الفاتيكان
22 شباط 2023, 11:20

البابا فرنسيس: لا يمكن أن تحلّ التّكنولوجيا محلّ العلاقة البشريّة، ولا للافتراضيّ أن يحلّ محلّ الواقعيّ

تيلي لوميار/ نورسات
التّأمّل في العلاقة بين الإنسان والتّقنيّات والخير العامّ، حيث يلتقي التّطوّر والأخلاقيّات والمجتمع ويمكن للإيمان أن يقدّم إسهامًا ثمينًا، هو ما أشار إليه البابا فرنسيس في كلمته إلى المشاركين في الجمعيّة العامّة للأكاديميّة الحبريّة للحياة، مؤكّدًا أنّ الكنيسة لا تتوقّف عن تشجيع التّطوّر العلميّ والتّقنيّ في خدمة الكرامة البشريّة ومن أجل تنمية بشريّة متكاملة.

هذا وركّز البابا تأمّله حور ثلاثة تحدّيات يراها هامّة: التّغيّر في ظروف عيش الإنسان في العالم التّكنولوجيّ، وتأثير التّقنيّات الجديدة على تعريف الإنسان والعلاقات في حدّ ذاتها، ومفهوم المعرفة وما يترتّب عليه.  

وبحسب "فاتيكان نيوز"، "وفي حديثه عن التّحدّي الأوّل أشار البابا فرنسيس إلى سعي الإنسان إلى تحسين ظروف الحياة باستخدام الوسائل التّكنولوجيّة، وهو ما كان قد تحدّث عنه البابا بندكتس السّادس عشر حيث قال إنّ الإنسان في التّقنيّة، كعمل هو ثمرة إبداعه، يتعرّف على ذاته ويحقّق إنسانيّته. وأضاف البابا فرنسيس أنّ التّقنيّة تساعدنا على أن نفهم بشكل أفضل قدرات الذّكاء البشريّ، لكنّها تكشف لنا من جهة أخرى مسؤوليّتنا الكبيرة إزاء الخليقة. ثمّ تحدّث عن أنّ اليوم، ومقارنةً بالماضي، تُكثِّف الوسائل التّقنيّة وتوضح التّبعيّة المتبادلة بين الإنسان والبيت المشترك، وهو ما تؤكّده أزمات كثيرة مثل الجائحة وأزمات الطّاقة، المناخ والهجرة. وشدّد الأب الأقدس على أنّ تقدّمًا تقنيًّا سليمًا لا يمكنه ألّا يأخذ بعين الاعتبار هذه التّداخلات.

وعن التّحدّي الثّاني، أيّ تأثير التّقنيّات الجديدة على تعريف الإنسان والعلاقات، وخاصّة فيما يتعلّق بالأشخاص الأكثر ضعفًا، قال البابا فرنسيس إنّ الأشكال التّكنولوجيّة للخبرة البشريّة تزداد تغلغلاً يومًا بعد يوم، كما وتزداد صعوبةً المعايير الّتي يمكن من خلالها التّمييز بين ما هو طبيعيّ وما هو اصطناعيّ، بين الحيويّ والتّكنولوجيّ. ويستدعي هذا، حسب ما تابع الأب الأقدس، تأمّلاً جدّيًّا حول قيمة الإنسان ذاته، ومن الضّروريّ بشكل خاصّ التّأكيد بحزم على أهمّيّة مفهوم الوعي الإنسانيّ كخبرة علائقيّة، أيّ أنّه لا يمكن في شبكة العلاقات الشّخصيّة أو الجماعيّة أن تحلّ التّكنولوجيا محلّ العلاقة البشريّة، ولا يمكن للافتراضيّ أن يحلّ محلّ الواقعيّ، ولا للتّواصل الاجتماعيّ أن يحلّ محلّ الوسط الاجتماعيّ. وشدّد الأب الأقدس في هذا السّياق على أنّ العلاقات بين الإنسان والجماعة تُحدث حتّى في مسيرات البحث العلميّ تغيّرات أخلاقيّة مركّبة، كما وتطرّق إلى ضرورة أن تتوفّر للجميع فرص توزيع الموارد والاستفادة من الخدمات كي تتقلّص الاختلافات. ويستدعي هذا الرّقابة على سرعة التّحوّلات وعلى التّفاعل بين التّغيّرات وإمكانيّة ضمان توازن عامّ.

ثمّ انتقل البابا فرنسيس إلى التّحدي الثّالث وهو مفهوم المعرفة وتبعاته، وتحدّث هنا عن ضرورة التّساؤل حول أساليبنا في المعرفة، وذلك انطلاقًا من الوعيّ بأنّ أسلوب المعرفة له في حدّ ذاته تبعات أخلاقيّة. وأراد الأب الأقدس التّذكير هنا بحديثه في الإرشاد الرّسوليّ "فرح الإنجيل" عن معرفة متلائمة مع الإنسان، وأيضًا بتشديده على أنّ الكلّ يفوق الأجزاء وأنّ العالم كلّه هو في ترابط وثيق، وأضاف أنّ هذه الأفكار يمكنها أن تساهم في شكل جديد للتّفكير في المجال البيولوجي أيضًا. وتحدّث البابا هنا عن أهمّيّة مواصلة اللّاهوت الإسهام في تعريف أنسنة جديدة لصالح الإصغاء والفهم المتبادلَين بين العلم والتّكنولوجيا والمجتمع".