البابا فرنسيس: القداسة هي درب الإصلاح الحقيقيّ
كلام البابا جاء أثناء استقبال المشاركين في قاعة البابوات في الفاتيكان، فقال نقلاً عن "فاتيكان نيوز": "لقد اخترتم أن تتأمّلوا في مجمعكم العامّ حول موضوع: "كونوا كاملين... كونوا رحيمين"؛ يتعلّق الأمر في أن تضعوا في المرتبة الأولى البشرى السّارّة بأنّ كلّ مسيحيّ مدعوّ إلى القداسة وأن تسيروا هذه الدّرب معًا في المحبّة.
إنّ القداسة وممارسة الفضائل ليسا أمرين محفوظين لقليلين ولا لبعض المراحل الخاصّة في حياتنا. يمكننا جميعًا أن نعيشهما في الأمانة اليوميّة للدّعوة المسيحيّة، والمكرّسون بشكل خاصّ من خلال العيش الأمين للنّذور الرّهبانيّة. بهذا المعنى كان الطّوباويّ روزميني يصلّي قائلاً: "أرسل لنا يا ربّ أبطالك". لقد كان واضحًا فيه ما سلّطتُ عليه الضّوء في الإرادة الرّسوليّة Majorem hac dilectionem حول بطوليّة الحياة، أيّ بذل الحياة في سبيل الآخرين حتّى الموت. فالقداسة هي درب الإصلاح الحقيقيّ في الكنيسة الّتي، وكما رأى روزميني، تحوّل العالم بقدر ما تصلح ذاتها.
لقد أراد مؤسّسكم أن يعطي جماعته الرّهبانيّة اسم "مؤسّسة المحبّة" لكي يسلّط الضّوء على سموّ فضيلة المحبّة الّتي وكما يقول الرّسول ينبغي أن نضعها "فوق ذلك كلّه" (كولوسي ٣، ١٤). لقد كان روزميني يقرن المحبّة بـ "ثبات داخليّ" وشجاعة في الصّمت: ليحثّكم مثله على التّقدّم في خصوبة الصّمت الدّاخليّ وبطوليّة الصّمت الخارجيّ. هذه هي الدّرب الّتي تنتج ثمار خير وقداسة، الدّرب الّتي سار عليها القدّيسون والّتي تدلّ الكنيسة كلّ مؤمن عليها.
أدعوكم في نشاطكم الكنسيّ لكي تنظّموا أعمال المحبّة الجسديّة والفكرية والرّوحيّة والرّاعويّة بشكل يعضد على الدّوام الرّوح القدس الّذي يشير أين ومتى وكيف يمكننا أن نحبّ. أمّا فيما يتعلّق بالعمل التّربويّ فلا يجب أن يصبح مجرّد تعليم بسيط وإنّما محبّة فكريّة. إنّ محور التّربية المسيحيّة الحيّ، في الواقع، هو العلم الّذي يُنقل انطلاقًا من كلمة الله الّتي ملؤها هو المسيح الكلمة المتجسِّد.
من الجيّد أيضًا أن تستمرّ رهبانيّتكم في التّأمّل بانتباه حول موهبتها آخذة بعين الاعتبار الثّمار الّتي نضجت خلال السّنين ولتنفتح على الدّوام على انتظارات الكنيسة والعالم. بنور الرّوح القدس ستجدون الدّروب للاستمرار بدفع متجدّد فتفهموا علامات الأزمنة والضّرورات الاجتماعيّة والفقر الرّوحيّ والمادّيّ للّذين ينتظرون كلمات وتصرّفات خلاص ورجاء.
أيّها الإخوة الأعزّاء، يمكن لرهبانيّتكم، بموهبتها الخاصّة، أن تقدّم خدمة قيّمة في إعلان الإنجيل. أحثّكم لكي تقترحوا باستمرار وفطنة الإرث الرّوحيّ والعقائديّ الّذي نلتموه. لا تُفقدنّكم الصّعوبات شجاعتكم وإنّما لتدفعكم على الثّقة بالله دائمًا لكي تتابعوا بفرح ورجاء الرّسالة الّتي أوكلها إليكم. ليجعلكم الرّوح القدس أدوات حيّة للمحبّة الشّاملة في الكنيسة والعالم قادرين على مساعدة الّذين تلتقون بهم خلال عملكم الرّسوليّ وعلى أن تجدّدوا بلا كلل الرّجاء الّذي "لا يُخَيِّبُ صاحِبَه،َ لأَنَّ مَحَبَّةَ اللّه أُفيضَت في قُلوبِنا بِالرُّوحَ القُدُسِ الَّذي وُهِبَ لَنا" (روما ٥، ٥)".