الفاتيكان
19 كانون الأول 2022, 11:20

البابا فرنسيس: لتساعدنا العذراء مريم لكي نعيش منفتحين على مفاجآت الله

تيلي لوميار/ نورسات
ألقى البابا فرنسيس ظهر الأحد كلمة قبل صلاة التّبشير الملائكيّ مع المؤمنين في ساحة القدّيس بطرس قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"تقدّم لنا اللّيتورجيا اليوم، في الأحد الرّابع والأخير من زمن المجيء، صورة القدّيس يوسف. رجل بار على وشك أن يتزوّج. يمكننا أن نتخيّل ما يحلم به للمستقبل: عائلة جميلة، مع زوجة حنونة والعديد من الأطفال الصّالحين، وعمل كريم: أحلام بسيطة وجيدة. لكن فجأة، تحطّمت هذه الأحلام بسبب اكتشاف مقلق: مريم، خطِّيبته، تنتظر طفلاً وهذا الطّفل ليس طفله! بماذا شعر يوسف؟ حيرة، ألم، ضياع، وربّما حتّى انزعاج وخيبة أمل... لقد اختبر انهيار عالمه! وماذا يمكنه أن يفعل؟

إنّ الشّريعة تعطيه احتمالين. الأوّل هو إدانة مريم وجعلها تدفع ثمن الخيانة الزّوجيّة المزعومة. والثّاني هو إلغاء خطوبتهما سرًّا، دون أن يعرِّض مريم للفضيحة والعواقب الوخيمة، آخذًا على نفسه ثقل العار. إختار يوسف هذا الدّرب الثّاني الذي هو درب الرّحمة. وهنا، في قلب الأزمة، بينما كان يفكّر ويقيِّم هذا كله، أضاء الله نورًا جديدًا في قلبه: وأعلن له في الحلم أنّ أمومة مريم ليست من خيانة، بل هي عمل الرّوح القدس، والطّفل الذي سيولد هو المخلّص؛ ومريم ستكون أمَّ المسيح وهو سيكون حارسًا لها. وعندما قام من النّوم، فهم يوسف أن أعظم حلم لأيّ إسرائيليّ تقيّ - أن يكون أب المسيح - قد تحقق له بطريقة غير متوقعة على الإطلاق.

لكي يحقق هذا الحلم في الواقع، لن يكفيه أن ينتمي إلى سلالة داود وأن يكون محافظًا أمينًا على الشّريعة، ولكن سيتعيّن عليه أن يثق في الله فوق كلّ شيء، وأن يقبل مريم وابنها بطريقة مختلفة تمامًا عما كان يتوقّعه، ومختلفة عن الطّريقة التي كان يتمّ بها ذلك على الدّوام. بعبارة أخرى، سيتعيّن على يوسف أن يتخلّى عن ضماناته المطمئنة، وخططه المثاليّة، وانتظاراته المشروعة، وأن ينفتح على المستقبل الذي يتعيّن عليه أن يكتشفه. وأمام الله، الذي يبعثر الخطط ويطلب منّا أن نثق به، أجاب يوسف بنعم. إنَّ شجاعة يوسف بطوليّة وتتحقّق في صمت: فهو يثق، ويقبل، هو مستعدٌّ، ولا يطلب ضمانات أخرى.

أيّها الإخوة والأخوات ماذا يقول لنا يوسف اليوم؟ نحن أيضًا لدينا أحلامنا، وربّما في عيد الميلاد نفكّر فيها أكثر، ونتحدث عنها معًا. ربما نتأسّف على بعض الأحلام التي تحطّمت ونرى أنّه على أفضل الانتظارات أن تتعامل مع مواقف غير متوقّعة ومربكة. وعندما يحدث ذلك، يدلّنا يوسف على الدّرب: لا يجب أن نستسلم للمشاعر السّلبيّة، مثل الغضب والانغلاق، إنّه الدّرب الخطأ! وإنّما علينا أن نقبل مفاجآت الحياة، وكذلك الأزمات، بانتباه: عندما نكون في أزمة لا يجب أن نختار بسرعة وبحسب الغريزة، وإنّما علينا على مثال يوسف، أن نأخذ في عين الاعتبار جميع الأمور وأن نستند على معيار أساسيّ: رحمة الله: عندما نكون في أزمة ولا نستسلم للإنغلاق والغضب والخوف، بل نترك الباب مفتوحًا أمام الله، عندها يمكنه أن يتدخّل. إنه خبير في تحويل الأزمات إلى أحلام: نعم، الله يفتح الأزمات على آفاق جديدة، ربما ليس كما نتوقّع، وإنّما كما هو يعرف. هذه هي أيّها الإخوة والأخوان آفاق الله: مدهشة، لكنّها أوسع وأجمل من آفاقنا! لتساعدنا العذراء مريم لكي نعيش منفتحين على مفاجآت الله."