الفاتيكان
16 تشرين الأول 2019, 12:30

البابا فرنسيس في المقابلة العامّة: لا يمكن للمبشّر أن يكون عائقًا لعمل الله المبدع

في موعده الأسبوعيّ، أطلّ البابا فرنسيس على المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس بالفاتيكان، في المقابلة العامّة، دعا فيها إلى السّماح لمفاجآت الله أن تدهش خلقه وألّا تعيق إبداعه، فقال:

"تترافق رحلة الإنجيل في العالم، التي يرويها القدّيس لوقا في كتاب أعمال الرّسل، مع إبداع الله الذي يظهر بأسلوب مفاجئ. فهو يريد أن يتخطّى أبناءه كلّ التفاصيل والخصائص لكي ينفتحوا على شموليّة الخلاص. لأنّ الذين ولدوا مجدّدًا من الماء والروح هم مدعوّون للخروج من ذواتهم والانفتاح على الآخرين وعيش القرب وأسلوب العيش معًا الّذي يحوّل كل علاقة شخصيّة إلى خبرة أخوّة.

إنّ الشاهد على عمليّة الأخوّة التي يريد الروح القدس أن يُفعِّلها في التاريخ هو بطرس، رائد أعمال الرسل مع بولس. يعيش بطرس حدثًا يطبع تحوّلاً حازمًا لحياته. وفيما كان يصلّي نال رؤية شكّلت نوعًا من "الاستفزاز" الإلهيّ ليولّد فيه تغيير ذهنيّة. لقد رأى وِعاءً كَسِماطٍ عَظيمٍ نازِلاً يتدَلَّى إلى الأَرضِ بِأَطرافِه الأَربَعة. وكانَ فيه مِن جَميعِ ذَواتِ الأَربَعِ وزَحَّافاتِ الأَرضِ وطُيورِ السَّماء، وإذا صوت يقول له بأن يأكل من هذه اللّحوم؛ ولكنّه كيهودي صالح أجاب مؤكّدًا أنّه لم يأكل قط نجسًا أو دنسًا كما تطلب شريعة الرّبّ. عندها عادَ إِلَيه صَوتٌ فقالَ له ثانِيًا: "ما طَهَّرَهُ الله، لا تُنَجِّسه أَنتَ" (أعمال 10، 15). وهذا ما قاله يسوع أيضًا بوضوح".

بهذا الأمر يريد الرّبّ من بطرس ألّا يقيّم الأحداث والأشخاص بعد الآن بحسب فئتي الطّاهر والنجس وإنّما أن يتعلّم أن يذهب أبعد لينظر إلى الشّخص وإلى نوايا قلبه. لأنّ ما ينجِّس الإنسان في الواقع لا يأتي من الخارج وإنّما فقط من الداخل، من القلب. وبعد تلك الرؤيا دعا الله بطرس إلى بيت غريب غير مختون، "قائِد المِائةِ قُرنيلِيوس رَجُلٌ صِدِّيقٌ يَتَّقي الله" يتصدّق على الشّعب ويصلّي دائمًا إلى الله. ولكنّه لم يكن يهوديًّا.

وفي بيت الوثنيّين هذا بشّر بطرس بالمسيح المصلوب والقائم من الموت وبمغفرة الخطايا لكل من يؤمن به. وفيما كان بطرس يتكلّم نزل الروح القدس على قُرنيليوس وجميع أقربائه وعمّدهم بطرس باسم يسوع المسيح. وعندما بلغ هذا الخبر الرائع إلى أورشليم- وهذه المرّة الأولى التي يحصل فيها أمر كهذا- تشكّك الإخوة من تصرّف بطرس وخاصموه. لكن في الواقع وبعد لقائه بقُرنيليوس أصبح بطرس حرًّا من ذاته وأكثر شركة مع الله والآخرين لأنّه رأى مشيئة الله في عمل الرّوح القدس، وبالتالي تمكّن عندها من أن يفهم أنّ اختيار إسرائيل ليس مكافأة على استحقاقاته وإنّما علامة للدعوة المجانية ليكون وسيط البركة الإلهية بين الشعوب الوثنية.

أيّها الإخوة الأعزّاء من أمير الرّسل نتعلّم أنّه لا يمكن للمبشّر أن يكون عائقًا لعمل الله المبدع الذي يريد "أن يخلّص جميع البشر" (1 تيم 2، 4)، بل عليه أن يكون شخصًا يعزّز لقاء القلوب مع الرب. ونحن كيف نتصرّف مع إخوتنا لاسيّما مع الذين ليسوا مسيحيّين؟ هل نحن عائق للقائهم مع الله؟ هل نعيق لقاءهم مع الآب أم أننا نسهّله؟ لنطلب اليوم نعمة أن نسمح لمفاجآت الله أن تدهشنا وألّا نعيق إبداعه وإنّما أن نعترف ونعزّز على الدوام الدروب الجديدة التي من خلالها يفيض القائم من الموت روحه في العالم ويجذب القلوب ويكشف عن نفسه كـ"رَبِّ النَّاسِ أَجمَعين" (أعمال 10، 36)."

 

المصدر: فاتيكان نيوز