الفاتيكان
01 تشرين الثاني 2019, 13:30

البابا فرنسيس: القداسة هي عطيّة ودعوة

تلا البابا فرنسيس ظهرًا التّبشير الملائكيّ مع الحجّاج المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان، احتفالاً بعيد جميع القدّيسين، وتوجّه إليهم بكلمة قبل الصّلاة، قال فيها:

"يذكّرنا عيد جميع القدّيسين أنّنا مدعوّون جميعًا إلى القداسة. إنّ قديسي وقدّيسات كلّ زمن، والّذين نحتفل بهم جميعًا اليوم معًا، ليسوا مجرّد علامات أو كائنات بشريّة بعيدة ولا يمكن بلوغها، بل على العكس إنّهم أشخاص عاشوا حياة طبيعيّة، اختبروا تعب الحياة اليوميّة بنجاحاتها وفشلها ووجدوا في الرّبّ القوّة لكي ينهضوا مجدّدًا على الدّوام ويتابعوا المسيرة. من هنا نفهم أنّ القداسة هي هدف لا يمكننا تحقيقه بفضل قوانا الشّخصيّة وحسب، بل هي ثمرة نعمة الله وجوابنا الحرّ عليها، وبالتّالي فالقداسة هي عطيّة ودعوة.

بكونها نعمة من الله أيّ عطية منه فهي شيء لا يمكننا شراؤه أو مقايضته ولكنّنا نقبله مشاركين هكذا في الحياة الإلهيّة عينها بواسطة الرّوح القدس الّذي يسكن فينا منذ يوم معموديّتنا. يتعلّق الأمر بأن ننضج أكثر في الإدراك بأنّنا قد طُعِّمنا في المسيح، كالغصن المتّحد بالكرمة ولذلك يمكننا وعلينا أن نعيش معه وفيه كأبناء لله. وبالتّالي فالقداسة هي أن نعيش ملء الشّركة مع الله منذ الآن خلال حجّنا الأرضي.

لكن القداسة بالإضافة إلى كونها عطيّة هي أيضًا دعوة، الدّعوة المشتركَة لتلاميذ المسيح؛ إنّه درب الملء الّتي دُعي كلُّ مسيحيّ ليسير عليها في الإيمان متقدّمًا نحو الهدف النّهائيّ: الشّركة الكاملة مع الله في الحياة الأبديّة؛ فتصبح هكذا القداسة جوابًا على عطيّة الله لأنّها تظهر كتحمُّل لمسؤوليّة. في هذا المنظار من المهمّ أن نأخذ على عاتقنا التزامًا يوميًّا وجدّيًّا للقداسة في أوضاع وواجبات وظروف حياتنا وأن نسعى لكي نعيش كلّ شيء بمحبّة وحب.

إنّ القدّيسين الّذين نحتفل بهم اليوم في اللّيتورجية هم إخوة وأخوات قد اعترفوا بأنّهم يحتاجون في حياتهم لذلك النّور الإلهيّ مستسلمين له بثقة. وهم الآن أمام عرش الله ينشدون مجده إلى الأبد. هم يشكّلون "المدينة المقدّسة" الّتي ننظر إليها برجاء، كهدفنا النّهائيّ فيما لا نزال حجّاجًا في "المدينة الأرضيّة"، تتعبنا قساوة المسيرة. بالنّظر إلى حياتهم نحن مدعوّون للتّشبّه بهم. من بينهم نجد العديد من شهود قداسة "الأشخاص الّذين يعيشون بقربنا وهم انعكاس لحضور الله". (الإرشاد الرّسوليّ "إفرحوا وابتهجوا"، عدد 7).

يحملنا ذكر القدّيسين لكي نرفع أعيننا إلى السّماء لا لننسى واقع الأرض وإنّما لنعيشه بشجاعة ورجاء. لترافقنا بشفاعتها الوالديّة أمّنا مريم الكلّيّة القداسة علامة العزاء والرّجاء الأكيد".

وأشار الأب الأقدس إلى أنّه عصر غد سيحتفل بالإفخارستيّا في دياميس بريشيلا- روما حيث دُفن المسيحيّون الأوائل، وقال منهيًا: "خلال هذه الأيّام الّتي، وللأسف، تنتشر فيها رسائل ثقافة سلبيّة حول الموت والأموات أدعوكم لزيارة المدافن والصّلاة، سيشكّل هذا الأمر فعل إيمان. أتمنّى لكم جميعًا عيدًا مباركًا برفقة القدّيسين الرّوحيّة. ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي!".

 

المصدر: فاتيكان نيوز