الفاتيكان
29 تشرين الثاني 2021, 08:50

البابا فرنسيس: الصّلاة هي الّتي تحافظ على سراج القلب مُتّقدًا

تيلي لوميار/ نورسات
كشف البابا فرنسيس، خلال كلمته قبيل صلاة التّبشيرالملائكيّ ظهر الأحد، عن سرّ السّهر، ألا وهو: الصّلاة"، موضحًا دورها في حياة المؤمن.

وعن هذا الموضوع، قال البابا بحسب "فاتيكان نيوز": "يحدِّثنا الإنجيل الّذي تقدّمه لنا اللّيتورجيا اليوم، الأحد الأوّل من زمن المجيء، عن مجيء الرّبّ في نهاية الأزمنة. يعلن يسوع عن أحداث مُغِمّة وضيقات، لكنّه يدعونا عند هذه النّقطة لكي لا نخاف. لماذا؟ لأنّ كلّ شيء سيسير على ما يرام؟ لا، وإنّما لأنّه سيأتي. ويقول: "انتَصِبوا قائِمين، وَارفَعوا رُؤوسَكُم، لِأَنَّ ٱفتِداءَكُم يَقتَرِب". إنّه لمن الجميل أن نصغي إلى كلمة التّشجيع هذه: أن ننتصب ونرفع رؤوسنا لأنّه في اللّحظات الّتي يبدو فيها أنَّ كلّ شيء قد انتهى، يأتي الرّبّ ليخلّصنا؛ وأن ننتظره بفرح حتّى في وسط الضّيقات، في أزمات الحياة وفي مأساة التّاريخ. ولكن كيف نرفع رؤوسنا بدون أن تستأثِر بنا الصّعوبات والآلام والهزائم؟ يدلُّنا يسوع على الطّريق بتحذير قويّ: "احذَروا أَن يُثقِلَ قُلوبَكُمُ السُّكْرُ والقُصوف، وهُمومُ الحَياةِ الدُّنيا... واسهَروا مُواظِبينَ عَلى الصَّلاة".

"إسهروا": السّهر. لنتوقّف عند هذا الجانب المهمّ من الحياة المسيحيّة. نرى من كلمات المسيح أنّ السّهر مرتبط بالانتباه: احذروا، لا تشتّتوا انتباهكم، أيّ ابقوا متيقِّظين! هذا ما يعنيه السّهر: ألا نسمح لقلبنا أن يصبح كسولًا وللحياة الرّوحيّة أن تصبح ما دون المستوى. علينا أن نتنبّه لأنّه يمكن للمرء أن يكون "مسيحيًّا نائمًا"، بدون دفع روحيّ، بدون حماس في الصّلاة، وبدون حماس للرّسالة، وبدون شغف للإنجيل. وهذا الأمر يحملنا إلى "النّعاس": إلى دفع الأشياء إلى الأمام بتكاسل، والسّقوط في البرودة والفتور، غير مبالين بشيء باستثناء ما يناسبنا.

نحن بحاجة لأن نسهر لكي لا نجُرَّ أيّامنا في روتين العادة، ولكي لا نُثقِّل كاهلنا- كما يقول يسوع- بهموم الحياة. اليوم، إذن، هو مناسبة جيّدة لكي نسأل أنفسنا: ما الّذي يُثقِّل روحي؟ ما الّذي يجعلني أجلس على كنبة الكسل؟ ما هي الأمور الّتي تشلّني، الرّذائل الّتي تسحقني على الأرض وتمنعني من أن أرفع رأسي؟ وفيما يتعلَّق بالأعباء الّتي تُثقّل كاهل الإخوة فهل أنا منتبه أم غير مبالٍ؟ ستفيدنا هذه الأسئلة، لأنّها تساعد في حماية القلب من الفتور الّذي هو عدوّ كبير للحياة الرّوحيّة. الفتور هو ذلك الكسل الّذي يولد الحزن الّذي يسلبنا طعم الحياة والرّغبة في القيام بالأمور. إنّه روح شرّيرة تُسمِّر الرّوح في السّبات، وتسرق فرحها. ويقول سفر الأمثال: "احفظ قلبك لأنّ منه مخارج الحياة". حفظ القلب: هذا هو معنى السّهر!

ونضيف عنصرًا أساسيًّا: إنَّ سرَّ السّهر هو الصّلاة. في الواقع، يقول يسوع: "اسهَروا مُواظِبينَ عَلى الصَّلاة". الصّلاة هي الّتي تحافظ على سراج القلب مُتَّقدًا، لاسيّما عندما نشعر أنّ الحماس بدأ يفتر، تعيد الصّلاة إشعاله، لأنّها تعيدنا إلى الله، إلى مركز الأمور. هي توقظ الرّوح من النّوم وتركِّزها على ما يهُمّ وعلى نهاية الحياة. حتّى في الأيّام الأكثر انشغالاً لا يجب أبدًا أن نُهمل الصّلاة. وفي هذا السّياق يمكن أن تساعدنا صلاة القلب، وأن نكرّر غالبًا تضرّعات قصيرة. وفي زمن المجيء، يمكننا على سبيل المثال أن نعتاد على قول: "تعال أيّها الرّبّ يسوع". لنكرّر هذه الصّلاة على مدار اليوم: وستبقى الرّوح متيقّظة!

والآن لنرفع صلاتنا إلى العذراء مريم، هي الّتي قد انتظرت الرّبّ بقلب يقظ، لكي ترافقنا في مسيرة زمن المجيء".

وبعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، لقد التقيت أمس بأعضاء جمعيّات ومجموعات من المهاجرين وأشخاص يشاركونهم مسيرتهم بروح الأخوّة. إنّهم هنا في السّاحة، مع هذا العلم الكبير! أهلاً بكم! لكن لنفكّر في الأمر، ما أكثر عدد المهاجرين المعرّضين، حتّى في هذه الأيّام، لمخاطر جسيمة، وكم منهم يفقدون حياتهم على حدودنا! أشعر بالألم بسبب الأخبار حول الوضع الّذي يعيش فيه العديد منهم: الّذين ماتوا في القناة الإنجليزيّة؛ والمتواجدين عند حدود بيلاروسيا، ومعظمهم أطفال؛ والّذين يغرقون في البحر الأبيض المتوسّط. يجتاحني ألم كبير عندما أفكّر فيهم، وفي الّذين أعيدوا إلى شمال أفريقيا وتمّ أسرهم من قبل المُتاجرين بالبشر، الّذين يحوّلونهم إلى عبيد: يبيعون النّساء، ويعذبون الرّجال... أفكِّر أيضًا بالّذين حاولوا، في هذا الأسبوع أيضًا، عبور البحر الأبيض المتوسّط بحثًا عن أرض جيّدة، ولكنّهم وجدوا قبرًا؛ والعديد غيرهم. وبالتّالي إلى المهاجرين الّذين يعيشون في أوضاع الأزمة هذه، أؤكّد صلواتي ومحبّتي أيضًا: إعلموا أنّني قريب منكم.

أشكر جميع مؤسّسات الكنيسة الكاثوليكيّة وغيرها، ولاسيّما مؤسّسات كاريتاس الوطنيّة وجميع الملتزمين بالتّخفيف من معاناة المهاجرين. وأجدّد النّداء للّذين يمكنهم أن يساهموا في حلّ هذه المشاكل، ولاسيّما السّلطات المدنيّة والعسكريّة، لكي يسود التّفاهم والحوار في النّهاية على جميع أشكال الاستغلال ويوجّها الإرادة والجهود نحو حلول تحترم إنسانيّة هؤلاء الأشخاص. لنفكّر في المهاجرين ومعاناتهم ولنصلِّ بصمت...

أتمنّى لكم جميعًا أحدًا مباركًا ومسيرة مباركة في زمن المجيء، نحو عيد الميلاد، نحو الرّبّ. ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي."