الفاتيكان
12 أيلول 2022, 06:30

البابا فرنسيس: الله هو أب ويأتي ليبحث عنّا في كلّ مرّة نضيع فيها

تيلي لوميار/ نورسات
هذا ما تلخّصه أمثال الرّحمة الثّلاثة الّتي قدّمها إنجيل الأحد والّذي منه انطلق البابا فرنسيس في كلمته قبل تلاوة صلاة التّشير الملائكيّ.

وفي هذا السّياق، قال الأب الأقدس بحسب "فاتيكان نيوز": "يقدّم لنا الإنجيل الّذي تقدّمه لنا اللّيتورجيا اليوم أمثال الرّحمة الثّلاثة. أخبرها يسوع لكي يجيب على تذمّر الفرّيسيّين والكتبة الّذين كانوا يقولون: "هَذا ٱلرَّجُلُ يَستَقبِلُ ٱلخاطِئينَ وَيَأكُلُ مَعَهُم!". إذا كان هذا الأمر سبب عثرة دينيّة بالنّسبة لهم، يظهر لنا يسوع بقبوله للخطأة والأكل معهم، أنّ الله هو هكذا تمامًا: لا يستبعد أيّ شخص، ويرغب في أن يحضر الجميع مأدبته، لأنّه يحبّ الجميع كأبناء له. وبالتّالي تلخّص هذه الأمثال الثّلاثة جوهر الإنجيل: الله هو أب ويأتي ليبحث عنّا في كلّ مرّة نضيع فيها.

في الواقع، إنّ أبطال الأمثال، الّذين يمثّلون الله، هم راعٍ يبحث عن الخروف الضّالّ، وامرأة تجد الدّرهم الضّائع وأب يجد الابن الضّالّ. لنتوقّف عند جانب مشترك لهؤلاء الأبطال الثّلاثة، والّذي يمكننا تعريفه على النّحو التّالي: القلق بشأن ما قد ضاع. ولكن الثّلاثة، في العمق، إذا أجروا بعض الحسابات، يمكنهم أن يبقوا هادئين: فالرّاعي ينقصه خروفًا، لكن لديه تسعة وتسعين آخرين؛ والمرأة ينقصها درهم، ولكن لديها تسعة دراهم أخرى؛ والأب أيضًا لديه ابن آخر مطيع يكرّس نفسه له. ولكن، كان هناك في قلوبهم قلق بشأن ما قد ضاع: الخروف، والدّرهم، والابن الّذي رحل. إنّ الّذي يحبّ يقلق بشأن الّذي يضيع، ويفتقد الغائب، ويبحث عن الضّائع، وينتظر الّذي ابتعد. لأنّه لا يريد أن يضيع أحد.

أيّها الإخوة والأخوات، هكذا هو الله: هو لا يهدئ إذا ابتعدنا عنه، يتألّم، ويرتجف في الأعماق؛ وينطلق للبحث عنّا إلى أن يعيدنا بين ذراعيه. إنّ الرّبّ لا يحسب الخسائر والمخاطر، لأنّه يملك قلب أب وأم، ويتألّم بسبب غياب أبنائه المحبوبين. نعم، الله يتألّم لبعدنا، وعندما نضيع، هو ينتظر عودتنا. لنتذكّر ذلك دائمًا: إنّ الله ينتظرنا على الدّوام بأذرع مفتوحة، مهما كانت حالة الحياة الّتي ضعنا فيها. وكما يقول المزمور، هو لا ينعس ولا ينام بل يسهر علينا على الدّوام.

لننظر الآن إلى أنفسنا ولنسأل أنفسنا: هل نتشبّه بالرّبّ في هذا، أيّ هل لدينا قلق إزاء ما قد ضاع؟ هل لدينا حنين للغائبين، وللّذين ضلّوا عن الحياة المسيحيّة؟ هل نحمل هذا القلق الدّاخليّ، أم أنّنا هادئون وغير مضطربين فيما بيننا؟ بمعنى آخر، هل نفتقد فعلاً الشّخص الّذي يغيب في جماعاتنا؟ أم أنّنا مرتاحون فيما بيننا، هادئون وسعيدون في مجموعاتنا، بدون أن نشعر بالشّفقة على البعيدين؟ إنّ الأمر لا يتعلّق فقط بالانفتاح على الآخرين، بل إنّه الإنجيل! إنّ الرّاعي في المثل لم يقل: "عندي تسع وتسعون خروفًا، من يدفعني إلى البحث عن الخروف الضّالّ؟". بل ذهب للبحث عنه. لنفكّر إذًا في علاقاتنا: هل أصلّي من أجل الّذين لا يؤمنون، ومن أجل البعيدين؟ هل نجذب البعيدين بأسلوب الله الّذي هو القرب والرّحمة والحنان؟ إنَّ الآب يطلب منّا أن نتنبّه لأبنائه الّذين يفتقدهم. لنفكّر في بعض الأشخاص الّذين نعرفهم، والّذين يعيشون بقربنا وربّما لم يسمعوا أحدًا يقول لهم: "هل تعلم؟ أنت مهمّ عند الله".

لنسمح لهذه الأسئلة أن تسائلنا ولنرفع صلاتنا إلى العذراء مريم الأمّ الّتي لا تتعب أبدًا من البحث عنّا والعناية بنا نحن أبناءها".

بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، بعد غدٍ سأغادر في رحلة لثلاثة أيّام إلى كازاخستان، حيث سأشارك في مؤتمر رؤساء الأديان العالميّة والتّقليديّة. ستكون فرصة للقاء العديد من الممثّلين الدّينيّين وللحوار كأخوة، تحرِّكهم الرّغبة المشتركة في السّلام، سلام يتعطّش إليه عالمنا. وبالتّالي أريد منذ الآن أن أوجّه تحيّة إلى المشاركين، وكذلك إلى السّلطات والجماعات المسيحيّة وجميع سكّان ذلك البلد الشّاسع. أشكركم على الاستعدادات والعمل الّذي قمتم به في ضوء زيارتي. أطلب من الجميع أن يرافقوا بالصّلاة حجَّ السّلام هذا.

لنواصل الصّلاة من أجل الشّعب الأوكرانيّ، لكي يمنحه الرّبّ التّعزية والرّجاء. في هذه الأيّام، يتواجد الكاردينال كراييفسكي، عميد الدّائرة الفاتيكانيّة لخدمة المحبّة، في أوكرانيا لكي يزور مختلف الجماعات ويشهد بشكل ملموس على قرب البابا والكنيسة. في لحظة الصّلاة هذه، يطيب لي أن أذكر الأخت ماريا دي كوبي، مُرسلة كومبونيانيّة، قُتلت في تشيبيني في الموزمبيق، حيث خدمت بمحبّة لمدّة ستّين عامًا تقريبًا. لتعطِ شهادتها القوّة والشّجاعة للمسيحيّين ولجميع شعب الموزمبيق.

أرغب في أن أوجّه تحيّة خاصّة لشعب إثيوبيا العزيز، الّذي يحتفل اليوم بعامه التّقليديّ الجديد: أؤكّد لكم صلواتي وأتمنّى لكلّ عائلة وللأمّة بأسرها عطيّة السّلام والمصالحة. ولا ننسينَّ أن نصلّي من أجل الطّلّاب الّذين سيبدأون المدرسة مجدّدًا غدًا أو بعد غد".