الفاتيكان
28 شباط 2019, 15:00

البابا فرنسيس: لا تُؤَخِّرِ التَّوبَةَ إِلى الرَّبّ، وَلا تَتَباطَأ مِن يَومٍ إِلى يَوم

ترأّس البابا فرنسيس القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الخميس في كابلّة بيت القدّيسة مرتا في الفاتيكان، وألقى عظة أبرز ما جاء فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

 

"إنَّ الإنجيل هو مجموعة نصائح يعطيها يسوع، وهذا المقطع من الإنجيل، ولاسيّما الآية الأخيرة منه هي نصيحة جميلة "فَليَكُن فيكُم مِلحٌ، وَليُسالِم بَعضُكُم بَعضًا". ليكن فيكم ملح: يريد الرّبّ بهذه الكلمات أن يقول تحلّوا بالحكمة، لتكن حياتكم حكيمة. لكنّ الحكمة ليست أمرًا مسلَّمًا به تنالها لأنّك أتممتَ دراستك الجامعية... لا الحكمة هي أمر يوميّ نناله من التّأمل بالحياة واستنتاج التّبعات من خبرة الحياة. وحول هذا الأمر تحدّثنا القراءة الأولى التي تقدّمها لنا اللّيتورجيّة اليوم من سفر يشوع بن سيراخ: "لا تَعتَدَّ بِأَموالِكَ، وَلا تَقُل: "لي بِها كِفايَة". لا تَتبَع هَواكَ وَلا قُوَّتَكَ" هذا المقطع من سفر يشوع بن سيراخ هو كنصيحة أب لابنه أو جدٍّ لحفيده، إنّه نصيحة حكيمة: توقف يوميًّا للحظة وفكّر كيف عشتَ نهارك. لا تتبع غريرتك ولا قوّتك ولا هواك لِتَسيرَ في شَهَواتِ قَلبِكَ. لكلٍّ منا أهواءه ولكن تنبّه وسيطر على أهوائك. سيطر عليها لأنّها ليست أمرًا سيّئًا بل هي إذا صحَّ القول "الدّمّ" للمضي قدمًا بالعديد من الأمور الصّالحة ولكن إن لم تكن قادرًا على السّيطرة عليها فستسيطر عليك.

لا تَقُل: مَن يَتَسَلَّطُ عَلَيَّ؟" لأنّنا لا نعرف أبدًا ما قد يحصل في الحياة. هناك آية من أحد المزامير تؤثر فيَّ بشكل خاصّ: "قَد رَأَيتُ الشِّرِّيرَ عَاتِيًا، وَارِفًا مِثلَ شَجَرَةٍ شَارِقَةٍ نَاضِرَة. عَبَرَ فَإِذَا هُوَ لَيسَ بِمَوجُودٍ، وَالتَمَسْتُهُ فَلَم يُوجَد". إنّها نسبيّة الحياة. لنفكّر في أجدادنا، ربما قليلون هم الذين لا يزال أجدادهم أحياء، لقد كان أجدادنا يعيشون حياة يوميّة ملموسة ولكنّهم اليوم قد انتقلوا من هذه الحياة؛ وكذلك أحفادنا سيقولون عنّا بعد وفاتنا: "لقد كان أجدادنا كذا وكذا..." ولذلك توقف قليلاً وفكّر لست أبديًّا وهذه حكمة الحياة. لا تقل يمكنني أن أفعل ما يحلو لي، و"قَد خَطِئتُ، فَأَيُّ سوءٍ أَصابَني؟" لا تكن متهوِّرًا وطائشًا لتفكّر بأنّك ستنجح على الدّوام. "ولا تَقُل: رَحمَتُهُ عَظيمَة، فَيَغفِرُ كَثرَةَ خَطاياي". والوصيّة الأخيرة لهذا الأب هي "لا تُؤَخِّرِ التَّوبَةَ إِلى الرَّبّ" لا تؤخِّر في الارتداد وتغيير حياتك واقتلاع العشب السّيّئ من حياتك... "لا تُؤَخِّرِ التَّوبَةَ إِلى الرَّبّ، وَلا تَتَباطَأ مِن يَومٍ إِلى يَوم. فَإِنَّ غَضَبَ الرَّبِّ يَنزِلُ بَغتَةً، وَيَستَأصِلُ في يَومِ الانتِقام" تمامًا كما يقول صاحب المزمور: "قَد رَأَيتُ الشِّرِّيرَ عَاتِيًا، وَارِفًا مِثلَ شَجَرَةٍ شَارِقَةٍ نَاضِرَة. عَبَرَ فَإِذَا هُوَ لَيسَ بِمَوجُودٍ، وَالتَمَسْتُهُ فَلَم يُوجَد". "لا تَعتَدَّ بِأَموالِ الظُّلم، فَإِنَّها لا تَنفَعُكَ شَيئًا في يَومِ الانتِقام".

أريد أن أسلّط الضّوء على كلمة إيجابيّة ستساعدنا كثيرًا: "لا تُؤَخِّرِ التَّوبَةَ إِلى الرَّبّ، وَلا تَتَباطَأ مِن يَومٍ إِلى يَوم"، لا تؤخِّر تغيير حياتك إن كنتَ تعرف بأنّ لديك نقيصة ما توقّف لدقيقة قبل أن تخلد إلى النّوم وافحص ضميرك وامسك زمام الأمور في حياتك، وقل: "نعم لقد خطئت وعشت لحظات فشل كثيرة ولكنّني سأجتهد لكي لا يحصل هذا غدًا". علينا أن نتيقّن لإخفاقاتنا، وجميعنا لدينا إخفاقات يوميّة وكثيرة. ولكن لا يجب أن تخاف أو أن تعتقد أنّها أمر عاديّ، يمكنك أن تسيطر على أهوائك وأن تصبح مسؤولاً عن تصرّفاتك، تكفيك خمس دقائق قبل أن تخلد إلى النّوم، فكّر: ماذا حصل معي اليوم؟ وأتعلّم من ذلك لكي أصبح "صاحب سيادة" على نفسي. لنقم بفحص الضّمير اليوميّ هذا لكي نتوب إلى الرّبّ.

وإختتم الأب الأقدس قائلًا: "إنّ هذه الدّقائق الخمسة في نهاية النّهار ستساعدنا كثيرًا لكي نفكّر ولكي لا نؤجّل ارتداد قلوبنا وتوبتنا إلى الرّبّ. ليعلّمنا الرّبّ بحكمته أن نسير قدمًا على هذه الدرب."