البابا فرنسيس: على الأساقفة أن يدافعوا عن المؤمنين من الذين يضلّلونهم
"بَلَغَنا أَنَّ أُناسًا مِنَّا أَتَوكم فأَلقَوا بينكمُ الاضِطِرابَ بِكَلامِهم وبَعَثوا القَلَقَ في نُفوسِكم، على غَيرِ تَوكيلٍ مِنَّا" هكذا كتب بطرس والرسل لهؤلاء المسيحيين وقرّروا مع الرّوح القدس بأن يتصرّفوا لكي يعيدوا إحلال السّلام. ومع الرّسالة أرسلوا بولُسَ وبَرنابا ومعهما يَهوذا الَّذي يُقالُ له بَرْسابا، وسيلا، وكانا مِنَ الوُجهاءِ بين الإِخوَة. وعندما قرأوا هذه الرّسالة فَرِحوا بِما فيها مِن تَأييد. لقد جاء هؤلاء الأشخاص كمدافعين عن العقيدة الحقيقيّة ولكنّهم ألقوا الاضطّراب بين الشّعب والقلق في نفوسهم، أمّا الرسل والأساقفة اليوم فيثبتونه في الإيمان.
الأسقف هو الذي يسهر، إنّه كالرقيب، يعرف كيف ينظر ليدافع عن القطيع من الذئاب التي قد تهاجمه؛ وبالتّالي فحياة الأسقف تندمج في حياة القطيع. لكن الأسقف يملك دوراً إضافيًّا لأنّه وكراع عليه أن يسهر. إنّها كلمة جميلة لنصف دعوة الأسقف. السّهر يعني الانخراط في حياة القطيع، ويسوع يميّز بين الراعي الحقيقي والأجير الذي يعمل ليأخذ أجرته ولا يبالي إن جاء الذئب وأكل أحد الخراف، هذا الأمر لا يهمّه. أمّا الراعي الحقيقي الذي يسهر ويندمج في حياة القطيع لا يدافع عن القطيع كلّه وحسب، وإنّما عن كل خروف بمفرده ويثبِّته، وإن ضاع يذهب ويبحث عنه ويعيده إلى الحظيرة. وبالتّالي فهو يندمج في حياة قطيعه لدرجة أنّه لا يسمح بأن يضيع منه أحداً.
إنَّ الأسقف الحقيقي يعرف خرافه بأسمائها؛ وهذا الأمر يجعلنا نفهم الطريقة التي يرى فيها يسوع الأسقف كشخص قريب، والرّوح القدس قد أعطى الشعب المسيحي القدرة ليفهم حيث هناك أسقف حقيقي، كم من مرّة قد سمعنا: "هذا الأسقف جيّد جدّاً ولكنّه لا يعتني بنا كثيراً، إذ تراه مشغولاً على الدوام" أو "هذا الأسقف قد دخل في مجال الأعمال ويبحث عن مصالحه" أو "هذا الأسقف يهتمُّ بأمور لا تتماشى مع رسالته" أو "هذا الأسقف يسافر على الدوام"... إنَّ شعب الله يعرف عندما يكون الراعي حقيقيّاً وعندما يكون الأسقف قريباً وعندما يكون الأسقف يعرف كيف يسهر ويبذل حياته في سبيله.
هكذا يجب أن تكون حياة الأسقف وهكذا يجب أن يكون موته على مثال القديس توريبيو دي موغروفيو الذي توفِّي في قرية صغيرة للشعوب الأصيلة يحيط به المسيحيون الذين كانوا يعزفون له لكي يموت بسلام. فلنرفع الصّلاة إلى الرّب لكي يعطينا على الدّوام رعاة صالحين، ولكي لا تغيب عن الكنيسة أبداً حماية الرّعاة إذ لا يمكننا أن نسير قدماً بدونها؛ ولكي يكون هؤلاء الرّعاة عاملين ورجال صلاة وقرب... وبكلمة واحدة رجال يعرفون كيف يسهرون."