الفاتيكان
27 أيلول 2021, 08:45

البابا فرنسيس: بدلاً من أن نحكم على كلّ شيء وعلى الجميع، لنتنبّه لأنفسنا!

تيلي لوميار/ نورسات
هذا ما دعا إليه البابا فرنسيس في كلمته قبيل صلاة التّبشير الملائكيّ ظهر الأحد، حاثًّا الجميع على التّساؤل: "ما الّذي يتناقض مع الإنجيل في داخلي؟ ما هو الشّيء الملموس الّذي يريدني يسوع أن أقطعه في حياتي؟".

وفي تفاصيل كلمته الرّوحيّة، قال البابا بحسب "فاتيكان نيوز": "يخبرنا الإنجيل الّذي تقدّمه لنا اللّيتورجيا اليوم عن حوار موجز بين يسوع ويوحنّا الرّسول، الّذي يتحدّث بإسم مجموعة التّلاميذ بأكملها. لقد رأوا رجلاً يخرج الشّياطين بإسم الرّبّ، لكنّهم منعوه من ذلك لأنّه لم يكن جزءًا من مجموعتهم. عند هذه النّقطة، دعاهم يسوع لكي لا يعيقوا الّذين يعملون من أجل الخير، لأنّهم يساهمون في تحقيق مُخطّط الله. ثمّ يحذّرهم أنّه بدلاً من أن نقسّم الأشخاص إلى صالحين وأشرار، نحن مدعوّون جميعًا لكي نسهر على قلوبنا، لكي لا يحدث لنا بأن ننقاد ونذعن للشّرّ ونصبح سبب عثرة للآخرين.

بإختصار، تكشف كلمات يسوع عن تجربة وتقدّم نصيحة. التّجربة هي تجربة الانغلاق. أراد التّلاميذ أن يمنعوا عملاً صالحًا فقط لأنّ الّذي قام به لا ينتمي إلى مجموعتهم. كانوا يعتقدون أنّ لديهم "حقوقًا حصريّة ليسوع" وأنّهم الوحيدين المخوّلين لكي يعملوا من أجل ملكوت الله، ولكن بهذه الطّريقة انتهى بهم الأمر بالشّعور بأنّهم المفضّلين واعتبروا الآخرين غرباء لدرجة أنّهم أصبحوا عدائيّين تجاههم. إنَّ كلّ انغلاق، في الواقع، يبقي الّذين لا يفكّرون مثلنا على مسافة منّا. هذا- كما نعلم- هو أصل العديد من الشّرور العظيمة في التّاريخ: الاستبداد الّذي غالبًا ما ولّد الدّيكتاتوريّات والكثير من العنف ضدّ من هو مختلف.

لكن من الضّروريّ أيضًا أن نسهر على الانغلاق في الكنيسة. لأنّ الشّيطان الّذي هو المقسّم- وهذا هو معنى كلمة "شيطان"- يدسُّ الشّكوك على الدّوام لكي يقسّم ويقصي. يجرّب بمكر، وقد يحدث كما حدث مع هؤلاء التّلاميذ الّذين بلغ بهم الأمر إلى استبعاد حتّى ذلك الّذي طرد الشّيطان! في بعض الأحيان، بدلاً من أن نكون جماعات متواضعة ومنفتحة، يمكننا نحن أيضًا أن نعطي الانطباع للآخرين بأنّنا "أوائل الصّف" ونبقيهم على مسافة منّا؛ وبدلاً من أن نحاول أن نسير مع الجميع، نُظهر "رخصتنا كمؤمنين" لكي نحكم على الآخرين ونستبعدهم. لنطلب نعمة أن نتغلّب على تجربة الحكم على الآخرين وتصنيفهم، وأن يحفظنا الله من ذهنيّة "العش"، ذهنيّة حراسة بعضنا البعض في المجموعة الصّغيرة للّذين يعتبرون أنفسهم صالحين: الكاهن مع مؤمنيه، العمّال الرّعويّين المنغلقين على بعضهم البعض لكي لا يتسلّل أحد إلى مجموعتهم، الحركات والجمعيّات في موهبتها الخاصّة، وما إلى ذلك. جميع هذه الأمور تهدّد بجعل الجماعات المسيحيّة أماكن انفصال وليس شركة. إنّ الرّوح القدس لا يريد انغلاقات وإنّما انفتاحًا، جماعات مضيافة يكون فيها مكان للجميع.

هناك في الإنجيل نصيحة يسوع: بدلاً من أن نحكم على كلّ شيء وعلى الجميع، لنتنبّه لأنفسنا! في الواقع، يكمن الخطر في أن نكون غير مرنين تجاه الآخرين ومتسامحين تجاه أنفسنا. ويسوع يحثّنا على ألّا نتصالح مع الشّرّ، بتشابيه مذهلة: "إذا كان فيك شيء يسبّب عثرة فاقطعه". فهو لا يقول: "فكّر في الأمر، وتحسّن قليلاً ...". لا: "وإنّما اقطعه". إنَّ يسوع جذريٌّ، ومتطلّب، ولكنّ ذلك من أجل مصلحتنا، كطبيب جيّد. كلّ قطع، كلّ تقليم، هو لكي ننمو بشكل أفضل ونحمل الثّمار في المحبّة. لنسأل أنفسنا: ما الّذي يتناقض مع الإنجيل في داخلي؟ ما هو الشّيء الملموس الّذي يريدني يسوع أن أقطعه في حياتي؟

لنرفع صلاتنا إلى العذراء البريئة من الخطيئة لكي تساعدنا لكي نكون مضيافين مع الآخرين ونسهر على أنفسنا."