البابا فرنسيس: عندما تبدأ شيخوخة قلب المسيحيّ تبدأ دعوته كمسيحيّ بالنّقصان
"رائد الإنجيل الّذي تقدّمه لنا اللّيتورجية اليوم هو الرّوح القدس. ففي خطاب الوداع الّذي ألقاه يسوع على تلاميذه قبل صعوده إلى السّماء يمكننا أن نجد تعليمًا حقيقيًّا حول الرّوح القدس وحول من هو. لدى سماعهم كلمات المعلّم الّذي سيتركهم بعد قليل حزن التّلاميذ لكن يسوع وبّخهم لأنّ الحزن ليس موقفًا مسيحيًّا. ولكن ماذا يجب علينا أن نفعل لكي لا نحزن؟ ضدّ الحزن طلبنا في الصّلاة من الرّبّ أن يحافظ فينا على روح الشّباب، وهنا يدخل الرّوح القدس لأنّه هو الّذي يضع فينا هذا الشّباب الذي يجدّدنا على الدّوام.
هناك قدّيس كان يقول القدّيس الحزين هو قدّيس بائس، وكذلك المسيحيّ الحزين هو مسيحيّ بائس وهذا الأمر ليس جيّدًا. إنّ الرّوح القدس هو الّذي يجعلنا قادرين على حمل صلباننا تمامًا كبولس وسيلا اللّذين تخبرنا عنهما القراءة الأولى الّتي تقدّمها لنا اللّيتورجية من كتاب أعمال الرّسل، واللّذان وبالرّغم من أنّهما ألقيا في السّجن وشُدّت أَرجُلَهما بالمِقطَرة كانا يُسَبِّحان اللهَ في صَلاتِهما.
إنّ الرّوح القدس يجدّد كلَّ شيء. الرّوح القدس هو الّذي يرافقنا في الحياة ويعضدنا، إنّه البارقليط؛ يا له من اسم غريب.
عندما كنت لا أزال كاهنًا، كنت أحتفل بالقدّاس الإلهي للأطفال في أحد العنصرة وسألتهم إن كانوا يعرفون من هو الرّوح القدس. وأجاب أحد الأطفال: البارقليط. وقال نحن أيضًا غالبًا ما نفكّر أنّ الرّوح القدس هو البارقليط ولكنّه لا يفعل شيئًا...
ماذا تعني كلمة بارقليط؟ بارقليط تعني ما هو قريب منّي ليعضدني لكي لا أسقط ولكي أسير قدمًا وأحافظ على شباب الرّوح. إنّ المسيحيّ هو شابّ على الدّوام وعندما تبدأ شيخوخة قلب المسيحيّ تبدأ دعوته كمسيحيّ بالنّقصان؛ لأنّه إمّا تكون شابًّا في قلبك ونفسك وإلّا فلست مسيحيًّا بالكامل.
أضاف الحبر الأعظم مؤكّدًا أنّنا سنواجه آلامًا في الحياة تمامًا كبولس وسيلا اللذان ضُربا بالعصي وتألّما ولكنّهما كانا فرحَين ينشدان... وقال هذا هو الشّباب. شباب يجعلك تنظر دائمًا إلى الرّجاء. ولكن لكي نحصل على هذا الشّباب نحن بحاجة لحوار يوميّ مع الرّوح القدس الّذي هو بقربنا على الدّوام. إنّه العطيّة الكبرى الّتي تركها لنا يسوع، إنّه العضد الّذي يجعلنا نمضي قدمًا.
حتّى وإن كنّا خطأة، يساعدنا الرّوح القدس لنتوب ويجعلنا ننظر إلى الأمام. تحدّث إلى الرّوح القدس وسيمنحك العضد ويعيد إليك الشّباب. إنّ الخطيئة تجعلك تشيخ. الحياة مليئة بالمراحل الصّعبة ولكن في تلك اللّحظات نشعر أنّ الرّوح القدس يساعدنا على المضيّ قدمًا وتخطّي الصّعوبات، بما فيها الاستشهاد.
لنطلب من الرّبّ ألّا نفقد هذا الشّباب المتجدّد وألّا نكون مسيحيّين متقاعدين فقدوا الفرح ولا يسيرون إلى الأمام... إنّ المسيحيّ لا يتقاعد أبدًا، المسيحيّ يحيا لأنّه شابّ وعندها يكون مسيحيًّا حقيقيًّا".