الفاتيكان
21 كانون الثاني 2022, 09:45

البابا فرنسيس: الغنى الحقيقيّ هو الأشخاص بدونهم لا توجد جماعة عمل، لا يوجد عمل، ولا يوجد اقتصاد

تيلي لوميار/ نورسات
هذا ما أكّده البابا فرنسيس خلال استقباله، صباح الخميس، أعضاء الرّابطة الوطنيّة لمتعهّدي البناء لمناسبة الذّكرى السّنويّة الخامسة والسّبعين على تأسيسها.

وللمناسبة توجّه إليهم الأب الأقدس بكلمة بثّ فيها القيم الّتي تلهمهم في عملهم مثل: المنافسة والشّفافيّة؛ المسؤوليّة والاستدامة؛ الأخلاق والشّرعيّة والسّلامة، وقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"أودّ أن أشارككم بعض تعاليم الإنجيل الّتي يمكنها أن تساعدكم في عملكم. إنّها قراءة مسيحيّة للقيم الّتي تلهمكم: المنافسة والشّفافيّة؛ المسؤوليّة والاستدامة؛ الأخلاق والشّرعيّة والسّلامة.

يشهد الإنجيل أنّ يسوع، في وعظه، استخدم أيضًا استعارة البناء لكي ينقل رسائله. هذا هو الحال، على سبيل المثال، في الفصل السّادس من إنجيل القدّيس لوقا (الآيات ٤٦-٤٩)، حيث يكشف يسوع عن السّلوك المنافق والكسول للّذين يكتفون بالكلام دون أن يفعلوا شيئًا. وبالتّالي إذ يُظهر حكمة مهندس البناء، هو يقارن الدّجّالين بالّذين يبنون البيوت على التُّرابِ بِغيرِ أَساس. إنَّ يسوع بالتّأكيد لم يُفكّر في المباني الكبيرة، لكنّه مع ذلك يشير إلى أنّ هذه الإنشاءات قد أُقيمت على ضفاف النّهر، بينما أنَّ البناء الصّالح يعلم أنّه عند أوّل فيضان، هذا البيت سوف يُجرف بعيدًا. ويتابع ويقول: "كُلُّ مَن يَأَتي إِلَيَّ ويَسمَعُ كَلامي فَيعمَلُ بِه، يُشبِهُ رَجُلاً بَنى بَيتًا، فَحفَرَ وعمَّقَ الحَفْرَ، ثُمَّ وضَعَ الأَساسَ على الصَّخْر". إنَّ المؤمن في وعظ يسوع، هو الّذي لا يكتفي بأن يظهر مسيحيًّا، ولكنّه يعمل بفعاليّة كمسيحيّ. وهذا "التّماسك العمليّ" هو بالضّبط ما يسمح له ببناء نفسه ليس فقط في أوقات الحياة العاديّة، وإنّما لكي يبقى كذلك أيضًا حتّى في الأوقات الصّعبة.

المنافسة والشّفافيّة، إنَّ المنافسة وحدها لا تكفي. في المنطق النّفعيّ للسّوق، يمكن للمنافسة أن تدفع إلى المعارضة وصولاً إلى القضاء على الآخر. فهي تخدع المرء بأنّه يمكنه أن ينتصر على الآخر أو أنّ هزيمة الآخر يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في مسيرة الاقتصاد. فيما يجب على المنافسة أن تكون حافزًا للعمل بشكل أفضل وجيّد، وليس رغبة في الهيمنة والاستبعاد. لذلك فإنَّ الشّفافيّة في عمليّات صنع القرار والخيارات الاقتصاديّة هي أمر أساسيّ. وتسمح لنا بتجنّب المنافسة غير العادلة، والّتي غالبًا ما تعني في المجال الاقتصاديّ والتّوظيف فقدان الوظائف أو دعم العمل غير الشّرعيّ أو العمل المنخفض الأجر.

المسؤوليّة والاستدامة. لم نسمع من قبل عن الاستدامة كما نسمع في هذا الوقت: فهي تثير التّساؤل حول قدرة التّجديد لكلّ نظام بيئيّ. وفي قطاع البناء، يعدّ استخدام المواد الّتي توفّر السّلامة للنّاس أمرًا ضروريًّا. في الوقت عينه، علينا أن نتجنّب استغلال البيئة من خلال التّعاون في جعل بعض الأراضي المستغَلَّة غير صالحة للعيش. يمكن لكلّ شركة أن تقدّم مساهمتها المسؤولة لكي يكون العمل مستدامًا. كذلك، تتعلّق الاستدامة بجمال الأماكن ونوعيّة العلاقات.

الأخلاق والشّرعيّة والسّلامة. خلال العام الماضي كانت الوفيات في العمل كثيرة جدًّا. إنّهم ليسوا أرقامًا، إنّهم بشر. كذلك عرفت مواقع البناء مآسي لا يمكننا تجاهلها. لسوء الحظّ، إذا نظرنا إلى السّلامة في مكان العمل على أنّها تكلفة، فنحن ننطلق من افتراض خاطئ. إنَّ الغنى الحقيقيّ هو الأشخاص: بدونهم لا توجد جماعة عمل، لا يوجد عمل، ولا يوجد اقتصاد. إنّ سلامة أماكن العمل تعني الحفاظ على الموارد البشريّة، الّتي لا تقدّر بثمن في نظر الله وكذلك في نظر رجل الأعمال الحقيقيّ. لهذا السّبب، علينا أن ننظر إلى الشّرعيّة على أنّها حماية للإرث الأسمى والّذي هو الأشخاص. إنَّ العمل بأمان يسمح للجميع بأن يعبِّروا عن أفضل ما لديهم من خلال كسبهم لخبزهم اليوميّ. بقدر ما نعتني بكرامة العمل، بقدر ما سنكون أكيدين من زيادة جودة وجمال الأعمال الّتي يتمُّ القيام بها.

ليعضدكم القدّيس يوسف، شفيع العمّال، في التزامكم. وأنا أيضًا سأرافقكم في صلاتي وبركاتي. وأسألكم من فضلكم أن تصلّوا من أجلي".