البابا فرنسيس: على الأسقف أن يكون متواضعًا وخادمًا، لا أميرًا!
"هناك بلبلة واضطراب على الدّوام وهذه قوّة الرّوح القدس وبالتّالي لا يجب أن نخاف أبدًا لأنّ هذه علامة جميلة.
إنّ الكنيسة لم تولد أبدًا منظمّة وبدون مشاكل واضطرابات. بل وُلدت هكذا وتمَّ بعدها تنظيم الأمور والبلبة. صحيح لأنَّه ينبغي أن ننظِّم الأمور، لنفكّر على سبيل المثال بمجمع أورشليم الأوّل: لقد كان هناك كفاح بين المرتدّين إلى المسيحيّة من أصول يهوديّة وأولئك من أصول يونانيّة، وبالتّالي عقدوا المجمع ونظّموا الأمور. لذلك ترك بولس طيطس في كريت لينظِّم فيها الأمور وذكّره أنّ أوّل أمر هو الإيمان، وفي الوقت عينه أعطى معايير وتعليمات حول شخصيّة الأسقف كوكيل لله.
إنَّ التّعريف الّذي يعطيه للأسقف هو كـ"وكيل لله" لا للخيور والسّلطة لا! وإنّما لله. ولذلك ينبغي عليه أن يُصلح نفسه ويسأل نفسه على الدّوام: "هل أنا وكيل الله أم أنّني صاحب أعمال؟ الأسقف هو وكيل الله وينبغي عليه أن يكون كاملاً: هذه هي الكلمة عينها الّتي طلبها الله من إبراهيم إذ قال له: "سر أمامي وكن كاملاً!" وهذه كلمة أساسيّة لكلّ قائد ورأس.
كيف لا يجب للأسقف أن يكون: بَريئًا مِنَ اللَّوم، غَيرَ مُعجَبٍ بِنَفسِهِ وَلا غَضوبًا وَلا مُدمِنًا لِلخَمرِ وَلا شَرِسًا وَلا حَريصًا عَلى المَكاسِبِ الخَسيسة. وأكّد في هذا السّياق أنَّ أسقفًا كهذا هو كارثة للكنيسة حتّى وإن كان لديه واحدة من هذه السّيئات فقط. بل ينبغي على الأسقف أن يكون مِضيافًا مُحِبًّا لِلخَير، رَزينًا عادِلًا تَقِيًّا مُتمالِكًا،
يُلازِمُ الكَلامَ السَّليمَ الموافِقَ لِلعَقيدَة، لِيَكونَ قادِرًا عَلى الوَعظِ في التَّعليمِ السَّليم، وَالرَّدِّ عَلى المُخالِفين: هذه هي ميزات خادم الله.
هكذا هو الأسقف، وهذه هي شخصيّته. وعندما يتمُّ الاستقصاء لانتخاب الأساقفة من الجميل أن تُطرح هذه الأسئلة في البداية لنعرف إن كان من الممكن المضيّ قدمًا في الاستفتاء. لكن من الأهمّيّة بمكان أن يكون الأسقف وديعًا، متواضعًا وخادمًا لا أميرًا. وهذه هي كلمة الله. قد يقول لي أحدكم: "نعم يا أبت ولكن هذا الأمر أصبح هكذا بعد المجمع الفاتيكانيّ الثّاني..." لا وإنّما بعد بولس! هذه ليست حداثة ما بعد المجمع بل هكذا كان الأمر منذ بداية الكنيسة، عندما تنبّهت أنّه ينبغي عليها أن تنظّم أمور الأساقفة.
لا يمكننا أن ننظّم الأمور بدون موقف الأساقفة هذا. إنَّ ما يهمّ بالنّسبة لله لا أن يكون الأسقف لطيفًا ويعظ بأسلوب جيّد لا، وإنّما المهم هما التّواضع والخدمة".
وختم البابا عظته مذكّرًا بمثال القدّيس يوشافاط الأسقف الشّهيد الّذي تحتفل الكنيسة اليوم بتذكاره، وطلب الصّلاة من أجل الأساقفة لكي يكونوا كما يطلب منهم القدّيس بولس أن يكونوا.