البابا فرنسيس لشباب سلوفاكيا: احلموا ولا تخافوا!
أوّلاً طرح البابا فرنسيس موضوع الحبّ الّذي هو بتعبيره "أعظم حلم في الحياة، حلم جميل، لكنّه ليس سهلاً، مثل كلّ الأشياء المهمّة في الحياة"، مشدّدًا على ضرورة عدم التّقليل من شأنه لأنّه "ليس مجرّد عاطفة وشعور أو الحصول على كلّ شيء وفورًا بل هو أمانة وعطاء ومسؤوليّة". وأضاف بحسب "فاتيكان نيوز": "الأصالة الحقيقيّة اليوم، الثّورة الحقيقيّة، هي التّمرّد على ثقافة ما هو عابر، والذّهاب إلى ما بعد الغريزة وما وراء اللّحظة. الحبّ هو لمدى الحياة، وبكلّ ذاتنا. لسنا هنا من أجل أن نقضي أيّامًا، بل لنجعل من الحياة مشروعًا".
ثمّ أشار الأب الأقدس إلى عنصرين أساسيّين للأشياء الكبيرة يسيران معًا، أيّ الحبّ والبطولة. وقال: "لننظر إلى يسوع، ولننظر إلى الصّليب، كلاهما موجودان: الحبّ اللّامحدود والشّجاعة لبذل الحياة حتّى النّهاية، دون أنصاف حلول". ودعا الشّباب "عندما يحلمون بالحبّ إلى أن يحلموا بجمال يتجاوز المظهر وتوجّهات الموضة، وقال: "احلموا ولا تخافوا أن تكوِّنوا عائلة، وأن تُنشِئوا أبناء وتربّوهم، وأن تقضوا حياة تشاركون فيها كلّ شيء مع شخص آخر، من دون أن تخجلوا من ضعفكم". كما حذّر من الاستماع إلى من يكلّمون الشّباب عن الأحلام لكنّهم يبيعون أوهامًا ويتلاعبون بسعادة الشّباب. وأضاف: "نحن فريدون وأحرارًا، ونحن في العالم لنعيش قصّة حبّ مع الله، ولنُقبِل بجرأة على الخيارات القويّة، ولنغامِر في مغامرات الحبّ العجيبة".
ونصح الحبر الأعظم الشّباب "ألّا ينسوا الجذور حتّى يثمر الحبّ"، فـ"الجذور هم الآباء والأجداد خاصّةً لأنّهم أعدّوا الأرض للشّباب"، وحثّهم على التّوجّه إلى أجدادهم وطرح الأسئلة عليهم، محذّرًا إيّاهم من خطر الانقلاع عن الجذور بسبب ركضنا وقيامنا بكلّ شيء بسرعة، ومن خطر الانفصال عن الحياة بسبب العالم الافتراضيّ. وقال: "يريد الله منّا أن ننغرس جيّدًا في الأرض، وأن نبقى على تواصل مع الحياة، وألّا نكون منغلقين على أنفسنا، بل دائمًا منفتحين على الجميع".
ومن بين النّصائح الأخرى الّتي قدّمها البابا للشّباب هي "ألّا يجعلوا أنفسهم سجناء الحزن والإحباط المستسلم لمن يقول إنّ شيئًا لن يتغيّر أبدًا"، وإلّا أصابهم التّشاؤم وهرم داخلهم، وعدم الإصغاء إلى من يتذمّرون ويشكون من كلّ شيء، وذلك لأنّ "التّذمّر والتّشاؤم ليسا من المسيحيّة. الرّبّ يسوع ينفر من الحزن والشّعور بأنّنا ضحايا. نحن لسنا مخلوقين لإبقاء وجوهنا لاصقة بالأرض، بل لنرفع نظرنا إلى السّماء".
ودعا بالتّالي البابا إلى اللّجوء إلى الاعتراف عند الإحباط، وقال: "إذا سألتكم: "في ماذا تفكّرون عندما تذهبون إلى الاعتراف؟"، فأنا تقريبًا متأكّد من جوابكم: ستقولون: إنّا نفكر "في الخطايا". لكنّي أسألكم: هل الخطايا حقًّا هي محور الاعتراف؟ هل يريدك الله أن تقترب منه وأنت تفكّر في نفسك وفي خطاياك أم فيه؟ ما هو المحور، الخطايا أم الأب الّذي يغفر كلّ شيء؟ نحن لا نذهب لنعترف مثل المعاقَبين الّذين يجب أن يتواضعوا، بل مثل الأبناء الّذين يركضون ليحظوا بعناق الآب. والآب يقيمنا في كلّ مرّة ويغفر لنا كلّ خطيئة". ونصحهم بالتّالي أن يبقوا بضع لحظات بعد كلّ اعتراف حتّى يتذكّروا المغفرة الّتي نالوها وأن يحافظوا على ذلك السّلام في قلبهم وعلى ترك الحرّيّة الّتي اختبروها في داخلهم. وأضاف: "لنعطِ الله المكان الأوّل في الاعتراف. إن كان هو الشّخص الأهمّ، يصبح كلّ شيء جميلاً ويصبح الاعتراف سرّ الفرح". كما أكّد على ضرورة أن يكون الكهنة رحماء وأخوة يمنحون مغفرة الأب ويرافقون عناقه هذا. وذكّر الأب الأقدس من جهة أخرى بالخجل الّذي قد يشعر به البعض من الذّهاب إلى الاعتراف، وقال: "إنّ هذا يعني أنّ الشّخص لا يقبل ما فعله. الخجل بالتّالي هو علامة جيّدة ولكن يجب ألّا يظلّ الإنسان أسير الخجل."
وختامًا، شجّع البابا الشّباب على عدم الخوف من معانقة الصّليب، إذ أنّ "عانق، فعل جميل. العناق يساعد في أن نتغلّب على الخوف. عندما يعانقنا أحد، نستعيد الثّقة بأنفسنا وبالحياة. لذلك لنسمح لأنفسنا بأن يعانقنا يسوع، لأنّه عندما نعانق يسوع نعانق الأمل مرّة أخرى. لا يمكن أن نعانق الصّليب وحده، فالألم لا يخلّص أحدًا. إنّه الحبّ الّذي يحوّل الألم. لذلك، نعانق الصّليب ونعانق يسوع معه، وليس الصّليب وحده، أبدًا! عندما نعانق يسوع، يولد الفرح من جديد. وفرح يسوع في الألم يتحوّل إلى سلام". وتمنّى في الختام للشّباب هذا الفرح وأن يحملوه إلى أصدقائهم، منهيًا بالقول: "لا تحملوا مواعظ بل الفرح، لا كلامًا، بل ابتسامات وقربًا أخويًّا".