الفاتيكان
10 كانون الثاني 2022, 09:45

البابا فرنسيس: الصّلاة "تفتح السّماء"

تيلي لوميار/ نورسات
حول أهمّيّة الصّلاة ودورها في حياة المسيحيّ، تركّزت كلمة البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد، في كلمته قبيل صلاة التبشير الملائكيّ، إذ توجّه إلى المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال بحسب "فاتيكان نيوز":

"يُظهر لنا الإنجيل الّذي تقدّمه اللّيتورجيا اليوم المشهد الّذي تبدأ به حياة يسوع العلنيّة: فهو ابن الله والمسيح، يذهب إلى ضفاف نهر الأردنّ ويعتمد على يد يوحنّا المعمدان. بعد حوالي ثلاثين عامًا من العيش في الخفاء، لم يُقدِّم يسوع نفسه بواسطة معجزة ما أو من خلال التّعليم. وإنّما اصطف مع الشّعب كان ذاهبًا لينال المعموديّة من يوحنّا. هو يشترك في مصيرنا نحن الخطأة، وينزل إلينا: ينزل في النّهر كما في تاريخ البشريّة الجريح، ويغوص في مياهنا لكي يشفيها. هو لا يرتفع فوقنا بل ينزل إلينا.

لنتوقّف عند نقطة مهمّة: اللّحظة الّتي نال فيها يسوع المعموديّة، يقول النّصّ إنّه "كان يصلّي". سيفيدنا أن نتأمّل في هذا الأمر: يسوع يصلّي. ولكن كيف؟ هو الرّبّ ابن الله هل يصلّي مثلنا؟ نعم، إنَّ يسوع- تكرّر الأناجيل هذا مرّات عديدة- يقضي الكثير من الوقت في الصّلاة: في بداية كلّ يوم، وغالبًا في اللّيل، وقبل اتّخاذ قرارات مهمّة... صلاته هي حوار حيّ، وعلاقة مع الآب. وهكذا، يمكننا أن نرى في إنجيل اليوم "هاتين اللّحظتين" في حياة يسوع: من ناحية، ينزل إلينا، في مياه نهر الأردنّ؛ ومن ناحية أخرى، يرفع نظره وقلبه فيما يصلّي إلى الآب.

إنّه تعليم عظيم لنا: نحن جميعًا منغمسون في مشاكل الحياة وفي العديد من المواقف المعقّدة، ومدعوّون لمواجهة لحظات وخيارات صعبة تُحبطنا. لكن إذا لم نرغب في أن تمتصّنا المشاكل وتسحقنا، نحن بحاجة لأن نرفع كلَّ شيء نحو العُلى. وهذا ما تفعله الصّلاة، الّتي ليست هروبًا من المشاكل، ولا طقسًا سحريًّا أو تكرارًا لترانيم حفظناها عن ظهر قلب. لا! الصّلاة هي السّبيل لكي نسمح لله أن يعمل فينا، ولكي نفهم ما يريد أن ينقله إلينا حتّى في أصعب المواقف، لكي يكون لدينا القوّة للمضيّ قدمًا. إنَّ الصّلاة تساعدنا لأنّها توحّدنا بالله، وتفتحنا على اللّقاء معه، نعم، الصّلاة هي المفتاح الّذي يفتح قلوبنا للرّبّ. إنّها الحوار مع الله، والإصغاء إلى كلمته، إنّها سجود وعبادة: أن نمثل أمامه بصمت ونُسلِّمه ما نعيشه. وأحيانًا تكون أيضًا صراخ إلى الله على مثال أيّوب، وأسلوب لكي ننفِّس عن غضبنا معه.

الصّلاة- لكي نستخدم صورة جميلة من إنجيل اليوم- "تفتح السّماء": إنّها تعطي الأوكسيجين للحياة، ونفسًا حتّى في خضمّ المشاكل وتجعلنا نرى الأشياء على نطاق أوسع. ولكنّها تسمح لنا بشكل خاصّ أن نقوم بخبرة يسوع عينها في نهر الأردنّ: هي تجعلنا نشعر بأنّنا أبناء الآب المحبوبين. لأنّ الآب يقول لنا نحن أيضًا، عندما نصلّي إليه، كما يقول ليسوع في الإنجيل: "أنت ابني الحبيب". وكوننا أبناء قد بدأ في يوم العماد الّذي جعلنا نغوص في المسيح وجعلنا أبناء الآب المحبوبين. فلا ننسينَّ أبدًا تاريخ معموديّتنا! ولنسأل أنفسنا اليوم: كيف تسير صلاتي؟ هل أصلّي من باب العادة، على مضض، فقط من خلال تلاوة بعض الصّيغ أم أنَّ صلاتي هي اللّقاء مع الله؟ هل أُنمّي علاقة حميمة مع الله، وأتحاور معه، وأصغي إلى كلمته؟ من بين الأشياء العديدة الّتي نقوم بها في يومنا، دعونا لا نُهمِلنَّ الصّلاة أبدًا ولنخصّص لها وقتًا ولنستخدم تضرّعات قصيرة يمكننا أن نُكرّرها غالبًا، ولنقرأ الإنجيل يوميًّا. والآن نرفع صلاتنا إلى مريم، العذراء المُصلِّية الّتي جعلت من حياتها نشيد تسبيح لله."

بعد تلاوة صلاة التّبشير الملائكيّ، حيّا البابا فرنسيس المؤمنين وقال: "أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، لقد بلغني بألم أنّه كان هناك ضحايا خلال الاحتجاجات الّتي اندلعت في الأيّام الأخيرة في كازاخستان. أصلّي من أجلهم ومن أجل عائلاتهم، وأتمنّى أن يتحقّق الانسجام الاجتماعيّ في أسرع وقت ممكن من خلال البحث عن الحوار والعدالة والخير العامّ. وأوكل الشّعب الكازاخستانيّ إلى حماية العذراء مريم، ملكة السّلام في أوزيورنويي.

هذا الصّباح، كما هي العادة في أحد عماد الرّبّ، عمَّدت بعض الأطفال، أبناء موظّفي الفاتيكان. أودّ الآن أن تصل صلاتي وبركتي إلى جميع الأطفال الّذين نالوا المعموديّة أو سينالونها خلال هذا الوقت. ليباركهم الرّبّ ولتحمِهم العذراء مريم.

أوصيكم جميعًا: إحفظوا تاريخ معموديّتكم. اليوم الّذي نلتم فيه العماد؛ لا يجب أن تنسوا هذا اليوم أبدًا وعليكم أن تتذكّروه كيوم عيد. ولكم جميعًا أتمنّى أحدًا مباركًا. ومن فضلكم لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي."