الفاتيكان
19 تشرين الأول 2021, 09:30

البابا فرنسيس: العناية والعلم يسيران معًا ويجعلان الطّبّ فنًا

تيلي لوميار/ نورسات
شدّد البابا فرنسيس على ضرورة وضع "العناية الشّخصيّة في المحور بدون أن ننسى أهمّيّة العلم والبحث. لأنّ العناية بدون علم هي عبث، كما أنّ العلم بدون عناية هو عقيم. هذان الأمران يسيران معًا، ومعًا فقط يجعلان الطّبّ فنًّا، فنٌّ يُشرِك العقل والقلب، ويجمع بين المعرفة والشّفقة، والاحتراف والتّقوى، والكفاءة والتّعاطف".

كلام البابا جاء في كلمته إلى أعضاء مؤسّسة Campus Bio-Medico خلال استقبالهم الإثنين في القصر الرّسوليّ، وقال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":

"أعلم مدى صعوبة القيام بعمل في مجال الصّحّة اليوم، لاسيّما عندما يكون الهدف، كما يحدث في عيادتكم، ليس فقط المساعدة، وإنّما أيضًا السّعي لتزويد المرضى بأنسب العلاجات، ولاسيّما عندما تقومون بذلك بمحبّة كبيرة تجاه الأشخاص. إنّ وضع المريض قبل المرض هو أمر جوهريّ في جميع مجالات الطّبّ؛ إنّه أمر أساسيّ لعلاج يكون بشريًّا حقًّا ومتكاملًا حقًّا. هذا ما شجّعكم عليه الطّوباويّ ألفارو ديل بورتيو: أن تضعوا أنفسكم كلّ يوم في خدمة الإنسان بأكمله، وأنا أشكركم على ذلك.

إنّ محوريّة الشّخص، الّتي هي أساس التزامكم في المساعدة، وإنّما أيضًا في التّربية والبحث، تساعدكم على تعزيز رؤية موحّدة وتآزريّة. رؤية لا تضع الأفكار والتّقنيّات والمشاريع في المقام الأوّل، وإنّما الإنسان بشكل ملموس، المريض، الّذي ينبغي معالجته من خلال معرفة قصّته وخبرته المعاشة وإقامة علاقات ودّيّة تشفي القلب. إنّ محبّة الإنسان، لاسيّما في حالة هشاشته، الّتي تتألّق فيها صورة يسوع المصلوب، هي ميزة الواقع المسيحيّ ولا يجب أن تضيع أبدًا. ولذلك علينا أن نضع العناية الشّخصيّة في المحور بدون أن ننسى أهمّيّة العلم والبحث. لأنّ العناية بدون علم هي عبث، كما أنّ العلم بدون عناية هو عقيم. هذان الأمران يسيران معًا، ومعًا فقط يجعلان الطّبّ فنًّا، فنٌّ يُشرِك العقل والقلب، ويجمع بين المعرفة والشّفقة، والاحتراف والتّقوى، والكفاءة والتّعاطف.

أيّها الأصدقاء الأعزّاء، أشكركم لأنّكم تعزّزون تنمية بشريّة للبحث. غالبًا ما يتمّ للأسف اتّباع طرق مربحة لتحقيق الأرباح، وننسى أنّه قبل فرص الرّبح هناك احتياجات المرضى. إنّها تتطوّر باستمرار ولذلك فمن الضّروريّ أن نستعدَّ لكي نواجه الأمراض والمشاكل الجديدة. أفكّر، من بين أمور أخرى، في العديد من المسنّين والأشخاص الّذين يعانون بسبب أمراض نادرة. بالإضافة إلى تشجيع البحث، أنتم تساعدون أيضًا الأشخاص الّذين ليس لديهم الوسائل الاقتصاديّة لدعم نفقات الدّراسات الجامعيّة وتواجهون تكاليف كبيرة لا تستطيع الميزانيّة العاديّة تحمّلها. أفكّر بشكل خاصّ في التزامكم في مركز مكافحة فيروس الكورونا وقسم الطّوارئ ودار رعاية المسنّين.

جميع هذه الأمور جيّدة، ومن الجميل أن نواجه المزيد من الأمور الملحّة مع انفتاح أكبر من أيّ وقت مضى. ومن المهمّ أن نقوم بذلك معًا. وأشدّد على هذه الكلمة البسيطة والّتي يصعب عيشها في الوقت عينه: معًا. لقد أظهر لنا الوباء أهمّيّة التّواصل والتّعاون في مواجهة المشاكل المشتركة معًا. إنَّ الرّعاية الصّحّيّة، ولاسيّما الكاثوليكيّة، كانت وستحتاج على الدّوام لأن تكون في شبكة. إنّ هذا الوقت لم يعد مناسبًا لكي نعيش موهبتنا بشكل منعزل، لأنّ المحبّة تتطلّب العطاء وبالتّالي يجب مقاسمة المعرفة ومشاركة الكفاءة ووضع العلم في متناول الجميع.

العلم، وأعني بذلك ليس فقط منتجات العلم الّتي، إذا قُدِّمت وحدها، تبقى مجرّد ضمادات قادرة على أن توقف الشّرّ ولكن لا أن تعالجه في العمق. هذا الأمر ينطبق، على سبيل المثال، على اللّقاحات: من الملحِّ أن نساعد البلدان الّتي لديها عدد أقلّ من اللّقاحات، ولكن يجب أن يتم ذلك بخطط بعيدة النّظر، لا يدفعها فقط تسرعُّ الدّول الغنيّة لكي تكون أكثر أمانًا. يجب أن توزّع العلاجات بكرامة وليس كصدقات شفقة. لكي نصنع الخير حقًّا، علينا أن نعزّز العلم وتطبيقه المتكامل: علينا أن نفهم السّياقات، ونجذِّر العلاجات، وننمِّي ثقافة الرّعاية الصّحّيّة. هذا الأمر ليس سهلاً، وإنّما هو رسالة حقيقيّة، ولذلك أتمنّى أن تكون الرّعاية الصّحّيّة الكاثوليكيّة بهذا المعنى أكثر نشاطًا، كتعبير عن الكنيسة منفتحة وفي انطلاق.

أشجّعكم على الاستمرار في هذا الاتّجاه، إذ تقبلون عملكم كخدمة لإلهامات ومفاجآت الرّوح القدس، الّذي يجعلكم تلتقون خلال المسيرة بالعديد من المواقف الّتي تحتاج إلى القرب والرّحمة. أصلّي من أجلكم وأجدّد لكم امتناني وأمنحكم بركتي. وأسألكم، من فضلكم، أن تواصلوا الصّلاة من أجلي."