الفاتيكان
29 كانون الثاني 2024, 07:30

البابا فرنسيس: تنبّهوا... لا تتحاوروا مع الشّيطان!

تيلي لوميار/ نورسات
أكّد البابا فرنسيس، قبيل صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد، أنّ يسوع أتى ليحرّرنا من جميع القيود، فهو يملك القدرة لكي يطرد الشّيطان، منبّهًا من التّحاور معه إذ "لا يجب أن نتحاور أبدًا مع الشّيطان... لأنّك إذا دخلت في حوار معه فهو سينتصر على الدّوام."

وفي كلمته قال البابا بحسب "فاتيكان نيوز": "يقدّم لنا إنجيل اليوم يسوع وهو يحرّر شخصًا فيه روح نجس، كان يعذِّبه ويجعله يصرخ باستمرار. هذا ما يفعله الشّيطان: يريد أن يمتلكنا لكي "يقيّد نفوسنا". وعلينا أن نكون حذرين من "السّلاسل" الّتي تخنق حرّيّتنا. لنحاول إذن أن نعطي أسماء لبعض السّلاسل الّتي يمكنها أن تُضيِّق على قلوبنا.

أفكّر في أشكال الإدمان الّتي تستعبدنا، وتجعلنا غير راضين على الدّوام وتلتهم طاقاتنا وخيورنا وعواطفنا؛ أفكّر في الموضات السّائدة، الّتي تدفعنا نحو كمال مستحيل، والنّزعة الاستهلاكيّة واللّذّة، اللّتان تحوّلان الأشخاص إلى سلعة وتدمّران علاقاتهم. كذلك، هناك إغراءات وتكييفات تقوِّض تقدير الذّات والصّفاء والقدرة على اختيار الحياة وحبّها؛ هناك الخوف الّذي يجعلنا ننظر إلى المستقبل بتشاؤم، والتّعصّب الّذي يجعلنا نلقي اللّوم دائمًا على الآخرين؛ وهناك عبادة السّلطة الّتي تولِّد الصّراعات وتلجأ إلى الأسلحة الّتي تقتل أو تستخدم الظّلم الاقتصاديّ والتّلاعب بالفكر.

لقد جاء يسوع لكي يحرّرنا من جميع هذه القيود. واليوم أمام تحدّي الشّيطان الّذي يصرخ في وجهه: "ما لنا ولك…أجئت لتهلكنا؟"، "ينتهره يسوع قائلاً: "اخرس واخرج منه!". يسوع يملك القدرة لكي يطرد الشّيطان، وهو قد حرّرنا من قوّة الشّرّ، ولكنّه– لنتنبه جيّدًا– طرد الشّيطان ولم يتحاور معه. إنّ يسوع لا يتحاور أبدًا مع الشّيطان؛ وعندما جُرِّب في الصّحراء كانت أجوبة يسوع كلمات من الكتاب المقدّس ولم تكن أبدًا حوارًا. أيّها الإخوة والأخوات لا يجب أن نتحاور أبدًا مع الشّيطان! تنبّهوا لا تتحاوروا مع الشّيطان، لأنّك إذا دخلت في حوار معه فهو سينتصر على الدّوام. تنبّهوا.

فماذا يجب أن نفعل إذن عندما نشعر بأنّنا نتعرّض للتّجربة أو للاضطهاد؟ أن نستدعي يسوع: أن نستدعيه هناك، حيث نشعر أنّ قيود الشّرّ والخوف تقيّدنا بقوة. إنّ الرّبّ، يريد بقوّة روحه، أن يكرّر اليوم أيضًا للشّرّير: "اذهب، اترك هذا القلب بسلام، لا تقسم العالم، والعائلات، وجماعاتنا؛ دعها تعيش بسلام، لكي تزهر فيها ثمار روحيّ، وليس ثمارك. لكي تسود بينهم المحبّة والفرح والوداعة، وبدلاً من العنف وصرخات الكراهية تكون هناك حرّية وسلام.

لنسأل أنفسنا إذن: هل أريد حقًّا أن أتحرّر من تلك القيود الّتي تقيّد قلبي؟ ومن ثمّ، هل أعرف كيف أقول "لا" لتجارب الشّرّ، قبل أن تتسلّل إلى النّفس؟ أخيرًا، هل أتضرّع إلى يسوع، هل أسمح له بأن يتصرّف فيّ، لكي يشفيني في الدّاخل؟ لتحفظنا العذراء مريم القدّيسة من الشر."

بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، منذ ثلاث سنوات، حلّ بكاء الألم وضجيج الأسلحة محلّ الابتسامة الّتي تميّز سكّان ميانمار. ولذلك أضمّ صوتي إلى صوت بعض الأساقفة البورميّين، "لكي تتحوّل أسلحة الدّمار إلى أدوات للنّموّ في الإنسانيّة والعدالة". السّلام هو مسيرة وأدعو جميع الأطراف المعنيّة إلى تحريك خطوات الحوار والتّحلّي بالتّفاهم، لكي تصل أرض ميانمار إلى هدف المصالحة الأخويّة. وليُسمح بعبور المساعدات الإنسانيّة لضمان احتياجات كلّ شخص.

ويحدث الشّيء نفسه في الشّرق الأوسط وفلسطين وإسرائيل، وفي كلّ مكان يدور في القتال: ليتمَّ احترام السّكّان! أفكّر دائمًا من كلّ قلبي في جميع الضّحايا، ولاسيّما في المدنيّين، الّذين سبّبتهم الحرب في أوكرانيا. من فضلكم، ليتمَّ الإصغاء إلى صرختهم، صرخة السّلام: صرخة الشّعب الّذي سئم العنف ويريد أن تتوقّف الحرب، الّتي هي كارثة للشّعوب وهزيمة للإنسانيّة!

لقد علمت بارتياح بإطلاق سراح الرّاهبات والأشخاص الآخرين الّذين اختطفوا معهنَّ في هايتي الأسبوع الماضي. أطالب بالإفراج عن الّذين ما زالوا مختطفين، وبإنهاء جميع أشكال العنف؛ وليقدّم الجميع مساهمتهم من أجل التّنمية السّلميّة للبلاد، الّتي تحتاج إلى دعم متجدّد من المجتمع الدّوليّ. أعبّر عن قربي من جماعة كنيسة "Santa Maria Draperis" في اسطنبول الّتي تعرّضت لهجوم مسلّح أثناء القدّاس أدّى إلى مقتل شخص وعدّة جرحى.

يُحتفل اليوم باليوم العالميّ للجذام. أشجّع جميع الملتزمين في إسعاف وإعادة الإدماج الاجتماعيّ للأشخاص المصابين بهذا المرض، الّذي، على الرّغم من تراجعه، لا يزال من بين الأمراض الأكثر إثارة للخوف ويصيب الأشخاص الأكثر فقرًا وتهميشًا."