الفاتيكان
01 تشرين الأول 2019, 09:30

البابا فرنسيس: الشّباب والمسنّون هم اليقين بالبقاء على قيد الحياة لبلد ما وأمة ما وللكنيسة

"إِنّي غِرتُ عَلى صِهيونَ غَيرَةً عَظيمَة، وَبِغَضَبٍ عَظيمٍ غِرتُ عَلَيها. هَكَذا قالَ الرَّبّ: إنّي قَد رَجَعتُ إِلى صِهيون، وَسَأَسكُنُ في وَسَطِ أورَشَليم"، من هذه الآية في سفر زكريّا، الفصل الثّامن، انطلق البابا فرنسس ليوضح أنّ "محبّة الله لشعبه لا تعرف التّهميش: إنّها كبيرة وكنار تجعلنا أكثر إنسانيّة".

كلام الأب الأقدس جاء خلال ترؤّسه القدّاس الإلهيّ صباح الإثنين، في كابيلا بيت القدّيسة مرتا، فقال: "نجد في القراءة الأولى الّتي تقدّمها لنا اللّيتورجية اليوم علامات واضحة لحضور الرّبّ مع شعبه، حضور يجعلنا أكثر إنسانيّة وأكثر نضوجًا. إنّها علامات وفرة الحياة، وفرة الشّباب والمسنّين الّذين يحرّكون ساحاتنا ومجتمعاتنا وعائلاتنا: علامة الحياة وعلامة احترام الحياة ومحبّتها، علامة تنمية الحياة وهذه هي علامة حضور الله في جماعاتنا وهي أيضًا علامة حضور الله الّذي يُنضِّج شعبًا ما، هذا هو حضور المسنّين. كما نقرأ في سفر زكريا وهذا أمر جميل: "إنَّ الشُّيوخَ وَالعَجائِزَ يَعودونَ يَسكُنونَ في ساحاتِ أورَشَليم، كُلُّ واحِدٍ بِيَدِهِ عَصاهُ مِن كَثرَةِ أَيّامِهِ. وَتَمتَلِئُ ساحاتُ المَدينَةِ بَنينَ وَبَناتٍ يَلعَبونَ في ساحاتِها". هذه هي وفرة الشيخوخة والشباب. وهذه هي العلامة عندما يعتني شعب ما بالمسنين والأطفال ويحافظ عليهم ككنز، هذه هي علامة حضور الله والوعد بالمستقبل!
وتقول نبؤة يوئيل العزيزة على قلبي: "وَيَحلَمُ شُيُوخُكُم أَحلاَمًا، وَيَرَى شَبَابُكُم رُؤًى"، هكذا يكون هناك تبادل متبادل بين الشيوخ والشباب، أمر لا يحصل عندما تسود في حضارتنا ثقافة التهميش، دمار يجعلنا نقتل الأطفال قبل ولادتهم أو يجعلنا نتبنّى معاييرًا كحبس المسنين في بيوت الراحة لأنهم لا ينتجون ويعيقون مسيرة الحياة الطبيعية".
وتابع الأب الأقدس مذكّرًا بقصّة روتها له جدّته تدور أحداثها حول إهمال المسنّين والأطفال، فأضاف: "إنّها قصّة عائلة قرّر فيها الأب أن ينقل الجدّ ليأكل وحده على طاولة في المطبخ وليس مع العائلة لأنّه وإذ شاخ كان قد بدأ يوسِّخ نفسه حين يأكل. وفي أحد الأيّام لدى عودته من العمل إلى البيت وجد الأب ابنه الصّغير يبني طاولة من خشب فسأله الأب عن السّبب فقال له: "لكي تجلس للأكل عليها عندما تشيخ". عندما نهمل الأطفال والمسنّين ينتهي بنا الأمر في نتائج المجتمعات الحديثة المطبوعة بعدم فهم التّقاليد والشّتاء الدّيموغرافيّ.
إنّه لأمر مأساويّ عندما يشيخ بلدٌ ما ولا يوجد فيه أطفال، فأنت لا ترى عربات الأطفال في الشّوارع ولا ترى أيضًا نساء حوامل... وعندما تقرأ أنّ في ذلك البلد أيضًا عدد المتقاعدين هو أكثر من عدد العمال. وكم من البلدان تعيش اليوم هذا الشّتاء الدّيموغرافيّ. من ثمَّ عندما يتمُّ إهمال المسنّين يُفقد التّقليد، التّقليد الّذي ليس متحفًا لأمور قديمة بل هو ضمانة المستقبل، إنّه عصارة الجذور الّذي يسمح للشّجرة بأن تنمو وتزهر وتثمر. وبالتّالي عندما يكون المجتمع عقيمًا من هاتين الجهتين ينتهي به الأمر بشكل مأساويّ. صحيح أنّه بإمكاننا أن نشتري الشّباب اليوم، إذ هناك العديد من الشّركات الّتي تقدّمه تحت أشكال مستحضرات تجميل أو عمليّات جراحيّة ولكن ينتهي الأمر دائمًا بشكل تافه وسخيف.
فما هو إذًا جوهر رسالة الله؟ إنّها ثقافة الرّجاء والّتي تتمثّل بالشّباب والمسنيّن لأنّهم اليقين بالبقاء على قيد الحياة لبلد ما وأمة ما وللكنيسة". وعلّق البابا على ما تعاينه عيناه خلال رحلاته حين يرفع الأهل أولادهم خلال مروره ليباركهم "ويظهرونهم كما ولو كانوا جواهرهم. وعلى هذه الصّورة أن تجعلنا نفكّر، لا يمكنني أن أنسى أبدًا تلك المرأة المسنّة في ساحة ياشي في رومانيا عندما نظرت إليّ وكانت تحمل حفيدها على ذراعيها فأرتني إيّاه كمن يقول: "هذا هو انتصاري!"؛ وهذه الصّورة التي انتشرت في العالم كلّه تحمل معانٍ أعمق من هذه العظة".

 

المصدر: فاتيكان نيوز