الفاتيكان
17 آب 2021, 07:55

البابا فرنسيس: تذكرنا مريم اليوم أن الله يدعونا أيضًا إلى مصير المجد عينه

تيلي لوميار/ نورسات
تلا البابا فرنسيس ظهر الأحد صلاة التّبشير الملائكيّ مع المؤمنين في ساحة القدّيس بطرس. وقبل الصّلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها بحسب "فاتكان نيوز":

"في إنجيل اليوم، عيد انتقال العذراء مريم إلى السّماء، يظهر نشيد مريم. نشيد التّسبيح هذا هو بمثابة "صورة" لوالدة الله. مريم "تبتهج بالله لأنّه نظر إلى تواضع أمته". التّواضع هو سرّ مريم؛ والتّواضع هو الذي جذب نظر الله إليها. إنّ العين البشريّة تبحث عن العظمة وتسمح بأن يبهرها ما هو مبهرج. أمّا الله فلا ينظر إلى المظاهر، بل إلى القلب ويسحره التّواضع. واليوم، بالنّظر إلى مريم المنتقلة إلى السّماء، يمكننا أن نقول إنّ التّواضع هو الطّريق الذي يقود إلى السّماء.

تأتي كلمة "تواضع" من المصطلح اللاتين"humus"، والذي يعني "الأرض". إنّها مفارقة: لكي يرتفع المرء، إلى السّماء، عليه أن يبقى منخفضًا، مثل الأرض! ويسوع يعلِّم هذا أيضًا: "من واضع نفسه ارتفع". إنّ الله لا يرفعنا من أجل مواهبنا وثروتنا ومهارتنا، وإنّما من أجل تواضعنا. الله يرفع الذين يتواضعون ويخدمون. ومريم في الواقع، لا تنسب لنفسها سوى "لقب" الأمة: إنّها "أمةُ الرّبّ". لا تقول شيئًا آخر عن نفسها، ولا تبحث عن أيّ شيء آخر لنفسها.

يمكننا أن نسأل أنفسنا: كيف أنا في التّواضع؟ هل أحاول أن أكون معروفًا من قبل الآخرين، وأن أؤكّد نفسي وأن أحظى بالثّناء أم أفكر في الخدمة؟ هل أعرف كيف أصغي، على مثال مريم، أم أريد فقط أن أتحدّث وألقى اهتمام الآخرين؟ هل أعرف كيف أصمت، مثل مريم، أم أنّني أُثرثر على الدّوام؟ هل أعرف كيف أتراجع خطوة إلى الوراء وأنزع فتيل الخلافات والنّقاشات أم أنّني أحاول فقط أن أتفوّق؟

إنّ مريم، في صغرها، اكتسبت السّماء أوّلاً. وسرّ نجاحها يكمن تحديدًا في الاعتراف بأنّها صغيرة ومعوزة. مع الله، وحده الذي يعترف بأنّه لا شيء هو قادر على الحصول على كلِّ شيء؛ ووحده من يفرغ نفسه من نفسه يمتلئ منه؛ ومريم هي "الممتلئة نعمة" لتواضعها. بالنّسبة لنا أيضًا، يشكّل التّواضع نقطة الانطلاق وبداية إيماننا. من الأساسيّ أن نكون فقراء بالرّوح، أيّ مُعوزين لله، لأنَّ الذي يمتلئ من ذاته لا يعطي مساحة لله، أمّا من يحافظ على تواضعه فيسمح للرّبّ بأن يعمل أشياء عظيمة.

يعرّف الشّاعر دانتي مريم العذراء بالـمخلوقة المتواضعة والأسمى. من الجميل أن نفكّر أنّ أكثر المخلوقات تواضعًا وأسماها في التّاريخ، أوّل من اكتسبت السّماء بكلّيتها، في الجسد والرّوح، قد قضت حياتها في الغالب داخل جدران المنز في حياة عادية. لم تكن أيام الممتلئة نعمة مدهشة وباهرة. لا بل غالبًا ما تتواتر بشكل مشابه وفي الصّمت: في الخارج، لم يكن هناك شيء غير عاديّ. لكنّ نظرة الله بقيت عليها على الدّوام، معجبة بتواضعها، وجهوزيّتها، وجمال قلبها الذي لم تلمسه الخطيئة أبدًا.

إنّها رسالة رجاء عظيمة لنا. بالنّسبة لك، أنت الذي تعيش أيامًا متشابهة، مُتعِبة وصعبة في كثير من الأحيان. تذكّرك مريم اليوم أنّ الله يدعوك أيضًا إلى مصير المجد هذا. وهذه ليست مجرّد كلمات جميلة. إنّها ليست نهاية سعيدة خلقت ببراعة أو وهم أو تعزية زائفة. لا، إنّها حقيقة خالصة، حيّة وحقيقيّة تمامًا كما انتقلت العذراء مريم إلى السّماء. لنحتفل بها اليوم بحبّ الأبناء، الذين يحرِّكهم الرّجاء في أن يكونوا معها في يوم من الأيّام، في السّماء!"

وإختتم البابا بالقول: "لنرفع لها صلاتنا الآن لكي ترافقنا في المسيرة التي تقودنا من الأرض إلى السّماء. ولتذكّرنا أنّ سرّ المسيرة موجود في كلمة التّواضع. وأنَّ الصّغر والخدمة هما سرّ بلوغ الهدف."