البابا فرنسيس: عن خميرة الرّوح القدس
"إنّ هذه هي خميرةُ الفرّيسيّين وعلماء الشّريعة والصّدّوقيّين، إنّها خميرة الرّياء. إنّهم أشخاص منغلقون على أنفسهم، ويفكّرون كيف يظهرون أمام النّاس، وكيف يدّعون، وكيف يفعلون الأعمال الخيّرة ويُطلقون الأبواق لإعلان ذلك على الجميع. وهؤلاء الأشخاص يهتمّون فقط في الحفاظ على ما بداخلهم، على أنانيّتهم وأمنهم، وعندما يرون شخصًا ما يعاني من المشاكل، شأن الرّجل الّذي ضربه اللّصوص وطرحوه على جانب الطّريق أو شأن الأبرص، يلتفتون إلى الجهة الأخرى بحسب شرائعهم "الدّاخليّة".
إنّ هذه الخميرة خطيرة للغاية، إنّها الرّياء، وذكّر بأن الرّبّ لا يقبل الرّياء، عندما يظهر الإنسان بحلّة جميلة، لكن توجد في قلبه عادات سيّئة. ويقول يسوع إنّ هؤلاء الأشخاص هم كالقبور المكلّسة، الّتي هي جميلة من الخارج لكنّها في الدّاخل تحتوي على بقايا الجثث العفنة. إنّ هذه الخميرة الّتي تجعلنا ننمو نحو الدّاخل هي خميرة تُفقد المستقبل، لأنّ الإنسان الّذي ينمو في الأنانيّة وفي الاهتمام بالذّات ليس لديه مستقبل. لكن الخميرة الّتي تساعدنا على النّموّ نحو الخارج، هي خميرة طيّبة تقودنا نحو الإرث الّذي تركه لنا الرّبّ، ويحدّثنا عنه القدّيس بولس الرّسول في رسالته إلى أهل أفسس.
إنّ هؤلاء الأشخاص يخطئون أحيانًا لكن سرعان ما يصحّحون الأخطاء، كما يمكن أن يقعوا لكنّهم ينهضون ويتابعون المسيرة نحو الخارج. إنّهم أشخاص فرحون، لأنّهم وُعدوا بسعادة أكبر، والخميرةُ الّتي تقود هؤلاء الأشخاص هي خميرة الرّوح القدس الّذي يدفعنا لنكون تسبيحًا لمجد الله. وإنّ ختم الرّوح الذي وُعدنا به هو بمثابة عربون لإرثنا ألا وهو خلاصنا التّام.
إنّ يسوع يريدنا أن نسير مع خميرة الرّوح القدس الّتي لا تجعلنا ننمو نحو الدّاخل، كما هي الحال مع علماء الشّريعة والمرائين. إنّ الرّوح القدس يدفعنا نحو الخارج، نحو الأفق ويجب أن نفعل ذلك كمسيحيّين على الرّغم من المشاكل والصّعوبات والآلام، نسير قدمًا على أمل العثور على الإرث، لأنّ لدينا خميرة الرّوح القدس.
إنّ ثمّة أشخاص يبحثون عن أنانيّتهم، وينمون نحو الدّاخل، ويهتمّون فقط بمظهرهم الخارجيّ، وبعدم إظهار عاداتهم السّيّئة، هؤلاء هم المراؤون الّذين يحذّر منهم الرّبّ. ولهذا السّبب حذّر الرّبّ تلاميذه من "خميرة الفرّيسيّين". أمّا المسيحيّ فيجب أن يحفظ في قلبه خميرة الرّوح القدس، الّتي تمنحه الفرح على الرّغم من المشاكل والصّعوبات".