الفاتيكان
01 آذار 2021, 09:00

البابا فرنسيس: علينا أن نكون مصابيح صغيرة للإنجيل تحمل القليل من الحبّ والرّجاء!

تيلي لوميار/ نورسات
شجب البابا فرنسيس "الاختطاف الجبان لثلاثمائة وسبع عشرة فتاة، تمّ اقتيادهن من مدرستهنّ، في جانغيبي، في شمال غرب نيجيريا"، وضمّ صوته، بعد صلاة التّبشير الملائكيّ، إلى صوت أساقفة نيجيريا مصلّيًا "من أجل هذه الفتيات، لكي يتمكنَّ قريبًا من العودة إلى ديارهنَّ"، معربًا عن قربه منهنّ ومن عائلاتهنّ.

وكان البابا فرنسيس قد تلا التّبشير الملائكيّ مع الحجّاج المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس، وقد توجّه إليهم قبلها بكلمة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز": "يدعونا الأحد الثّاني من زمن الصّوم إلى التّأمّل في تجلّي يسوع على الجبل لثلاثة من تلاميذه. قبل ذلك بقليل، كان يسوع قد أعلن أنّه في أورشليم سوف يتألّم بشدة، وسوف يُرفض ويُقتل. يمكننا أن نتخيّل ما حدث في ذلك الوقت في قلوب أقرب أصدقائه: تعرّضت للأزمة صورة المسيح القويّ والمنتصر، وتحطّمت أحلامهم، وسيطر عليهم الألم لفكرة أنّ المعلّم الّذي قد آمنوا به سيُقتل كأسوأ الأشرار. وفي تلك اللّحظة بالذّات دعا يسوع بطرس ويعقوب ويوحنّا وأخذهم معه إلى الجبل.

"فَانفَرَدَ بِهِم وَحدَهُم عَلى جَبَلٍ عالٍ". الجبل هو المكان المرتفع، حيث تتلامس السّماء مع الأرض، وحيث عاش موسى والأنبياء الخبرة الرّائعة للقاء الله. صعد يسوع إلى أعلى مع التّلاميذ الثّلاثة وتوقّفوا عند قمّة الجبل. وهنا تجلّى أمامهم. ويقدّم وجهه المتلألئ وثيابه النّاصعة البياض الّتي تستبق صورته كقائم من بين الأموات، لهؤلاء الرّجال الخائفين النّور ليعبروا الظّلمات: لن يكون الموت نهاية كلّ شيء، لأنّه سينفتح على مجد القيامة.

كما قال بطرس الرّسول، حَسَنٌ أَن نَكونَ هَهُنا مع الرّبّ على الجبل، وأن نختبر "استباق" النّور في قلب الصّوم الكبير. إنّها دعوة لكي نتذكّر، خاصّة عندما نمرّ بتجربة صعبة، بأنّ الرّبّ قد قام من الموت ولا يسمح أن يكون للظّلام الكلمة الأخيرة.

قد يحدث أحيانًا أن نمرّ بلحظات مظلمة في حياتنا الشّخصيّة أو العائليّة أو الاجتماعيّة، أو أن نخاف من عدم وجود مخرج، ونشعر بالرّعب في مواجهة الألغاز الكبيرة مثل المرض أو الألم البريء أو سرّ الموت. حتّى في مسيرة الإيمان، غالبًا ما نتعثّر عند مواجهة فضيحة الصّليب ومتطلّبات الإنجيل، الّتي تطلب منّا أن نبذل حياتنا في الخدمة ونفقدها في المحبّة، بدلاً من الاحتفاظ بها والدّفاع عنها. نحتاج إذًا عندها إلى نظرة أخرى، إلى نور ينير بعمق سرّ الحياة ويساعدنا على الذّهاب أبعد من مخطّطاتنا ومعايير هذا العالم. نحن أيضًا مدعوّون لتسلّق الجبل، والتّأّمّل في جمال القائم من بين الأموات الّذي يضيء ببصيص نور كلّ جزء من حياتنا ويساعدنا على تفسير التّاريخ انطلاقًا من انتصاره في عيد الفصح.

ولكن علينا أن نتنبّه: على هذا الشّعور بأنّه "حَسَنٌ أَن نَكونَ هَهُنا" لا يجب أن يصبح كسلاً روحيًّا. لا يمكننا أن نبقى على الجبل ونستمتع بفرح هذا اللّقاء وحدنا. ولذلك يعيدنا يسوع إلى الوادي، بين إخوتنا وفي الحياة اليوميّة. علينا أن نتنبّه من الكسل الرّوحيّ: نحن بخير بصلواتنا وطقوسنا اللّيتورجيّة، وهذا يكفينا. لا! لا يجب على تسلّقنا للجبل أن يُنسينا الواقع، إنَّ الصّلاة ليست أبدًا هروبًا من مشقّات الحياة؛ ونور الإيمان لا يصلح فقط لمجرّد تأثُّر روحيّ جميل. نحن مدعوّون لكي نختبر اللّقاء مع المسيح لأنّنا وإذ نستنير بنوره يمكننا أن نحمله ونجعله يسطع في كلّ مكان. علينا أن نشعل أنوارًا صغيرة في قلوب الأشخاص، وأن نكون مصابيح صغيرة للإنجيل تحمل القليل من الحبّ والرّجاء: هذه هي رسالة المسيحيّ.

لنصلِّ إلى مريم الكلّيّة القداسة لتساعدنا لكي نقبل بذهول نور المسيح ونحميه ونتقاسمه مع الآخرين."

كما توقّف البابا، بعد الصّلاة، عند اليوم العالميّ للأمراض النّادرة قائلاً: "أحيّي أعضاء بعض الجمعيّات العاملة في هذا المجال الّذين جاؤوا إلى ساحة القدّيس بطرس. في حالة الأمراض النّادرة، من المهمِّ أكثر من أيّ وقت مضى أن يصار إلى شبكة تضامن بين أفراد العائلة، تعزّزها هذه الجمعيّات. إنّها تساعد على عدم الشّعور بالوحدة وتبادل الخبرات والمشورة. أشجّع المبادرات الّتي تدعم البحث والرّعاية، وأعبّر عن قربي من المرضى ولاسيّما من الأطفال وعائلاتهم. علينا أن نكون قريبين من الأطفال المرضى، والأطفال الّذين يعانون، وأن نصلّي من أجلهم، ونجعلهم يشعرون بلطف محبّة الله، وحنانه... يمكننا أن نعتني بالأطفال بالصّلاة أيضًا، عندما تكون هناك هذه الأمراض الّتي لا نعرف ما هي أو يكون هناك تشخيص سيّء. لنصلِّ من أجل جميع المصابين بهذه الأمراض النّادرة، ولاسيّما من أجل الأطفال الّذين يعانون."

كما نصح البابا المؤمنين الصّوم عن النّميمة واستغياب الآخرين، فـ"في هذا الصّوم لن أستغيب الآخرين ولن أتبع الثّرثرة، وهذا أمر يمكننا أن نفعله جميعًا، وهذا صوم جميل". هذا وأنهى مذكّرًا إيّاهم بقراءة مقطع من الإنجيل يوميًّا، فـ"هذا الأمر سيجعهكم يفتحون قلوبهم للرّب".