الفاتيكان
22 آذار 2021, 07:30

البابا فرنسيس: لزرع بذور الحبّ لا بالكلمات وإنّما بأمثلة حياة ملموسة وبسيطة وشجاعة

تيلي لوميار/ نورسات
ذكّر البابا فرنسيس بالمسؤوليّة الكبيرة الّتي تقع على عاتق المسيحيّين اليوم لعكس صورة يسوع المسيح إلى الرّاغبين في رؤيته ومعرفته، حاثًّا بالتّالي الجماعة المسيحيّة على زرع بذور الحبّ لا بالكلمات الّتي تزول، وإنّما بأمثلة حياة ملموسة وبسيطة وشجاعة.

كلام البابا جاء خلال كلمته قبيل التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد، فقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"في هذا الأحد الخامس من الصّوم الكبير، تعلن اللّيتورجيا الإنجيل الّذي يروي فيه القدّيس يوحنّا حادثة حدثت في الأيّام الأخيرة من حياة المسيح، قبل آلامه بفترة وجيزة. بينما كان يسوع في أورشليم لحضور عيد الفصح، أعرب بعض اليونانيّين، الّذين أثارهم الفضول حول ما كان يفعله، عن رغبتهم في رؤيته. وإذ اقتربوا من الرّسول فيليبّس قالوا له مُلتَمِسين: "نريد أن نرى يسوع" (آية 21). فذَهَبَ فيلِبُّس فأَخبَرَ أَنَدرواس، وذهَبَ أَندَرواس وفيلِبُّس وأَخبَرا المُعلِّم. في طلب هؤلاء اليونانيّين، يمكننا أن نرى السّؤال الّذي يوجّهه العديد من الرّجال والنّساء، في كلّ مكان وزمان، إلى الكنيسة وإلى كلّ واحد منّا أيضًا: "نريد أن نرى يسوع".

وكيف استجاب يسوع لهذا الطّلب؟ بطريقة تجعلنا نفكّر. وقال: "أَتَتِ السَّاعَةُ الَّتي فيها يُمَجَّدُ ابنُ الإِنسان. الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: إنَّ حَبَّةَ الحِنطَةِ الَّتي تَقَعُ في الأَرض إِن لَم تَمُتْ تَبقَ وَحدَها. وإذا ماتَت، أَخرَجَت ثَمَرًا كثيرًا". لا يبدو أن هذه الكلمات تجيب على السّؤال الّذي طرحه هؤلاء اليونانيّون. في الواقع، هي تذهب أبعد من ذلك. في الواقع، يُظهر يسوع أنّه، لكلّ إنسان يريد أن يبحث عنه، البذرة الخفيّة الجاهزة لأن تموت لكي تأتي بثمر كثير. كمن يقول: إذا أردتم أن تعرفوني وتفهموني، انظروا إلى حبّة الحنطة الّتي ماتت في الأرض، انظروا إلى الصّليب.

تأتي إلى ذهننا علامة الصّليب، الّتي أصبحت على مرّ القرون رمزًا للمسيحيّين بامتياز. إنَّ الّذين يريدون اليوم "أن يروا يسوع"، ربّما يأتون من بلدان وثقافات لا تعرف سوى القليل عن المسيحيّة، فما الّذي يروه أوّلاً؟ ما هي أكثر العلامات شيوعًا الّتي يصادفونها؟ الصّليب. في الكنائس، في بيوت المسيحيّين، وحتّى على أجسادهم. المهمّ هو أنّ العلامة تتوافق مع الإنجيل: لا يمكن للصّليب إلّا أن يعبّر عن المحبّة والخدمة وبذل الذّات بدون تحفّظ: بهذه الطّريقة فقط يكون حقًّا "شجرة الحياة"، الحياة الوافرة.

اليوم أيضًا، يرغب الكثير من الأشخاص، وغالبًا دون أن يقولوا ذلك بوضوح، في "أن يروا يسوع"، ويلتقون به ويعرفوه. من هنا نفهم المسؤوليّة الكبيرة الّتي تقع على عاتقنا نحن المسيحيّين وعلى جماعاتنا. وبالتّالي علينا نحن أيضًا أن نستجيب بشهادة حياة تبذل نفسها في الخدمة. يتعلّق الأمر بزرع بذور الحبّ لا بالكلمات الّتي تزول، وإنّما بأمثلة حياة ملموسة وبسيطة وشجاعة. عندها سيجعلنا الرّبّ، بنعمته، نؤتي ثمارًا، حتّى عندما تكون الأرض قاحلة بسبب سوء الفهم أو الصّعوبات أو الاضطهاد. عندها فقط، في التّجربة والعزلة، بينما تموت البذرة، ستكون اللّحظة الّتي تنبت فيها الحياة، لكي تنتج ثمارًا ناضجة في وقتها، لأنّه في هذا التّشابك بين الموت والحياة يمكننا أن نختبر فرح الحبّ وخصبه الحقيقيّ.

لتساعدنا العذراء مريم على اتّباع يسوع، والسّير بقوّة وسعادة على طريق الخدمة، لكي تتألّق محبّة المسيح في جميع مواقفنا وتصبح أكثر فأكثر أسلوب حياتنا اليوميّة."

بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، حيّا الأب الأقدس المؤمنين الّذين يتابعون الصّلاة عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، يُحتفل اليوم في إيطاليا بيوم الذّكرى والالتزام تخليدًا لذكرى ضحايا المافيا الأبرياء. تتواجد المافيا في أجزاء مختلفة من العالم، وإذ تستغلّ الوباء، هي تثري نفسها بالفساد. إنَّ القدّيس يوحنّا بولس الثّاني قد أدان "ثقافة الموت" وبندكتس السّادس عشر قد وصفها بأنّها "طرق للموت". إنّ هيكليّات الخطيئة هذه، الّتي تتعارض مع إنجيل المسيح، تخلط الإيمان بعبادة الأصنام. واليوم نتذكّر جميع الضّحايا ونجدّد التزامنا ضدّ المافيا."

وتابع يقول: "يصادف غدًا اليوم العالميّ للمياه الّذي يدعونا للتّفكير في قيمة عطيّة الله هذه الرّائعة والّتي لا غنى عنها. بالنّسبة لنا نحن المؤمنين، "أختنا المياه" ليست سلعة: إنّها رمز عالميّ ومصدر للحياة والصّحّة. يحصل الكثير من الإخوة والأخوات على القليل من المياه وربّما تكون أيضًا ملوّثة. من الأهمّيّة بمكان ضمان مياه الشّرب والصّرف الصّحّيّ للجميع. أشكر وأشجّع الّذين، بمهارات مهنيّة ومسؤوليّات مختلفة، يعملون من أجل هذا الهدف الفائق الأهمّيّة وأفكّر، على سبيل المثال، في جامعة المياه في وطني، في الّذين يعملون على حملها قدمًا وجعل النّاس يفهمون أهمّيّة المياه. شكرًا جزيلاً لكم أيّها الأرجنتينيّون العاملون في جامعة المياه هذه."