الفاتيكان
09 أيلول 2021, 12:30

البابا فرنسيس: اللّاهوت المريميّ هو حضور ضروريّ للحوار بين الثّقافات

تيلي لوميار/ نورسات
إنطلق بالأمس المؤتمر المريميّ الدّوليّ الخامس والعشرين والمنعقد لغاية الحادي عشر من الجاري، فوجّه البابا فرنسيس إلى المشاركين رسالة أثنى فيها على ما تحمله هذه المؤتمرات من "شهادة واضحة على أنّ اللّاهوت المريميّ هو حضور ضروريّ للحوار بين الثّقافات، قادر على تغذية الأخوّة والسّلام".

وللمناسبة، قال البابا بحسب "فاتيكان نيوز": "أشارككم من كلِّ قلبي فرحتكم بالاحتفال، وإن كان بطريقة مختلفة عن المعتاد، هذا المؤتمر المريميّ الدّوليّ الخامس والعشرين حول موضوع "مريم بين لاهوت وثقافات اليوم. نماذج والاتّصالات ووجهات النّظر". ولكن لا يجب على ابتهاجنا أن ينسينا الصّرخة الصّامتة للعديد من الإخوة والأخوات الّذين يعيشون في ظروف صعبة، تفاقمت بسبب الوباء. إنَّ الفرح الحقيقيّ الّذي يأتي من الرّبّ يعطي على الدّوام فُسحة لأصوات المنسيّين، لكي نتمكن معهم من بناء مستقبل أفضل. إنَّ مريم، في جمال أتباع الإنجيل وفي خدمة الخير العامّ للبشريّة والكوكب، تربّي دائمًا على الإصغاء إلى هذه الأصوات وتصبح هي نفسها صوت من لا صوت لهم "لتلد عالمًا جديدًا، نكون فيه جميعًا إخوة، ويكون فيه مكان لكلّ شخص مهمّش من مجتمعاتنا."

على مدار أكثر من ستّين عامًا من النّشاط، قدّمت الأكاديميّة الحبريّة المريميّة الدّوليّة بالتّنسيق والجمع بين علماء في اللّاهوت المريميّ من جميع أنحاء العالم، لاسيّما من خلال الاحتفال بالمؤتمرات المريميّة الدّوليّة، مبادئ وإلهامات وأفكارًا ورؤى وتعمّق في مرحلة تغيير تحوّل بشكل سريع أسلوب العيش، والتّواصل، وتطوير الأفكار، والعلاقات بين الأجيال البشريّة وفهم الإيمان وعيشه. هذه المؤتمرات هي شهادة واضحة على أنّ اللّاهوت المريميّ هو حضور ضروريّ للحوار بين الثّقافات، قادر على تغذية الأخوّة والسّلام.

نعلم، في الواقع، أنّ لاهوت وثقافة الإلهام المسيحيّ قد كانا على مستوى رسالتهما عندما عرفا كيف يعيشان بأمانة على الحدود. وعلى الحدود، تتمتّع أمّ الرّبّ بحضور خاصّ: فهي أمّ الجميع، بغضّ النّظر عن العرق أو الجنسيّة. وهكذا تصبح شخصيّة مريم نقطة مرجعيّة لثقافة قادرة على التّغلّب على الحواجز الّتي يمكنها أن تخلق الانقسام. لذلك، وعلى درب ثقافة الأخوّة هذه، يدعونا الرّوح القدس لكي نقبل مُجدّدًا علامة العزاء والرّجاء الأكيد الّتي تحمل اسم ووجه وقلب مريم، الامرأة والتّلميذة، الأمّ والصّديقة. وعلى طول هذه المسيرة يقول لنا الرّوح القدس إنَّ الّتي نعيشها هي أزمنة مريم. إنَّ الأكاديميّة الحبريّة المريميّة الدّوليّة، إذ تُثابر في التزامها بالتّجديد، تسعى إلى قراءة علامات هذه الأزمنة لصالح الكنيسة وكلّ امرأة ورجل ذوي الإرادة الصّالحة.

إنّ السّرّ الّذي يحتويه شخص مريم هو سرّ كلمة الله المتجسّدة. ومن هنا انطلق تشجيع البابا بندكتس: "أحثّ [...] العلماء على تعميق العلاقة بين اللّاهوت المريمي ولاهوت الكلمة بشكل أعمق. […] إنَّ مريم في كلمة الله هي حقًّا في بيتها، تخرج منّا وتعود إليها بشكل طبيعيّ. هي تتكلّم وتفكّر بكلمة الله؛ وكلمة الله تصبح كلمتها، وكلمتها تولد من كلمة الله. وهكذا يتبيّن أنّ أفكارها تنسجم مع أفكار الله، وأنّ إرادتها هي إرادة مع الله. وإذ قد أقامت فيها كلمة الله بشكل حميم، يمكنها أن تصبح أمّ الكلمة المتجسّدة". لا ننسينَّ إذًا أنّ هذه الكلمة بالذّات هي الّتي تغذّي التّقوى الشّعبيّة، الّتي تستقي بشكل طبيعيّ من العذراء مريم، وتعبّر عن الحياة اللّاهوتيّة الموجودة في تقوى الشّعوب المسيحيّة، ولاسيّما في الفقراء، وتنقلها. حياة لاهوتيّة يحرِّكها عمل الرّوح القدس، ثمرة الإنجيل المُنثقف.

أشكر الأكاديميّة الحبريّة المريميّة الدّوليّة على إعدادها وتنظيمها لهذا المؤتمر، الّذي يشكّل لحظة مهمّة في خدمة تنسيق اللّاهوت المريميّ الموكلة إلى الأكاديميّة. وإذ أُذكّركم أنّ القدّيس فرنسيس الأسيزيّ قد أحاط مريم العذراء بمحبّة عظيمة لأنّها جعلت الله أخًا لنا، أمنحكم جميعًا فيض البركة الرّسوليّة".