الفاتيكان
18 أيلول 2023, 06:30

البابا فرنسيس: لا يوجد رجاء وسلام خارج المغفرة

تيلي لوميار/ نورسات
شدّد البابا فرنسيس على أهمّيّة المغفرة في كلمته قبل صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد، وذلك على ضوء إنجيل متّى ١٨، ٢١ – ٣٥، معتبرًا أنّها شرط أساسيّ لمن هو مسيحيّ فهي تنقّي ما لوّثته الكراهية.

وفي تفاصيل الكلمة، قال البابا فرنسيس بحس "فاتيكان نيوز": "إنّ إنجيل اليوم يحدّثنا عن المغفرة (راجع متّى ١٨، ٢١ – ٣٥). سأل بطرس يسوع: "يا ربّ، كم مَرَّةً يَخْطَأُ إِلَيَّ أَخي وَأَغفِرَ لَه؟ أَسَبعَ مَرَّات؟" (متّى ١٨، ٢١). إنّ العدد سبعة في الكتاب المقدّس يشير إلى الكمال، وبالتّالي فإنّ بطرس سخيّ جدًّا في افتراضات سؤاله، لكن يسوع يذهب أبعد من ذلك ويجيبه "لا أَقولُ لكَ: سَبعَ مرَّات، بل سَبعينَ مَرَّةً سَبعَ مَرَّات" (متّى ١٨، ٢٢)، أيّ يقول له، عندما نفغر لا نحسب، ومن الجيّد أن نغفر دائمًا!  

إنّ يسوع يوضح ذلك من خلال مثل. فقد قام ملك، وبعد التّوسّل إليه، بإعفاء خادم من دين من عشرة آلاف وزنة: إنّها قيمة هائلة، تتراوح ما بين مائتين وخمسمائة طن من الفضّة. لقد كان دينًا من المستحيل تسديده حتّى وإن تمّ العمل مدى الحياة. ومع ذلك، يقوم ذاك السّيّد، الّذي يذكّر بأبينا، بإعفائه من الدّين، مشفقًا عليه.

إنّ قلب الله يغفر دائمًا لأنّ الله شفوق. علينا ألّا ننسى أنّ الله قريب وشفوق وحنون. إنّ ذاك الخادم الّذي أُعفي من الدّين لم يمارس أيّة شفقة إزاء خادم من أصحابه مدين له بمائة دينار. إنّها كمّيّة كبيرة أيضًا وتُعادل راتب زهاء ثلاثة أشهر، ولكن لا يمكن مقارنتها بالكمّيّة السّابقة.

إنّ رسالة يسوع واضحة. فالله يغفر بطريقة لا تُعدّ. إنّه يتصرّف بمحبّة ومجّانيّة. وحين نغفر لأخ أو أخت، فنحن نقتدي به. وبالتّالي فإنّ المغفرة ليست عملاً صالحًا يمكن القيام به أم لا، بل هي شرط أساسيّ لِمن هو مسيحيّ.

إنّ الله بذل حياته من أجلنا، مسلّطًا الضوء على رحمته. ومن خلال مسامحة بعضنا البعض نستطيع أن نشهد له، زارعين حياة جديدة من حولنا. لا يوجد رجاء وسلام خارج المغفرة. فالمغفرة هي الأكسجين الّذي ينقّي الهواء الّذي لوّثته الكراهيّة، والتّرياق الّذي يشفي من سموم الحقد، والطّريق لنزع فتيل الغضب ولشفاء أمراض القلب الكثيرة الّتي تلوّث المجتمع.

لنسأل أنفسنا: أأثق بأنّي نلت من الله عطيّة مغفرة هائلة؟ أأشعر بفرح معرفة أنّه مستعدّ دائمًا ليغفر لي حين أسقط، وحتّى عندما لا يفعل الآخرون ذلك، وعندما لا أتمكّن من أن أسامح نفسي؟ ومن ثمّ، أأعرف أن أغفر بدوري لمَن أساء إليّ؟

لنحاول الآن أن نفكّر في شخص أساء إلينا، ولنطلب من الرّبّ القوّة كي نغفر له. ولنغفر له محبّة بالرّبّ، فذلك سيفيدنا وسيعيد السّلام إلى قلوبنا."

وفي ختام كلمته قبل تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، قال البابا فرنسيس: "لتساعدنا مريم العذراء، أمّ الرّحمة، على قبول نعمة الله ومسامحة بعضنا البعض".