ويجعلنا نغوص دائمًا في محبّة الآب والرّوح القدس.

من فضلكم لا تنسوا هذا أبدًا: إنَّ المسيح حيّ. هو رجاؤنا والشّباب الأجمل لهذا العالم. كلّ ما يلمسه يصبح شابًّا، ويصبح جديدًا، ويمتلئ بالحياة. إنَّ شباب الحياة هذا، وحداثة الحياة هذه، وملء الحياة هذا هو ما أتمنّاه لكم، أيّها الأصدقاء الشّباب الأعزّاء. ولا تنسوا أبدًا أن تصلّوا من أجلي وأنا أيضًا أصلّي من أجلكم."